يرى تقرير لمجلة "ناشيونال إنترست" أن التحالف بين روسيا وكوريا الشمالية أصبح مصدر قلق دولي، خاصة مع نقل موسكو تكنولوجيا نووية متقدمة تساعد بيونغ يانغ على تطوير غواصات قادرة على حمل صواريخ نووية.
ويتسارع هذا التعاون الذي بدأ منذ توقيع معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة في يونيو/ تموز 2024، ليشمل التزامات دفاعية متبادلة وتبادل تكنولوجيا عسكرية، مقابل دعم كوريا الشمالية لروسيا في حربها المستمرة في أوكرانيا.
ووفقاً لتقارير استخباراتية، فإن هذا التحالف لم يعد مجرد تبادل أسلحة تقليدية، بل امتد إلى مجالات حساسة مثل برنامج الغواصات النووية، مما ينذر بانتهاء الوضع الراهن في أوراسيا وتعزيز قدرات كوريا الشمالية البحرية.
وبدأت الشراكة الاستراتيجية بين موسكو وبيونغ يانغ تكتسب زخماً بعد توقيع المعاهدة، التي تضمنت وعوداً بالدفاع المشترك، في مقابل ذلك، قدّمت كوريا الشمالية دعماً حيوياً لروسيا في أوكرانيا، بما في ذلك توفير صواريخ وذخيرة وقذائف مدفعية، إضافة إلى إرسال ما يصل إلى 10 آلاف جندي للمشاركة في القتال.
وجاء هذا الدعم كرد على احتياجات روسيا الملحة، وسط عزلتها الدولية بسبب الحرب مع أوكرانيا، وفي الاتجاه المعاكس، بدأت روسيا في مساعدة كوريا الشمالية على تعزيز برنامجها العسكري، خاصة في مجال الغواصات.
وتشير تقارير استخبارات كوريا الجنوبية إلى أن روسيا زودت كوريا الشمالية بوحدتين أو ثلاث وحدات من مفاعلات الغواصات خلال النصف الأول من عام 2025.
وتشمل هذه الوحدات مكونات أساسية مثل أنوية المفاعلات، التوربينات، وأنظمة التبريد، مستمدة من غواصات روسية نووية تم إيقاف تشغيلها. وجاء هذا النقل بعد طلبات متكررة من بيونغ يانغ منذ العام الماضي، حيث ترددت موسكو في البداية لكنها وافقت في النهاية كجزء من صفقة المقابل.
كما يُعتقد أن روسيا تساعد في أنظمة الصواريخ الباليستية التي تُطلق من الغواصات، وتقنيات بحرية أخرى، مما يمكن كوريا الشمالية من تطوير غواصات مسلحة نووياً.
وكانت تحليلات سابقة من العام الماضي، أشارت إلى تأثير روسي في تصميمات الغواصات الكورية الشمالية، مثل تعديلات على محركات الديزل وبناء سفن حربية أكثر تطوراً.
ووفق "ناشيونال إنترست"، يتناسب هذا التعاون مع أهداف كوريا الشمالية طويلة الأمد في بناء أسطول غواصات نووية موثوق، لمواجهة التفوق البحري الأمريكي والكوري الجنوبي.
وأعطى الزعيم كيم جونغ أون أولوية لتحديث البحرية، بما في ذلك إطلاق غواصة تكتيكية مسلحة نووياً في 2023، بناء على تصاميم روسية معدلة، أما بالنسبة لموسكو، فإن هذه الشراكة توفر موارد حربية حيوية، وتوسع نفوذها في آسيا وسط عزلتها عن الغرب.
كما تشمل الصفقة مساعدة روسيا لكوريا الشمالية في التهرب من العقوبات الدولية، وتعزيز قدراتها النووية الشاملة، مثل الأسلحة النووية التكتيكية منخفضة القوة.
ويحذّر الخبراء من أن التكنولوجيا الروسية ستسرّع قدرة كوريا الشمالية على نشر غواصات أطول مدى وأكثر سرية، قادرة على حمل صواريخ نووية، مما يضع أهدافاً عالمية أكثر في متناولها ويعقد الردع الإقليمي.
وقد يشكّل هذا انتهاكاً لمعاهدة حظر الانتشار النووي، مما يؤدي إلى عقوبات جديدة، رغم أنها فشلت في وقف روسيا عن الحرب أو إخضاع كوريا الشمالية، التي تعتبر أكثر الشعوب تعرضاً للعقوبات.
وكما أن هذا التحالف، الناتج عن حرب أوكرانيا المستمرة، يؤثر على خطوط المواجهة في أوروبا، فهو أيضاً يُزعزع توازن القوى في شبه الجزيرة الكورية، وقد يؤدّي إلى هيمنة عسكرية شمالية، خاصة مع نأي الحكومة الكورية الجنوبية الجديدة عن واشنطن.