logo
العالم

تحمل "بصمات روسيا".. فيديوهات تهديد غامضة تثير الخوف في فرنسا

لقطة من العاصمة الفرنسيةالمصدر: رويترز

ذكرت صحيفة "ويست فرانس"، أن فرنسا تواجه منذ أشهر سيلًا من الفيديوهات التهديدية التي تحمل طابعًا "إرهابيًا"، وتتضمن بصمات واضحة لعمليات تضليل روسية منظمة.

وأوضحت الصحيفة الفرنسية، أن "هذه المواد الدعائية المنتشرة على الإنترنت ليست وسيلة لتخويف الفرنسيين فحسب، بل أداة لتأجيج الانقسامات الداخلية وصرف الأنظار عن الأهداف الحقيقية لموسكو".

أخبار ذات علاقة

رجال الدرك الفرنسيون قرب مدرسة ثانوية في نوجينت

إصابة مدرس بعملية طعن على يد تلميذ شرقي فرنسا

فيديوهات مثيرة للقلق

ومنذ مطلع 2024، "انتشرت مقاطع مصوّرة صادمة: علم فرنسا ممزق، مجسّم لكاتدرائية نوتردام يحترق، ورمز ماريان وقد قُطِع رأسه".

وأحدث هذه التسجيلات ظهر في 14 سبتمبر/أيلول 2025، حيث ظهر 3 رجال ملثّمون أمام جدار تتوسطه راية فلسطينية، متهمين الحكومة الفرنسية بالفساد ومتعهدين بتحويل البلاد إلى دولة إسلامية، قبل أن يمزّقوا العلم الفرنسي".

وانتشرت هذه المقاطع بسرعة عبر حسابات معروفة بترويج المحتوى المتطرّف ونظريات المؤامرة، وغالبًا ما استُخدمت لتغذية الخطاب المعادي للمهاجرين والمسلمين.

وعلى غرار التسجيلات السابقة، اعتمدت هذه المواد على مشاهد بسيطة ورسائل تهديد مباشرة تستهدف رموزًا فرنسية بارزة.

في يوليو/تموز 2024 ظهر مقطع يظهر "ماريان" مقطوعة الرأس مع تهديد مباشر لأولمبياد باريس.

وفي يناير/كانون الثاني ثم سبتمبر/أيلول 2025 انتشر شريط مصوّر يظهر "إرهابيين سوريين" يهددون بإحراق كاتدرائية نوتردام.

تضليل منظّم

وفي هذا السياق، قال أستاذ العلاقات الدولية المتخصص في شؤون روسيا وما بعد الاتحاد السوفيتي توماس غومار، إن "ما يكشف اليوم من فيديوهات تهديدية يُعتقد أنها تصدر عن دوائر مؤيدة لروسيا لا يعد مجرد تنبيه مبكر، بل مؤشرًا على استراتيجية متكاملة للحرب المعلوماتية المعاصرة".

وأضاف غومار لـ"إرم نيوز"، أن "هذه المواد تستخدم كأداة لتصدير التوتر إلى الداخل الفرنسي، واستثمار الصراعات الدولية — مثل القضية الفلسطينية — لترسيخ انقسام داخلي يضعف التماسك الوطني. عندما تشاهد محتوًى بسيطًا لكنه مؤثر، يحمل رموزًا وطنية مفرطة وتهديدات ملموسة أو متوهمة ضد العلم أو الرموز الجمهورية، فأنت أمام عملية مصممة عمدًا لتهيئة البنية النفسية للرأي العام، لزرع الخوف أو الشك".

ويرى غومار، أن "خطورة هذه المقاطع أقل في مدى الإضرار المادي الفوري، لكنها كبيرة جدًا في التآكل البطيء للثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة، خصوصًا إذا تكتمت السلطات عن مصادر هذه الحملات أو تعاملت معها بشكل يُخشى أن يمس الحريات".

عملية "Storm-1516"

وأكدت مصادر حكومية، أن هذه التسجيلات مرتبطة بعملية معلوماتية روسية تعرف باسم «Storm-1516»، نشطة منذ أغسطس/آب 2023 وتستهدف أوكرانيا والدول الداعمة لها عبر تأجيج الانقسامات الداخلية.

ورصدت خدمة "Viginum" الفرنسية المختصة بمكافحة التدخلات الرقمية نحو 80 عملية مشابهة.

والنمط واحد: إنتاج سريع ومجهول الهوية، نشر عبر حسابات ثانوية، ثم تضخيمه بواسطة مؤثرين متحالفين مع روسيا أو ممولين منها.

بدورها، قالت الباحثة لورانس بيندنر، مؤسسة مشروع JOS Project لتحليل الدعاية المتطرفة، إن "الفيديوهات الإرهابية هذه تستغل رموزًا بسيطة ومفهومة للجميع. مهاجمتها تستثير ردود فعل عاطفية قوية، خصوصًا لدى الجماعات اليمينية المتطرفة".

خوف مفتعل

وبحسب الخبراء، الهدف هو إعادة تنشيط الخوف من الإرهاب وبناء سردية "صراع الحضارات" مستفيدين من التوترات المتصاعدة بفعل حرب غزة.

من جهته، حذر المهندس إيرفي لو غيادر، المتخصص في الحروب الإدراكية لدى حلف "الناتو"، من جهل المجتمع بخطورة هذا النمط من التضليل، وفق الصحيفة الفرنسية.

أما البروفيسور دارن ل. لينفيل، المختص في قضايا التضليل، فيرى أن هذه العمليات "تعتمد على قوالب عنصرية وتعمل على نشر الغضب والانقسام".

وأضاف أن "الاستراتيجية تقوم على 3 مراحل: النشر عبر مؤثرين ممولين، إعادة تدوير المحتوى في وسائل إعلام روسية، ثم تبنيه من قِبل مراكز أبحاث أو منظمات مرتبطة بالكرملين".

ويؤكد لينفيل أن هذه الحملة لا تستهدف الغرب فحسب، بل الشعب الروسي أيضاً: "كلما نجح بوتين في تصوير الغرب على أنه ضعيف ومنقسم، قلت احتمالات التشكيك في سلطته داخليًا".

أخبار ذات علاقة

طائرة مقاتلة فرنسية من طراز رافال

استقلال أم تمرد؟.. فرنسا ترسم حدودها وترفض طائرات الشبح الأمريكية

إعلام زائف

وأخيرا، ظهرت مواقع تدّعي أنها "منصات إعلامية بديلة" أنشئت بسرعة باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لإنتاج محتوى رخيص يهاجم ماكرون ويدين دعم فرنسا لأوكرانيا.

كما تداول ناشطون صورة مصنوعة بالذكاء الاصطناعي تُظهر الرجال المقنعين محاطين بأعلام إسرائيلية وكاميرات، لتعزيز رواية «إنتاج إسرائيلي» لهذه المقاطع.

وختم غومار بالقول، إن "الهدف ليس مجرد تخويف الناس، بل دفعهم إلى ردود أفعال عاطفية خاطئة، وتوجيه الغضب نحو أهداف غير صحيحة. بساطة هذه التسجيلات جزء من الخطة: إنتاجها سهل ورخيص، لكن أثرها النفسي عميق"..

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC