إعلام سوري: انفجار سيارة في حلب وأنباء عن سقوط قتلى ومصابين
في خطوة جريئة قد تُحدث تحولًا جذريًا في مسار الحرب الروسية الأوكرانية، كشف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن مشاورات مع بريطانيا وكييف حول إمكانية إرسال قوات إلى أوكرانيا.
وفي حديث لصحيفة "لو باريزيان" الفرنسية، قال ماكرون إن بلاده تُجري مشاورات مكثفة مع شركائها بشأن إمكانية إرسال قوات إلى أوكرانيا، مشيرًا إلى أن قادة الجيوش في بريطانيا وفرنسا وأوكرانيا يعملون على تنسيق استراتيجي متقدم.
وتُعد هذه التصريحات الأكثر صراحة منذ بدء الحرب، وتُظهر رغبة فرنسية في التحول من الدعم السياسي والعسكري غير المباشر إلى التورط الميداني المباشر، وذلك تزامنًا مع زيارة قام بها إلى كييف برفقة زعماء بريطانيا وألمانيا وبولندا، وأجرى مكالمة هاتفية مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وفي تطور لافت، أعلنت الدول الأوروبية دعمها لوقف إطلاق نار إنساني غير مشروط لمدة 30 يومًا، وهو ما يعكس تناقضًا واضحًا بين الرغبة في الهدنة والسعي لإرسال قوات أجنبية إلى الأراضي الأوكرانية.
ونقلت وكالة "سبوتنيك" الروسية، مساء الأحد، عن الكرملين تأكيده رفض فكرة نشر قوات «حفظ سلام» أوروبية في أوكرانيا.
وأضافت الوكالة عبر منصة "إكس" أن الكرملين شدد على أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يبذل كل جهد ممكن من أجل تسوية القضية الأوكرانية بالوسائل الدبلوماسية.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد حذر -في شباط/ فبراير الماضي- من أن أي نشر لقوات أوروبية أو أمريكية في أوكرانيا سيُعد دخولًا مباشرًا في الحرب، مؤكدًا أن بلاده لن تتردد في الرد باستخدام جميع الوسائل المتاحة.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في تصريحات سابقة، إن موسكو ترى في أي وجود عسكري للناتو أو شركائه في أوكرانيا استفزازًا خطيرًا سيُقابل برد فوري.
هذه التصريحات، وإن صدرت قبل أشهر، تكتسب الآن أهمية متجددة مع الطرح الفرنسي الجديد، وتفتح الباب أمام تصعيد روسي محتمل قد يشمل استهدافًا مباشرًا لأي وجود عسكري أوروبي في الميدان.
غياب الرؤية الاستراتيجية
وأكد الخبراء أن الموقف الأوروبي تجاه أوكرانيا يتسم بالتناقض وغياب الرؤية الاستراتيجية، حيث تتغير مواقف العواصم الأوروبية بتغير المزاج الأمريكي.
وبحسب تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز"، فإن بريطانيا ليست حليفًا موثوقًا، وفرنسا تتورط في تحركات أكبر من قدراتها، في ظل رفض ألماني وتردد بريطاني، ما يضع باريس في موقع استراتيجي حرج داخل أوروبا.
وأضاف الخبراء أن تصريحات ماكرون بشأن نشر قوات أوروبية في أوكرانيا تمثل تصعيدًا مباشرًا يهدف إلى استفزاز روسيا، وتكشف عن مشروع غربي لإطالة أمد الحرب، في ظل تجاهل كامل للعواقب السياسية والإنسانية.
قال كارزان حميد، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الأوروبية، إن الموقف الأوروبي والبريطاني تجاه أوكرانيا يتسم بالغموض وتضارب الآراء، ويتغير باستمرار تحت تأثير مواقف الحليف الأمريكي، خصوصًا في ظل إدارة الرئيس دونالد ترامب.
دعوة فرنسية وموقف أوروبا
وأوضح حميد لـ"إرم نيوز" أن دعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإرسال قوات أوروبية إلى أوكرانيا ليست جديدة، إذ سبق أن طالب قبل عام القادة الأوروبيين بأن "يكونوا شجعانًا" في مواجهة روسيا.
