برزت في بولندا مواقف متشددة تجاه اللاجئين الأوكرانيين، في خضم حملة الانتخابات الرئاسية، ولا سيما مع تصاعد تأثير الأحزاب اليمينية.
وفجّر رافاو تشاسكوفسكي، عمدة وارسو وأحد أبرز المرشحين الليبراليين، جدلًا واسعًا بعد اقتراحه تقييد استفادة الأوكرانيين من برنامج الدعم الحكومي "800+" ليشمل فقط من يعملون ويدفعون الضرائب في بولندا.
ويعكس هذا التصريح، إلى جانب لهجة الانتقاد التي باتت تُوجّه للاجئين، تحوّلًا واضحًا في المزاج السياسي والشعبي البولندي تجاه الجالية الأوكرانية، وسط مخاوف من تكرار "أخطاء" ألمانيا والسويد في سياسة الهجرة.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة لو فيغارو الفرنسية، فإن هذا التحول لم يكن معزولًا، بل جاء في إطار استراتيجية سياسية يقودها مرشحون يسعون لاستمالة القاعدة اليمينية المحافظة.
وتبنى تشاسكوفسكي، المعروف سابقًا بمواقفه التقدمية ودعمه لحقوق الأقليات، خطابًا أكثر صرامة تجاه ملف الهجرة، تماشيًا مع توجهات الحكومة الحالية بقيادة دونالد توسك، التي قررت في مارس آذار الماضي تعليقًا جزئيًا لحق اللجوء.
وأظهرت استطلاعات الرأي أن أكثر من 75% من البولنديين يعارضون استقبال مهاجرين جدد؛ ما دفع السياسيين إلى إعادة ضبط خطابهم.
وبينما يسعى تشاسكوفسكي إلى توسيع قاعدته الانتخابية لتشمل أصحاب الأعمال والمتقاعدين، فإنه يواجه انتقادات من داخل معسكره التقدمي، ولا سيما في ما يتعلق بصمته حول ملف الإجهاض، وهو من أكثر القضايا حساسية في بولندا.
وتتزايد حدة الخطاب المحافظ مع دخول أسماء يمينية متطرفة سباق الرئاسة، مثل سلاوومير منتزن، زعيم حزب "الاتحاد"، الذي هاجم اللاجئين الأوكرانيين قائلًا إنهم "يهينوننا ويعاملوننا كحمقى"، كما عبّر عن رفضه التام للإجهاض حتى في حالات الاغتصاب.
ويحظى منتزن بشعبية متزايدة على منصات التواصل الاجتماعي؛ ما يعزز حضوره في الشارع السياسي.
ويحذر مراقبون من تنامي النزعة القومية والمعادية للأجانب، في ظل غياب توازن في الخطاب العام، حيث يتبنى 10من أصل 13 مرشحًا مواقف يمينية، بعضها متطرف.
وتزايدت المخاوف بعد تصريحات معادية للسامية أدلى بها أحد المرشحين؛ ما أعاد إلى الأذهان شبح الماضي المؤلم لبولندا.
وخلص تقرير لو فيغارو إلى القول إنه في ظل هذا المشهد المتوتر، تبدو الانتخابات الرئاسية المقبلة بمثابة اختبار حاسم لمستقبل الخطاب الديمقراطي والهوية السياسية في بولندا.