كشفت صحيفة "معاريف" العبرية عما وصفتها بـ"أحاديث غرف مغلقة" للرئيس الإيراني مسعود بزشكيان مع "حاشيته"، تضمنت انتقادات حادة لإدارة الدولة.
وقالت الصحيفة إن بزشكيان شن هجومًا على أسلوب قيادة الدولة، والفساد الذي يتحكم بنواصيها، معددًا الأزمات التي تعيشها البلاد، ووصل به الأمر حد تبرئة الولايات المتحدة وإسرائيل من اتهامات بالعمل على إسقاط إيران.
وفي اجتماعات مغلقة مع كبار المسؤولين، أقر بزشكيان بأن الحكومة "متعثرة للغاية"، مضيفًا: "منذ اليوم الأول لوصولنا، والكوارث تتوالى علينا ولم تتوقف".
وقال إن "مشكلات إيران من صنع أيديها"، نتيجة للفساد، والصراعات الداخلية، وأنماط الإنفاق الحكومي التي استمرت لعقود، والتي وصفها بـ"أفعال مجانين"، و"ليست نتيجة الولايات المتحدة أو إسرائيل".
وأشار خلال اجتماع مع طلاب جامعيين إلى أن "المشكلة تكمن فينا".
وشهد أول أعوام تولي الرئيس الإيراني الحكم اغتيالات حلفاء، وقادة عسكريين كبار، وغارات جوية من إسرائيل والولايات المتحدة، وتدمير منشآت نووية.
وبزشكيان نفسه نجا بأعجوبة من الموت عندما قصفت إسرائيل اجتماعًا سريًا للأمن القومي، كان يرأسه في ملجأ تحت الأرض في يونيو/حزيران، وهو الشهر الذي خاضت فيه إيران حربًا شرسة استمرت 12 يومًا مع إسرائيل، وصلت إلى ذروتها بقصف أمريكي ألحق أضرارًا بالغة بالمنشآت النووية الإيرانية.
ووفقًا للصحيفة العبرية، أقر الرئيس الإيراني أخيرًا بـ"عجزه" عن تحقيق "معجزات"، لحل المشكلات الخطيرة التي تواجهها البلاد، والتي تشمل تضخمًا مرتفعًا، ونقصا حادا في المياه والطاقة.
ووصف بزشكيان، الذي تولى منصبه في سبتمبر/أيلول 2024 بعد وفاة سلفه إبراهيم رئيسي، عامه الأول في الحكم بأنه "عام كارثي".
وفي اجتماع مع شخصيات مقربة من مكتب المرشد العام علي خامنئي، قال مسعود بزشكيان صراحة: "إيران تواجه مشكلات مستعصية. وإذا كان بإمكان أي شخص فعل شيء، فليفعله. أنا لا أستطيع فعل أي شيء، فلا تلعنوني".
وبحسب "معاريف"، يتدهور الاقتصاد الإيراني يومًا بعد آخر، ويعود ذلك جزئيًا إلى العقوبات الأمريكية التي فرضها الرئيس ترامب على إيران عام 2018، والتي أثرت سلبًا في عائدات النفط والنظام المصرفي.
ويحوم التضخم حول نسبة 60%، وفقد الريال أكثر من نصف قيمته منذ تولي بزشكيان منصبه.
واليوم، يعادل الدولار الأمريكي الواحد 1.3 مليون ريال في السوق الحرة، أي أكثر من ضعف سعر صرفه عند تولي بزشكيان منصبه الرئاسي.
وارتفعت أسعار السلع الأساسية، بما في ذلك المواد الغذائية ومواد البناء، كثيرًا.
وكشف تقرير صادر عن وزارة الشؤون الاجتماعية الإيرانية أن "انعدام الأمن الغذائي" في البلاد يتفاقم منذ عام 2020، إذ يستهلك الفرد الإيراني حاليًا 400 سعرة حرارية، وهي نسبة أقل من الحد الأدنى الموصى به يوميًا.
ووفقًا للصحيفة العبرية، أثارت تصريحات بزشكيان ردود فعل متباينة. فبينما أشاد نائب الرئيس السابق والسياسي الإصلاحي محمد علي أبطحي بصراحة بزشكيان، واصفًا إياها بأنها "ظاهرة جديدة"، طالب خصومه المحافظون باستقالته.
ونقلت "معاريف" تساؤل النائب المحافظ كامران غضنفري في برنامج تلفزيوني: "لماذا أصبحت رئيسًا؟ من المفترض أن تحل مشكلات المجتمع، لا أن تتجول وتقول: ليس لدينا حل".
وأشارت سانام وكيل، مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد أبحاث السياسات الدولية في لندن "تشاتام هاوس"، إلى أن إيران "مشلولة في الوقت الراهن، سواء على الصعيد الداخلي أو في مواجهتها مع الولايات المتحدة".
وخلصت الصحيفة إلى امتلاك مسعود بزشكيان بعض النفوذ على السياسة الداخلية والخارجية، إلا أن المرشد الأعلى علي خامنئي، البالغ من العمر 86 عامًا، له الكلمة الفصل في جميع شؤون الدولة الرئيسة.
وأعرب خامنئي عن دعمه للرئيس في خطاب ألقاه الشهر الماضي، واصفًا إياه بـ"الشريف" و"المجتهد"، في إشارة إلى منتقديه بأن الدعوات لعزله قد تُزعزع الاستقرار.
وأعلن بزشكيان نفسه، أنه رغم توقعاته الكئيبة، فإنه سوف يواصل منصبه حتى النهاية.