وتابع الخبير في الشؤون الأوروبية: "عند دراسة المواقف الأوروبية بشكل فردي، نجد أن دولًا مثل المملكة المتحدة تحاول فرض أجندتها عبر أدوات أوروبية، خاصة وأن بروكسل تذعن لكل ما يصدر عن لندن سياسيًا وعسكريًا، ولكن في واقع الأمر، بريطانيا ليست حليفًا يُعتمد عليه، بل مجرد صدى بلا مضمون".
وأشار كارزان حميد إلى أنه لأكثر من ثلاث سنوات، دعمت أوروبا سياسة التصعيد الأمريكي ضد روسيا، ثم ما لبثت أن أيدت دعوات واشنطن للسلام عند تغيّر المزاج الأمريكي، واليوم، تطالب الدول ذاتها بمفاوضات غير مشروطة، بعد أن كانت تهدد بالعقوبات وترحب بإرسال قوات عسكرية لدعم كييف.
وشدد المحلل السياسي على أن هذا التناقض يكشف ضعف الدبلوماسية الأوروبية وغياب رؤية استراتيجية للقضايا المصيرية، خاصة وأن باريس وحدها تورطت في مبادرات لم تدرك آثارها، وسط رفض ألماني وتردد بريطاني، مما أدى إلى ارتباك في الموقع الفرنسي داخل أوروبا.
واستطرد الخبير في الشؤون الأوروبية قائلًا: "كل المحادثات حول دعم أوكرانيا لتحطيم روسيا ستتوقف بمجرد اقتراب أي مفاوضات جدية، لأن المال والطاقة هما العامل الحاسم، وأن أوروبا كانت تعتمد على الطاقة الروسية الرخيصة لإنعاش اقتصادها، ولن تتخلى عن هذه الحقيقة بسهولة".
وأكد أن هناك احتمالية للتوصل إلى اتفاق مستقبلي على نشر قوات أوروبية في أوكرانيا تحت غطاء اتفاقيات تجارية تُخفي خلفها ملفات عسكرية، خاصة وأن الأوروبيين يعيدون النظر في خياراتهم بعد ظهور التفوق العسكري الصيني، وأي خطوة أوروبية دون غطاء أمريكي مباشر، لن تُكتب لها الاستمرارية، بل قد تعقد فرص التوصل إلى حلول حقيقية.
أسس الأمن الأوروبي
من جانبه، قال ديميتري بريجع، مدير وحدة الدراسات الروسية في مركز الدراسات العربية الأوراسية، إن تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن محادثات مع لندن وكييف لنشر قوات أوروبية في أوكرانيا تكشف طبيعة المشروع الغربي الذي لا يسعى إلى إنهاء الحرب، بل إلى إطالة أمدها وتحويلها إلى صراع مفتوح متعدد الجبهات.
وأضاف بريجع لـ"إرم نيوز" أن هذه التصريحات تمثل تصعيدًا مباشرًا واستفزازًا واضحًا لموسكو، يتعارض مع أسس الأمن الأوروبي، ويهدد بإشعال مواجهة شاملة بين روسيا وحلف الناتو.
وأوضح أن فرنسا التي تدّعي الدفاع عن السلام، تتجاهل تمامًا العواقب الإنسانية والسياسية لتورطها العسكري المحتمل، وتستخف بخطورة الانزلاق إلى صدام مباشر.
وأكد مدير وحدة الدراسات الروسية أن ماكرون لا يتحدث عن مبادرات سلام أو دعم إنساني، بل عن إرسال قوات ميدانية، أي ما يشبه الاحتلال بالوكالة، وهو ما يمنح روسيا الحق في تعزيز وجودها العسكري واتخاذ خطوات دفاعية صارمة.
وتابع: "في مقابل المغامرات الغربية، تبرز موسكو كقوة مسؤولة تدافع عن التوازن الدولي، وفي الوقت نفسه تحاول عواصم أوروبية أن تُظهر عجزها عن التعامل مع أزماتها الداخلية، فتسعى لتصديرها خارجيًا".
وأوضح ديميتري بريجع أن التصعيد الفرنسي يعكس أزمة بنيوية في النظام الأوروبي، ويؤكد أن أي تحرك عسكري منفرد تجاه أوكرانيا، دون تنسيق مباشر مع واشنطن، لن يُحقق أي نتائج ملموسة، بل سيزيد من تعقيد المشهد الجيوسياسي في المنطقة.