وزير الإعلام اللبناني: الجيش سيباشر تنفيذ خطة بسط سيادة الدولة وفق الإمكانات المتاحة والمحدودة

logo
العالم

فك الارتباط بالدولار.. سلاح أوكراني جديد في معركة النفوذ بين الغرب وروسيا

فك الارتباط بالدولار.. سلاح أوكراني جديد في معركة النفوذ بين الغرب وروسيا
البنك المركزي الأوكرانيالمصدر: بلومبيرغ
12 مايو 2025، 2:38 م

بالتزامن مع احتدام معركة النفوذ بين الغرب وروسيا، بدأت أوكرانيا في اتخاذ خطوات مالية جريئة تعكس تحوّلًا استراتيجيًا نحو الفضاء الأوروبي، إذ أعلنت كييف أنها تدرس ربط عملتها الوطنية، الهريفنيا، باليورو بدلًا من الدولار الأمريكي. 

وتأتي هذه الخطوة في سياق التحولات الجيوسياسية والاقتصادية المتسارعة، التي فرضت على أوكرانيا إعادة تموضع اقتصادي يعزز اندماجها مع أوروبا، ويقلص تبعيتها للأسواق التقليدية.

وفي هذا السياق، قال محافظ البنك المركزي الأوكراني، أندريه بيشني، إن السلطات النقدية تدرس بالفعل التحول عن الدولار، في ظل تراجع الاعتماد على التجارة العالمية التقليدية، وتنامي الروابط المالية مع الاتحاد الأوروبي.

وأضاف بيشني أن الانضمام المحتمل للاتحاد الأوروبي يتطلب إعادة نظر جذرية في السياسة النقدية، بحيث يصبح اليورو مرجعية أساسية للعملة الأوكرانية، مشيرًا إلى أن هذا التوجه يسهم في تسهيل تبادل رؤوس الأموال مع الشركاء الأوروبيين الرئيسيين، وعلى رأسهم ألمانيا وفرنسا، اللتان تقودان حركة الاستثمار والتجارة مع كييف.

أخبار ذات علاقة

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

بعد اقتراح ماكرون.. هل تفتح أوروبا الباب أمام التدخل المباشر في أوكرانيا؟

أسواق رأس المال الأوروبية

وأوضح أن ربط الهريفنيا باليورو من شأنه تسهيل دخول أوكرانيا إلى أسواق رأس المال الأوروبية، ويمهد الطريق أمام تحرير كامل لحركة رؤوس الأموال في حال تم الانضمام الفعلي للاتحاد الأوروبي، وهو ما يمثل قفزة نوعية في مسار التحديث الاقتصادي للبلاد.

وتأتي هذه التحركات في ظل تاريخ نقدي ارتبط بالدولار منذ إطلاق الهريفنيا عام 1996، حيث اعتمدت أوكرانيا العملة الأمريكية كمرجعية رئيسية، وظل هذا الاعتماد قائمًا حتى بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير/شباط العام 2022، حين اضطر البنك المركزي الأوكراني إلى فرض ضوابط على رأس المال وتثبيت سعر رسمي للهريفنيا عند نحو 29 مقابل الدولار.

لكن تفاقم الاختلالات المالية دفع السلطات النقدية إلى خفض قيمة العملة، وفي أكتوبر/تشرين الأول العام 2023، تحولت السياسة النقدية من التثبيت إلى "نظام سعر الصرف السائد"، الذي يعتمد على الدولار في تقييم تدخلات السوق وضبط تقلبات العملة.

ويأتي التوجه الجديد نحو اليورو في ظل محادثات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، التي أطلقتها أوكرانيا ومولدوفا منذ نحو عام، وهي عملية طويلة ومعقدة تتطلب التزامًا بإصلاحات ساسية وقضائية شاملة. 

لكن يبقى السؤال الأهم، هل يشكّل ربط الهريفنيا باليورو خطوة واقعية ومدروسة تعزز استقلال أوكرانيا المالي، وتدعم إندماجها الأوروبي؟ أم أنه سلاح مالي جديد في معركة النفوذ بين الغرب وروسيا؟

استراتيجية أوكرانية جديدة

يرى خبراء أن أوكرانيا تتجه نحو الاتحاد الأوروبي ماليًا من خلال الاعتماد على اليورو بدلًا من الدولار، ما يعكس دعمًا أوروبيًا واضحًا في دفع معاشات وتعويضات الجنود، ويمنحها قوة اقتصادية ضاغطة على روسيا باستخدام العملات الأوروبية. 

وأشاروا في تصريحات لـ"إرم نيوز"، إلى أن هذا التقارب الاقتصادي يعكس نظرة أوروبية لأوكرانيا كدولة غنية بالثروات، والتي تسعى رغم الحرب إلى تحقيق تقارب استراتيجي مع أوروبا حتى على مستوى العملة.

وأوضح الخبراء أن فشل اتفاق المعادن النادرة مع أمريكا دفع أوكرانيا إلى تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع أوروبا، خاصة مع فرنسا وألمانيا، والتحول نحو اليورو كعملة أنسب في ظل هذا التوجه. 

