logo
العالم

الأولى منذ بدء الحرب في أوكرانيا.. ما الذي تعنيه زيارة بوتين للهند؟

ناريندرا مودي وبوتينالمصدر: منصة إكس

تأتي زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الهند في 4 و5 ديسمبر/كانون الأول 2025 في لحظة جيوسياسية حرجة، وسط استمرار الحرب الروسية في أوكرانيا والعزلة الغربية المفروضة على موسكو. 

وعلى الرغم من أن القمم السنوية بين الهند وروسيا استؤنفت في يوليو/تموز 2024 بعد انقطاع دام عامين، فإن زيارة بوتين الحالية تمثل أول تواصل رفيع المستوى منذ بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا، والأولى منذ عام 2021، ما يعكس أهمية الهند كشريك استراتيجي ثابت لموسكو في ظل العقوبات الغربية وتغير موازين القوى العالمية.

من المقرر أن يلقي بوتين كلمة في المنتدى السنوي لروسيا والهند، ويشارك في القمة الثالثة والعشرين التي تمثل أعلى منصة للحوار السياسي والتعاون الاقتصادي والدفاعي بين البلدين. 

وتشمل أجندة الزيارة تعزيز التعاون الدفاعي والطاقة والمشاريع النووية المدنية، وتنويع التجارة الثنائية، بما يعكس مدى اتساع شراكة "خاصة ومتميزة" تمتد إلى مجالات سياسية واقتصادية وعلمية وتقنية وثقافية، بحسب صحيفة "يوراسيان تايمز".

شراكة تاريخية 

تمتد العلاقة بين الهند وروسيا لعقود، وتُعتبر من أكثر الشراكات ثباتًا في العالم بعد الحرب العالمية الثانية، وفقًا لتصريحات المسؤولين الهنود.

أخبار ذات علاقة

الرئيس الروسي بوتين ورئيس الوزراء الهندي مودي

ترامب يضغط وبوتين يناور.. الهند تحاول النجاة من انهيار توازنها الجيوسياسي

 فمنذ استقلال الهند، شكلت روسيا مصدرًا رئيسيًا للمعدات الدفاعية والخبرة التقنية والدعم الدبلوماسي، وبرزت هذه العلاقة خلال الأزمات الكبرى، بما في ذلك حرب 1971 التي أسست بنغلاديش، حيث قدم الاتحاد السوفيتي دعمًا استراتيجيًا حاسمًا للهند.

وتظل الشراكة الهندية الروسية قائمة على أسس قوية من الثقة المتبادلة والتخطيط طويل الأمد، وهو ما يسمح للهند بالاستفادة من التعاون الدفاعي والتكنولوجي بعيد الأجل دون الانخراط في شروط سياسية مقيدة.

وفي ظل العقوبات الغربية على روسيا، تتيح هذه الشراكة للهند الاستمرار في الحصول على أنظمة دفاعية حيوية مثل منصة S-400، واستكشاف تكنولوجيا S-500 المستقبلية، إلى جانب الحفاظ على استقلالية القرارات الاستراتيجية، ما يجعل موسكو شريكًا موثوقًا في بيئة جيوسياسية متقلبة.

موازنة النفوذ الصيني

تتجاوز الشراكة الهندية الروسية العلاقات الثنائية، لتشكل أداة جيوسياسية استراتيجية في مواجهة التوسع الصيني.

تلعب الهند في آسيا الوسطى، دورًا متوازنًا، مدعومة من موسكو، في منطقة تشهد تنامي نفوذ بكين، كما أسهم الدعم الروسي في حصول الهند على عضوية كاملة في منظمة شنغهاي للتعاون عام 2017. 

أخبار ذات علاقة

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي

مصادر: الهند تعتزم مناقشة صفقة أسلحة مع روسيا خلال زيارة بوتين

وعلى صعيد آخر، تسعى موسكو لتعزيز الوجود الهندي في القطب الشمالي، في ظل توسع اهتمام الصين بالمنطقة، بما يعكس رغبة روسيا في الحفاظ على دورها الاستراتيجي بعيدًا عن الهيمنة الصينية.

يشمل التعاون العسكري والتكنولوجي مبادرات مثل ممر تشيناي-فلاديفوستوك البحري، الذي يربط الساحل الهندي بالشرق الأقصى الروسي، ويعزز الاتصال البحري والتجارة والمشاركة الجغرافية الاستراتيجية. 

كما تمتد الشراكة إلى المؤسسات العالمية مثل مجموعة البريكس ومجموعة العشرين، مما يعكس الالتزام المشترك بنظام عالمي متعدد الأقطاب. 

وبالرغم من الحرب المستمرة في أوكرانيا، تتيح هذه الشراكة للهند الحفاظ على مساحة استراتيجية واسعة، وتنويع الشراكات دون الاعتماد الكامل على أي قوة عظمى واحدة، بما في ذلك الولايات المتحدة.

استفادة متعددة الأبعاد

تمثل زيارة بوتين إلى نيودلهي فرصة لتعزيز التعاون طويل الأمد بين البلدين، بما في ذلك الدفاع والطاقة والمشاريع الاقتصادية، مع الحفاظ على استقلالية القرار الهندي. 

تعكس العلاقة الهندية الروسية نموذجًا فريدًا لشراكة استراتيجية متعددة الأبعاد، متجذرة في التاريخ، ومستندة إلى الثقة المتبادلة والاحترام، وغير مرتبطة بمنافع قصيرة المدى أو تحالفات مؤقتة.

أخبار ذات علاقة

حرب الممرات

يربط الهند بالقارة العجوز.. "الطريق الذهبي" يشعل صراع الممرات

في ظل تغير موازين القوى العالمية، تبقى هذه الشراكة ركيزة أساسية للبنية الاستراتيجية للهند، وتضمن لها القدرة على مواجهة الضغوط الإقليمية والدولية، مع تعزيز استقرار النظام الإقليمي والعالمي. 

فهي ليست مجرد اتفاقية دفاعية أو اقتصادية، بل محور دائم في حسابات السياسة الخارجية الهندية، يسمح لنيودلهي بإدارة علاقاتها المتعددة بفعالية، مع ضمان استمرار الوصول إلى الموارد الدفاعية والتكنولوجية الحيوية، ودعم مكانتها كلاعب رئيس في آسيا والعالم.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC