logo
العالم

غليان في البلقان.. هل يتدخل ترامب لتهدئة "حديقة الأطلسي"؟

غليان في البلقان.. هل يتدخل ترامب لتهدئة "حديقة الأطلسي"؟
رئيسا كوسوفو وصربيا وترامبالمصدر: الإنترنت
26 أغسطس 2025، 1:43 م

مع مرور سنوات من الجمود في العلاقات بين كوسوفو وصربيا، تبرز البلقان مرة أخرى كمنطقة حساسة على خريطة الأمن الأوروبي، وتجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة، التي ساعدت على تشكيل الوضع السياسي في المنطقة منذ ثلاثين عامًا، تمتلك اليوم فرصة غير مستغلة لإعادة التأكيد على نفوذها، بينما يظل الاتحاد الأوروبي عاجزًا عن كسر الجمود السياسي بين الطرفَين.

وبحسب تقريرٍ حديث نشره "المجلس الأطلسي"، فإن البلقان تتمركز  في مفترق طرق جيوسياسي مهم، يُتيح لكلٍّ من روسيا والغرب الفرصة لتعزيز نفوذهما؛ فالجمود الحالي بين كوسوفو وصربيا لم يترك آثارًا اقتصادية واجتماعية على المدنيين فحسب، بل أعطى أيضًا موسكو إمكانية لعب دور "المخرب" في حديقة حلف شمال الأطلسي، مع تهديد استقرار الأسواق والاستثمارات الغربية، ولذلك فإن استمرار الوضع الراهن يزيد فرص استخدام الانقسامات العرقية والسياسية لإضعاف التماسك الأمني الإقليمي.

الاتحاد الأوروبي، رغم قيادته الحوار بين كوسوفو وصربيا منذ عام 2011، فشل في تحقيق اختراقٍ ملموس،  الاتفاقيات التي تم التوصل إليها على الورق بقيت دون تطبيق على الأرض، حيث أسهمت الانقسامات الداخلية ونقص الإرادة السياسية في كلٍّ من بلغراد وبريشتينا في استمرار الجمود؛ ما يقوض مصداقية الاتحاد الأوروبي في المنطقة.

أخبار ذات علاقة

قوات أمن كوسوفو "كفور"

تصاعد التوتر بين كوسوفو وصربيا و"الناتو" يرفض التدخل

 
دور الولايات المتحدة وإمكانية تدخل ترامب


ويرى التقرير أن الولايات المتحدة، مع امتلاكها أدوات ضغطٍ قوية من خلال الدعم العسكري والاقتصادي، يمكنها أن تلعب دورًا حاسمًا في دفع الحوار إلى الأمام؛ فتصريحات ترامب الأخيرة عن دوره في وساطات سابقة قد تشير إلى رغبة محتملة في إعادة دخول المنطقة ضمن إستراتيجياته الخارجية، خاصة بعد نجاحه في وساطات مشابهة بين أرمينيا وأذربيجان، كما أن حضور واشنطن القوي قد يوفر خريطة طريق لكسر الجمود، خصوصًا إذا تم التعامل مع الملف بشكل إستراتيجي بعيدًا عن الصور الإعلامية.

يمكن لترامب أن يستغل موقع الولايات المتحدة كفاعل قادر على التحفيز وضمان التنفيذ، من خلال الضغط على الطرفين لإبرام اتفاق شامل وملزم قانونيًّا، فالاتفاقيات السابقة أظهرت أن الحلول الرمزية أو المؤقتة لا تنجح، وأن أي تقدم حقيقي يجب أن يركز على الاعتراف المتبادل، وتطبيق القرارات على الأرض، وتقديم حوافز اقتصادية وسياسية لضمان الالتزام.

أخبار ذات علاقة

دونالد ترامب

يورونيوز: ترامب يُربك كوسوفو بتدخل "مفاجئ"

 
وفي السياق ذاته، فإن أي تدخل أمريكي مدروس يمكن أن يعيد التوازن في البلقان لمصلحة الغرب، ويقلل نفوذ روسيا في المنطقة، كما أن دعم استقرار كوسوفو وصربيا يعزز قدرة الناتو على التأثير في جنوب شرق أوروبا، ويضمن حماية خطوط الإمداد والاستثمارات الغربية، إضافة إلى ذلك، المشاركة الأمريكية الفاعلة تخلق نموذجًا يمكن تطبيقه على نزاعات طويلة الأمد في مناطق أخرى، مع إبراز واشنطن كضامن للاستقرار الإقليمي.

ويرى خبراء أن النجاح في هذا الملف يتطلب من الولايات المتحدة أن تتبنى نهجًا متكاملًا يجمع بين الضغط السياسي والضمانات الأمنية والاقتصادية، وأيُّ اتفاقٍ ناقص أو مؤقت لن يحقق الأمن والاستقرار، بل سيؤجل المشكلة للإدارات المقبلة، فالتركيز يجب أن يكون على حلول إستراتيجية تعزز سيادة كوسوفو، وتسمح لصربيا بالمشاركة الإيجابية في النظام الإقليمي، مع دمج الاتفاق في الإطار الأوروبي والأطلسي لضمان الالتزام الطويل المدى.

وبحسب الخبراء، فإن البلقان ليست مجرد قضية ثانوية على جدول السياسة الخارجية الأمريكية، بل منطقة محورية في الأمن الأوروبي والنفوذ الجيوسياسي، ولذلك فإن تدخل ترامب، إذا جاء مدروسًا ومدعومًا بالضغوط والأدوات الصحيحة، قد يكون فرصةً لإعادة تشكيل التوازن السياسي والعسكري، وتحقيق استقرار طويل الأمد في منطقة لطالما شكلت بؤرة للتوترات بين الشرق والغرب، ولذلك فإن الإستراتيجية الأمريكية في كوسوفو وصربيا لن تُحدِّد مستقبل المنطقة فحسب، بل قدرة واشنطن على فرض سياسات أمنية فعالة في أوروبا الجنوبية.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC