دخلت وزارة الجيوش الفرنسية مرحلة جديدة من سباق التسلح في مجال الطائرات من دون طيار "درون"، وفق مجلة "Zone Militaire" الفرنسية المتخصصة في شؤون الدفاع.
وأضافت أن ذلك يتم عبر تقديم دعم مالي لخمسة مشاريع وطنية لتطوير "درون MALE"، متوسطة الارتفاع وطويلة التحمل، الموجهة نحو "العمليات منخفضة الحدة".
واعتبرت المجلة أن هذه الخطوة تعكس تحولًا استراتيجيًا في مقاربة باريس لهذا القطاع الحيوي، بعد سنوات من الإخفاقات في مشاريع أوروبية مشتركة مثل "تالاريون" و"تيليـموس"، والتأخر الكبير في مشروع "يورو درون" الأوروبي.
ويهدف الدعم الحكومي الجديد إلى تعزيز الابتكار المحلي، وردم الفجوة التكنولوجية، وتسريع وتيرة إنتاج طائرات قادرة على تلبية الاحتياجات العملياتية الفورية للقوات المسلحة الفرنسية، مع إمكانات واعدة للتصدير في المستقبل.
وفي مطلع الألفية، بينما كانت القوات الأمريكية ووكالة الاستخبارات المركزية "سي.آي.إيه" تستخدم بشكل مكثف طائرات درون من فئة "MALE"من طراز "بريديتور" لاستهداف الجماعات الإرهابية المرتبطة بتنظيم القاعدة في كل من الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، أدركت عدة دول أوروبية تأخرها الكبير في هذا المجال.
وبناءً على طلب من فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة وإسبانيا، أطلقت شركة "EADS"، التي أصبحت لاحقًا "سبيس وإيرباص ديفانس"، مشروع تطوير الطائرة من دون طيار "درون MALE" المسماة "تالاريون"، لكن المشروع لم يتجاوز مرحلة التصميم على الورق، بحسب مجلة "زون ميليتير" العسكرية الفرنسية.
وبعد توقيع اتفاقيات لانكستر هاوس في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2010، أوكل الفرنسيون والبريطانيون إلى شركتي "BAE Systems" و"داسو للطيران" مهمة تطوير طائرة مسيّرة من نوع MALE تحت اسم "نيليموس"، بهدف امتلاك طائرة عملياتية خلال خمس سنوات، بتكلفة قُدرت حينها بـ500 مليون يورو، لكن المشروع انتهى بدوره إلى الفشل، تمامًا كما حدث مع "تالاريون".
وفي عام 2013، اقترحت شركات "إيرباص" و"داسو للطيران" و"ليوناردو" تطوير طائرة MALE أوروبية مشتركة، تحت اسم MALE RPAS أو "يورودرون".
وبعد سلسلة طويلة من التأجيلات والتعقيدات، تمكّن المشروع أخيرًا من الانطلاق رسميًا تحت إشراف "المنظمة المشتركة للتعاون في مجال التسلح" (OCCAr) في عام 2022.
ومن المنتظر أن تكون هذه الطائرة، التي يبلغ وزنها 11 طنًا، جاهزة للعمليات في عام 2031، وهو موعد يبدو بعيدًا جدًا مقارنة بسرعة التطور التكنولوجي.
وعبر وزير الجيوش الفرنسي، سيباستيان لوكورنو، عن شكوكه حيال هذا التأخير خلال جلسات استماع برلمانية.
وقال أمام لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في مجلس الشيوخ، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي: "من المتوقع أن يتأخر مشروع "يورو درون" لعام كامل، يجب طرح مسألة الغرامات، لا أعرف الأسباب حتى الآن، التحدي الآن هو أن نتسلم طائرة تظل ملائمة من الناحية العملياتية، وسنتعين علينا مناقشة ذلك مع شركائنا".
وأضاف "إما أن نقرر التخلي عن المشروع بشكل أحادي، وقد يكلفنا ذلك بقدر تكلفة تنفيذه نفسه، أو نقرر جماعيًا تطوير البرنامج، لكن في المقابل، إذا لم نتسلم ما طلبناه، فسيكون من الطبيعي أن تتحمل الشركة المعنية غرامات تأخير".
في هذه الأثناء، بدأت شركات فرنسية صغيرة ومتوسطة تطوير طائرات MALE، أشهرها طائرة Aarok من شركة Turgis & Gaillard، التي كشف عنها في يونيو/ حزيران عام 2023، وأصبحت الآن جاهزة لإجراء أول رحلة تجريبية لها.
وجاء هذا التطور بعد أن فازت الشركة بعقد من وزارة الجيوش في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، لدراسة مفهوم "الطائرة المسيّرة القابلة للإصدار، لكنها غير مُصادق عليها".
وفي فبراير/ شباط الماضي، وخلال زيارة إلى مطار Blois-Le Breuil في منطقة "لوار إي شير"، حيث تقع شركة Turgis & Gaillard، أعلن لوكورنو عن نيته إطلاق مبادرة تهدف إلى دعم شركات الطيران الصغيرة والمتوسطة لتطوير طائرات MALE، من خلال منح مالية يتم تمويلها من غرامات التأخير التي تُفرض على الشركات الكبرى التي فشلت في تسليم المشاريع الكبرى المطلوبة للجيش الفرنسي.
وأوضح الوزير أن العقد الذي مُنح لشركة Turgis & Gaillard يدخل ضمن هذا الإطار، قائلًا: "يسمح هذا العقد للشركة بوضع أول لبنة في برنامجها الخاص بطائرات MALE".
ومنذ ذلك الحين، دخلت أربع شركات فرنسية أخرى على خط تطوير هذا النوع من الطائرات.
وفي 17 يونيو/ حزيران، وعلى هامش معرض باريس الدولي للطيران والفضاء في "لوبورجيه"، وقعت وزارة الجيوش اتفاقيات منح مالية مع خمس شركات، من بينها Turgis & Gaillard، لدعم مشاريعها لتطوير طائرات MALE منخفضة الكلفة.
وستستفيد من هذا البرنامج كل من شركات Daher، وFly’R، وSE Aviation، وAura-AERO، وحتى الآن، لم تكشف شركة Daher عن تفاصيل مشروعها.