وأضافوا أن هذا التبدل لا يرتبط بروسيا، التي تعتمد على عملتها الوطنية، مستبعدين أي صلة بين التحول الأوكراني والنفوذ الغربي في الداخل الروسي، والذي تراجع بعد انسحاب الشركات الغربية.

تقارب أوروبي أوكراني

يقول مدير شبكة الجيوستراتيجي للدراسات، إبراهيم كابان، إن أوكرانيا تتجه بشكل واضح نحو الاتحاد الأوروبي من خلال ملفات مالية متقدمة، أبرزها اعتماد اليورو بدلًا من الدولار، إلى جانب التقارب السياسي والاقتصادي مع الدول الأوروبية. 

وأضاف كابان، لـ"إرم نيوز"، أن الدعم الأوروبي المستمر والحاسم لكييف يعكس هذا التوجه، لا سيما أن المساعدات المالية تُمنح باليورو، ما يسهم في دفع المعاشات وتعويضات الجنود.

وأوضح أن اعتماد أوكرانيا على اليورو لا يقتصر على الداخل فقط، بل يشمل المحيط الإقليمي، الذي بات يستخدم العملة الأوروبية أيضًا بدلًا من الدولار، وهو ما يُعد وسيلة ضغط غير مباشرة على روسيا باستخدام أدوات اقتصادية. 

بنية اقتصادية متناغمة

ولفت كابان إلى أن التقارب الأوروبي - الأوكراني، خاصة في المجال الاقتصادي، يكشف عن رؤية لدى الاتحاد الأوروبي بأن أوكرانيا بلد غني بالموارد والثروات، وبالتالي فإن أي دعم عسكري لكييف يعتمد أيضًا على بنية اقتصادية متنامية تعتمد على أوروبا.

وأشار إلى أن أوكرانيا، رغم الحرب المستمرة مع روسيا منذ أكثر من ثلاث سنوات، تحاول استراتيجيًا تحقيق تقارب فعلي مع الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك تداول اليورو داخليًا، وهو ما يشكل مؤشرًا واضحًا على هذا المسار، ويُعد في الوقت ذاته شكلًا من أشكال النجاح الاقتصادي لكييف وسط التحديات الراهنة.

من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة موسكو، د. نزار بوش، إن أوكرانيا بدأت تتجه نحو أوروبا بعد تعثر المفاوضات مع الولايات المتحدة حول الاستثمار في المعادن النادرة، رغم توقيع اتفاقية المعادن بين الجانبين. 

وأضاف بوش، لـ"إرم نيوز"، أن أوكرانيا بوصفها دولة أوروبية، باتت تفضل التعامل باليورو، خاصة في ظل توسع علاقاتها مع دول أوروبية كبرى، في مقدمتها فرنسا وألمانيا، وهما الاقتصادان الأكبر في الاتحاد الأوروبي.

أخبار ذات علاقة

كايا كالاس مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي

الاتحاد الأوروبي يجهز حزمة عقوبات جديدة ضد روسيا

 شركاء كييف

ووفق بوش، فإن التعامل الاقتصادي مع دول تستخدم اليورو، مثل فرنسا، إيطاليا، بولندا وألمانيا، يبرر التفكير الجدي في الاستغناء عن الدولار لصالح العملة الأوروبية، لكون تلك الدول تُعد شركاء تجاريين رئيسيين لأوكرانيا، بعكس الولايات المتحدة التي تراجع حجم تعاملاتها نسبيًا مع كييف.

وأوضح أن هذا التحول في العملة لا يرتبط مباشرة بروسيا، مؤكدًا أن موسكو تعتمد على عملتها الوطنية في تعاملاتها مع شركاء مثل الصين والهند والبرازيل، ضمن منظومة "البريكس". 

وأشار بوش إلى أن الدولار لا يزال العملة الأقوى عالميًا، ولا أحد ينكر ذلك، حتى روسيا، لكنها تلجأ إلى العملات الوطنية للالتفاف على العقوبات، وهو ما يمنحها مرونة أكبر في التبادل التجاري.

واستبعد بوش أن يكون للتحول الأوكراني نحو اليورو أي تأثير مباشر على النفوذ الغربي داخل روسيا، مؤكدًا أن هذا النفوذ تراجع بشكل كبير بعد انسحاب الشركات الغربية من السوق الروسية، والتي حلت مكانها شركات وطنية، مما عزز الاقتصاد المحلي. 

وتابع: "في المقابل تسعى أوكرانيا للتخلص من الهيمنة الأمريكية، خصوصًا في عهد الرئيس السابق جو بايدن، حيث كانت الشركات الأمريكية حاضرة بقوة في المشهد الاقتصادي الأوكراني".

وأشار بوش إلى أن كييف تسعى إلى استقطاب استثمارات أوروبية بعملة اليورو، كخطوة نحو استقلال مالي أكبر عن واشنطن.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC