اعتبر خبراء في الشأن الإيراني - الأوروبي التصريحات الأخيرة للرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، حول استمرار بلاده بتطوير منشآتها النووية بإصرار وقوة أكبر، بمثابة رسالة سياسية صريحة موجهة للغرب.
وقال الخبراء، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، إن هذه الرسالة تتجسد في أن الضربات الأمريكية والإسرائيلية التي استهدفت منشآت طهران لن توقف مشروعها النووي.
وأضافوا أن طهران تسعى لاستخدام الضغط العسكري والدبلوماسي معًا لتعزيز موقعها التفاوضي أمام القوى الدولية.
ويرى الخبراء أن الموقف الأوروبي بات يتحرك بين خيارين متناقضين: العودة إلى طاولة المفاوضات لتجنب الانفجار الإقليمي، أو تشديد العقوبات والاصطفاف خلف واشنطن وتل أبيب.
وبهذا السياق، قال أستاذ العلاقات الدولية المتخصص بالشأن الإيراني في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية الفرنسي، تيري كرفيل، إن تصريحات بزشكيان تحمل رسالة واضحة للأوروبيين، مفادها أن "الضغط العسكري لا يؤدي إلى تفكيك المشروع النووي، بل إلى تسريعه".
وأضاف كرفيل، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن "طهران تدرك أن أوروبا لا تريد انفجارًا في الشرق الأوسط، لذلك تستخدم التصعيد المحسوب لجر الأوروبيين نحو طاولة مفاوضات بشروط إيرانية، لا بشروط واشنطن".
وأكد أن أوروبا لن تقف مكتوفة الأيدي أمام التصعيد الإيراني، إذ من الممكن أن تغلظ العقوبات خلال الفترة المقبلة.
من جانبه، قال الباحث بسياسات الأمن والردع في باريس، الدكتور فيديريكو لوران، إن أوروبا أصبحت في موقع صعب بين موسكو وواشنطن وطهران.
وأوضح لوران، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن تفعيل آلية السناب باك يعكس انهيار الثقة بين بروكسل وطهران، مشيرًا إلى أن "الأوروبيين شعروا بأن إيران تتجاوز خطوطًا فنية في تخصيب اليورانيوم، وفي الوقت نفسه لا يريدون مواجهة عسكرية، لهذا نراهم يصعّدون بالعقوبات ويتركون باب التفاوض مفتوحًا".
ورأى لوران أن المعادلة الحالية هي معاقبة اقتصادية بلا مواجهة عسكرية، بينما تراهن إيران على أن أوروبا غير مستعدة لسيناريو الحرب، خصوصًا في ظل التوتر العالمي في أوكرانيا وغزة.
واعتبر أن إيران تبدو مصممة على إعادة رسم قواعد اللعبة مع العواصم الأوروبية، فيما يسعى الأوروبيون إلى كبح التسارع النووي الإيراني دون الانجرار إلى صدام مباشر، وهو توازن دقيق قد يتغيّر في أي لحظة.
ويوم الأحد، أكد الرئيس الإيراني، في خطاب ألقاه بمقر منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، أن تدمير بعض المنشآت النووية لن يوقف التقدم التقني لبلاده.
وقال بزشكيان: "سنعيد بناء منشآتنا النووية وبصورة أكثر صلابة"، مشددًا على أن الضربات الأخيرة "لن تعرقل مسار التطوير".
وجاءت هذه الرسائل عقب الهجمات الواسعة التي استهدفت مواقع نووية رئيسية داخل إيران، في يونيو/حزيران الماضي.
وحمّلت طهران مسؤولية تلك الهجمات لإسرائيل بدعم أمريكي.
ووفق متابعين تقود طهران خطابًا مزدوجًا يجمع بين التصعيد التقني من جهة، والإعلان عن استعداد محدود للعودة إلى المسار الدبلوماسي من جهة أخرى.
في السياق ذاته، أعلنت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجراني، أن وزارة الخارجية تلقت إخطارًا رسميًا بشأن استئناف المفاوضات، من دون الكشف عن التفاصيل.
يأتي ذلك بينما صعد الأوروبيون ضغوطهم عبر تفعيل آلية "السناب باك"، ضمن الاتفاق النووي لعام 2015، بما يتيح إعادة فرض عقوبات اقتصادية واسعة على إيران.
بدوره، نفى وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، في مقابلة تلفزيونية، إمكانية عقد محادثات مباشرة مع الولايات المتحدة بشأن البرنامج النووي أو الصاروخي، مؤكدًا أن طهران لن تتخلى عن قدرتها على تخصيب اليورانيوم.