وصفت صحيفة "نيويورك تايمز" الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأنه صديق، أكثر منه حليفًا، للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي؛ في إشارة إلى أن الرئيسين تربطهما علاقة خاصة، وصفتها بأنها "نادرة" مبنية على هدف مشترك يتمثل في حماية أوكرانيا والتصدي لروسيا.
وأشارت الصحيفة إلى المشهد الذي ظهر فيه زيلينسكي، وهو يرد على هاتفه في منتصف مؤتمر صحفي عبر الإنترنت أواخر مارس/ آذار، ليقول: "آسف يا إيمانويل؛ لديّ محادثة مع الصحفيين؛ هل يمكنني العودة بعد دقائق؟".
وكان على الطرف الآخر من الهاتف الرئيس الفرنسي، يتصل مباشرةً، وبدا أنه يستطيع الانتظار.
وتابع زيلينسكي: "نعم، من فضلك... شكرًا لك، شكرًا لك يا إيمانويل!... حسنًا، رائع، رائع... وداعًا"، وأخبر الصحفيين بعد أن أغلق الهاتف أنه يتحدث مع ماكرون كل يوم تقريبًا.
تواصل دائم
وبحسب الصحيفة، لم يعد الرجلان يتواصلان عبر القنوات الدبلوماسية الرسمية، بل يتصلان هاتفيًا بشكل مباشر، عبر خطوط آمنة، و"واتساب" و"سيغنال".
ورغم أنه غالبًا ما تكون لمحادثاتهما أجندات، لكنهما يتصلان أحيانًا ببعضهما للاطمئنان على أمر ما أو لتبادل الأفكار؛ ففي بعض الأحيان، كما حدث بعد أن ضرب صاروخ روسي مسقط رأس زيلينسكي، كريفي ريه؛ ما أسفر عن مقتل 19 شخصًا وتحويل ملعب إلى مشرحة مرعبة، يتصل ماكرون ببساطة من باب القلق والصداقة.
وأشارت الصحيفة، وفقًا للعديد من الأشخاص الذين تمت مقابلتهم، إلى أن الرئيس الفرنسي يعتبر زيلينسكي قائدًا شجاعًا يجسد المقاومة الأوكرانية، وهو صريح وحازم.
وفي المقابل فإن زيلينسكي، الذي غالبًا ما ينادي ماكرون باسمه الأول خلال خطاباته، يعتبر الرئيس الفرنسي شخصًا يفي بكلمته، وسيدافع عن مصالح كييف ويساعده في التعامل مع العلاقات الصعبة مع القادة الأجانب مثل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
علاقة نادرة
وقالت أليس روفو، المديرة العامة للعلاقات الدولية والاستراتيجية في وزارة الدفاع الفرنسية، التي شغلت منصب نائبة المستشار الدبلوماسي للسيد ماكرون حتى العام 2022، "ماكرون وزيلينسكي يتمتعان بعلاقة نادرة من الثقة والمساءلة".
ولفتت الصحيفة إلى أن ماكرون كان مهتمًا بدعوات زيلينسكي لتوحيد بلاده، وتقريبها من أوروبا، وإنهاء الحرب مع روسيا، التي بدأت بضم شبه جزيرة القرم غير الشرعي العام 2014.
ومنذ خوضه انتخابات الرئاسة في 2019، أعجب ماكرون بأسلوب الأوكراني المباشر والحيوي، الذي كان يعكس أسلوبه الخاص؛ حيث كان كلاهما آنذاك يبلغ من العمر 41 عامًا، ووُلدا بفارق شهر واحد فقط.
ونوهت إلى أن نقطة التحول في علاقة ماكرون، الذي لم يقطع علاقته ببوتين في بدايات الحرب، وزيلينسكي قد تكون بدأت مع زيارة الرئيس الفرنسي لكييف بعد 4 أشهر من الحرب.
أكثر من حليف
وأردفت الصحيفة أنه منذ عودة الرئيس ترامب إلى السلطة في واشنطن، أثبت ماكرون أنه قناة اتصال ومترجم مهم بين الرئيس الأمريكي وزيلينسكي.
وبعد زيارة زيلينسكي الكارثية إلى البيت الأبيض في فبراير/ شباط، تحدث ماكرون مع الزعيمين هاتفيًا، وساهم في بناء تقارب دقيق بينهما، وفقًا لمستشاريهما.
وفي الأشهر الأخيرة، تغير مسار ومحتوى المحادثات بين زيلينسكي وماكرون، وفقًا لدبلوماسيين مقربين من ماكرون؛ فبدلًا من مناقشة الإمدادات العسكرية، يناقشان الآن خطط وقف إطلاق النار، سواء في ساحة المعركة أو مع البيت الأبيض.
وقال برنارد هنري ليفي، المثقفُ الفرنسيُّ الذي يعرفُ كلا الزعيمين: "ماكرون أصبح أكثر من مجرد حليف لزيلينسكي؛ أعتقد أنه أصبح صديقًا".