تصاعد الجدل في إيران بشأن إمكانية استئناف التفاوض المباشر مع الولايات المتحدة، بعد تصريحات للرئيس الأمريكي دونالد ترامب دعا فيها إلى إبرام اتفاق نووي جديد مع طهران.
وبينما يرى دبلوماسيون سابقون أن الوقت قد حان لحوار مباشر، يصرّ نواب محافظون على رفض أي تفاوض لا يحظى بموافقة القيادة العليا في البلاد.
وقال ترامب في منشور عبر منصته "تروث سوشال" إن الولايات المتحدة لا تسعى إلى تدمير إيران.
وأضاف أنه يفضل التوصل إلى "اتفاق سلام نووي حقيقي" يسمح لطهران بالنمو والتطور السلمي، ودعا إلى بدء مفاوضات مباشرة "على الفور"، مقترحا إقامة "احتفال كبير في الشرق الأوسط" عقب التوصل إلى اتفاق.
لكن في طهران، تباينت الآراء بشأن هذا الطرح والشروط التي تريدها إيران.
وقال الدبلوماسي الإيراني السابق فريدون مجلّسي، إن "إيران تمرّ بمرحلة حساسة، ولا يمكن تجاوزها دون الدخول في مفاوضات مباشرة".
وأكد مجلسي وهو مفاوض سابق في الملف النووي لـ"إرم نيوز"، أن "ما يُسمى بالتفاوض غير المباشر ليس أكثر من مضيعة للوقت، وإن الحل يكمن في المواجهة المباشرة مع المشكلات".
وأضاف أن "أهم شروط طهران للتفاوض، هو اقتصار المفاوضات على الملف النووي وفق الاحترام المتبادل دون شروط مسبقة".
وأشار مجلسي، إلى أن "الأوضاع الاقتصادية المتأزمة، بما في ذلك ارتفاع سعر صرف الدولار إلى 100 ألف تومان، ناجمة إلى حدّ كبير عن حالة الجمود في السياسة الخارجية".
في المقابل، عبّر النائب المتشدد جبار كوجكي نجاد، عن رفضه للتفاوض المباشر مع الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن "موقف القيادة الإيرانية واضح بهذا الخصوص".
وقال نجاد لـ"إرم نيوز": "التفاوض المباشر غير مطروح، إلا إذا وافق عليه مجلس الأمن القومي وتمت المصادقة عليه من قبل المرشد الأعلى، وذلك لأن الولايات المتحدة لا تزال عدوا لإيران".
وأضاف أن "المفاوضات غير المباشرة ممكنة، بشرط ألا تكلفنا ثمنا باهظا، وعلى الفريق الإيراني أن يحذر من الوقوع في فخ التنازلات".
بدوره، أشار المحلل السياسي الإيراني وأستاذ العلوم السياسية بجامعة طهران، أحمد المذحجي، إلى أن "كل الدلائل تشير إلى رغبة الولايات المتحدة في الدخول بمفاوضات مباشرة مع إيران، في حين لا تزال طهران تفضل الحوار غير المباشر".
وأضاف المذحجي لـ"إرم نيوز"، أن "بعض المؤشرات غير الرسمية من داخل إيران تفيد بأن طهران قد لا تمانع الانتقال إلى مفاوضات مباشرة إذا ما تقدمت المفاوضات غير المباشرة بشكل إيجابي".
وتابع: "النقاش حول آلية التفاوض – مباشرة أو غير مباشرة – ليس جوهريا؛ إذ إن ما يهم هو النتائج وليس الشكل. لا ينبغي ربط المصلحة الوطنية بطريقة التفاوض، بل بالنتيجة النهائية لها".
وأكد أن "الجدل المتكرر حول الشكل يُضعف التركيز عن جوهر القضايا".
وحول مسألة "الضمانات وشروط إيران"، أوضح المذحجي أنه "في الحقيقة لا توجد ضمانات حقيقية؛ حتى الاتفاقات الموقعة قد تُلغى كما فعل ترامب سابقا، والمهم هو تحقيق توازن بين ما تطلبه أمريكا وما تقدمه في المقابل لإيران، وهو ما يُعزز من احتمالات الالتزام بالتفاهمات"، وفق قوله.
وأضاف: "ما لم يتحقق هذا التوازن، فلا الكونغرس الأمريكي ولا مجلس الشورى الإيراني (البرلمان) ولا حتى قرارات مجلس الأمن يمكن أن تضمن تنفيذ أي اتفاق".
وأشار إلى أن التصعيد العسكري الأمريكي في المنطقة يتزامن مع دعوات للحوار.
واعتبر المذحجي، أن "الولايات المتحدة تعتمد حاليا على استراتيجية الضغط المزدوج: العسكري والدبلوماسي، وهي جاهزة لكلا الخيارين – المفاوضات أو المواجهة لكن ترامب يفضل تحقيق التفاهمات عبر الضغط والقوة، كما يفعل في الملف التجاري مع الدول الأخرى".
بدوره، حذر أستاذ العلاقات الدولية سينا عضدي، من الاستخفاف بالتهديدات العسكرية الأمريكية ضد إيران، مشيراً إلى أن نجاح المحادثات غير المباشرة قد يفتح الباب أمام مفاوضات مباشرة.
وقال عضدي في تصريحات نقلتها وكالة إيلنا الإيرانية "لست متأكداً من أن الولايات المتحدة، وتحديدا إدارة ترامب، ستقبل بخيار التفاوض غير المباشر، فالرئيس الأمريكي يحب الظهور الإعلامي ويحرص على تصوير نفسه كمفاوض بارع أبرم صفقة ناجحة".
وشدد على ضرورة أن تتعامل إيران بجدية مع التهديدات العسكرية الأمريكية.
وتحدث عضدي عن احتمال "شن إسرائيل هجوما على إيران؛ ما قد يدفع الولايات المتحدة إلى الانجرار إلى مواجهة شاملة في المنطقة.
وقال رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقري، إن ترامب تلقى "ردا لائقاً" من المرشد الأعلى علي خامنئي.
ونقل موقع جماران عن باقري قوله: "في الرد الإيراني على رسالة ترامب، تم التأكيد على أن إيران تسعى إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة... كما أُشير إلى أن طهران لا تسعى لامتلاك أسلحة نووية، بل تسعى فقط لتلبية احتياجات شعبها في المجال النووي السلمي".
وأشار باقري إلى أن طهران "لن تجري مفاوضات مباشرة، لكن لا مانع لدينا من المفاوضات غير المباشرة".