في خطوة تُعد الأولى من نوعها منذ عام 2019، أعلن قصر الإليزيه غياب الرئيس إيمانويل ماكرون عن قمة المناخ COP29 في باكو، أذربيجان.
ويأتي هذا القرار على خلفية توتر العلاقات بين باريس وباكو، بسبب الدعم الفرنسي لأرمينيا في مواجهة الهجوم الأذربيجاني الأخير على إقليم ناغورنو كاراباخ.
ورغم دعوات المقاطعة التي تصاعدت من شخصيات سياسية فرنسية بارزة، ستظل فرنسا حاضرة في القمة عبر وزيرة الانتقال البيئي، ما يعكس التزام باريس بالمفاوضات المناخية.
بدوره، علّق ول ديبريه، المحلل السياسي الفرنسي بمعهد الدراسات الدولية الفرنسي، لـ"إرم نيوز" على غياب ماكرون عن القمة بأنه "موقف رمزي قوي" في مواجهة سياسات أذربيجان، مضيفاً: "إنه يظهر بوضوح رفض فرنسا لدعم نظام أذربيجان وسياساته التي تتناقض مع المبادئ الإنسانية".
ومن جانبها، قالت كلير لافيل، خبيرة اقتصادية بمركز دراسات التنمية المستدامة، لـ"إرم نيوز"، إن تأثير غياب ماكرون قد يمتد إلى طاولة المفاوضات، حيث تُعتبر فرنسا من الدول المؤثرة في دفع الدول المتقدمة لزيادة التمويل الموجه للدول النامية.
وأضافت لافيل: "تسعى فرنسا لتحقيق زيادة في الدعم المالي المناخي، لأن العالم يحتاج إلى التزامات مالية تتجاوز 100 مليار دولار لدعم الدول النامية في مكافحة آثار التغير المناخي".
ويعكس غياب الرئيس الفرنسي عن قمة المناخ في باكو تعقيدات العلاقات الدبلوماسية بين فرنسا وأذربيجان. وعلى الرغم من غياب القيادة الفرنسية عن قمة هذا العام، تواصل باريس التزامها بقضايا المناخ العالمية، مؤكدةً دورها في الدفاع عن اتفاقية باريس والمفاوضات الدولية.
يأتي قرار غياب ماكرون عن القمة في سياق تصاعد التوتر بين باريس وباكو، لا سيما بعد دعم فرنسا للموقف الأرمني وإدانتها للهجوم الأذربيجاني على ناغورنو كاراباخ في سبتمبر 2023.
وأدى هذا التدخل الأذربيجاني إلى تهجير نحو 120 ألف مدني أرمني؛ مما دفع فرنسا إلى تقديم دعم عسكري وسياسي لأرمينيا.
في المقابل، لجأت أذربيجان إلى تشجيع حركات الاستقلال في الأقاليم الفرنسية الخارجية، مما عزز من الخطاب المناهض لفرنسا في وسائل الإعلام الأذربيجانية.
وجاءت دعوات المقاطعة من عدة شخصيات سياسية في فرنسا، من بينهم رئيسة بلدية باريس آن هيدالغو، ورئيس منطقة أوفيرني-رون ألب لوران فوكوييه، والنائب عن حزب الخضر يانيك جادو.
وطالب هؤلاء الحكومة الفرنسية بمقاطعة قمة COP29 كخطوة رمزية لدعم حقوق الأرمن، مؤكدين على ضرورة "الإفراج الفوري عن الرهائن الأرمن، وتأمين عودة اللاجئين النازحين، واحترام وحدة الأراضي الأرمنية".
ورغم غياب ماكرون، ترفض فرنسا "سياسة الكرسي الفارغ"، حيث أكدت وزيرة الانتقال البيئي أنييس بانييه-روناشيه على مشاركتها في المراحل النهائية للمفاوضات، مشيرةً إلى أن "قمة COP29 تعد منبرًا دوليًا يضم جميع دول العالم للتفاوض حول قضايا المناخ، وعلينا الحفاظ على دورنا القيادي في تعزيز اتفاقية باريس للمناخ".
تتطلع فرنسا والاتحاد الأوروبي إلى تعزيز التعاون المناخي وزيادة المساعدات المالية للدول النامية لمواجهة تغير المناخ، وسط تخوفات من أن تؤثر التغيرات السياسية العالمية، مثل عودة محتملة لدونالد ترامب، على التزام الدول المتقدمة تجاه الأهداف المناخية.
