logo
العالم

يد تمتد إلى يريفان وأخرى لا تُفلت باكو.. كيف تصنع تركيا السلام جنوب القوقاز؟

الرئيسان التركي أردوغان ونظيره الأرمني باشينيانالمصدر: هيئة الإذاعة والتلفزيون التركية "تي آر تي وورلد"

كشفت أنقرة عن سلسلة من إجراءات بناء  الثقة مع يريفان، وسط دعوات لتركيا بأن تُظهر دعماً أوضح للحكومة الأرمنية في مواجهة ضغوط داخلية وخارجية.

ورغم أن أنقرة مدّت يدها إلى يريفان باسم السلام، فإنها لم تُفلت بعدُ يد باكو التي تمسك بها منذ عقود، فيما يعتبره محللون مناورة للسياسة الخارجية على الطريقة التركية: مزيجٌ من الانفتاح المحسوب والولاء الثابت للحليف الأذري، وبينما تتقدّم خطوات التطبيع مع أرمينيا بحذر، تحاول تركيا هندسة توازنٍ جديدٍ في جنوب القوقاز، يضمن لها دور الوسيط دون أن تخسر أوراق الضغط أو مكانتها في معادلة القوة الإقليمية.

أخبار ذات علاقة

ترامب وباشينيان وعلييف

اتفاق أرمينيا وأذربيجان.. تحديات عميقة قد تؤخر "عصر القوقاز الجديد"

 ورغم انطلاق محادثات التطبيع عام 2022، فإن أنقرة ويريفان لا تربطهما علاقات دبلوماسية رسمية، بينما لا تزال تركيا تربط اعترافها الكامل، بمعاهدة سلام شاملة بين أرمينيا وأذربيجان، حليفتها الأقرب في المنطقة.

خطوات صغيرة.. ولكنها محسوبة

وفيما يبدو أن مسار التطبيع يمرُّ عبر خطوات صغيرة لكنها ملموسة، تشمل مبادرات في مجالات التجارة والنقل والتعليم، فإن الخبراء يرون أن أنقرة قادرة على تسريع وتيرة الدعم لتخفيف معارضة الداخل الأرمني واحتمال تدخل أطراف خارجية،  لكن تركيا تصرّ على المضي بإيقاعٍ محسوب لبناء الثقة تدريجياً.

سلام تحت ضغط الداخل الأرمني

لكن ورغم التقدم التدريجي، تبقى العلاقات في مفترق طرق؛ فبعد توقيع اتفاق السلام المبدئي بين أذربيجان وأرمينيا في البيت الأبيض خلال أغسطس الماضي، يرى مراقبون أن على تركيا اغتنام اللحظة لدعم رئيس الوزراء نيكول باشينيان، الذي خاض معارك سياسية قاسية ضد معارضة شرسة ومحاولات انقلابية بسبب انفتاحه على أنقرة وباكو، ويُواجه باشينيان تحديات داخلية وخارجية متشابكة، أبرزها مقاومة من الجاليات الأرمنية في الخارج.

أخبار ذات علاقة

ترامب يرعى اتفاق السلام بين أرمينيا وأذربيجان

ما هي أبرز بنود معاهدة السلام بين أرمينيا وأذربيجان؟

 من جانبه يرى الباحث التركي مراد أصلان أن عزل أرمينيا لا يخدم مصالح أنقرة أو باكو، داعياً إلى دعم أوسع ليريفان، معتبراً أن تخفيف عزلتها سيعزز فرص السلام الإقليمي، أما الخبير الأرمني أريك كوتشينيان، فيرى أن العلاقات بين يريفان وأنقرة تسير أبطأ مما ينبغي، داعياً إلى فتح معبر أليجان-مارغارا في أقرب وقت؛ لما يحمله من رمزية اقتصادية وسياسية، واقتراحه استخدام اسم "طريق ترامب للسلام والازدهار" بدلاً من "ممر زنغزور" الذي يُثير حساسية الأرمن.

ويرى كوتشينيان أن خطوة رمزية مثل زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى أرمينيا قد تُحدث تحولاً في المزاج العام الأرمني، خصوصاً إذا تبنّت تركيا خطاباً أكثر توازناً بين يريفان وباكو.

سلام بطيء.. لكنه واقعي

وعلى الرغم من الرغبة في تحقيق اختراق أسرع، تؤكد أنقرة أن العملية تسير "بوتيرة ثابتة"، بعيدًا عن أي وسطاء أو جداول زمنية ضاغطة، متمسكة بمبدأ أن التطبيع التدريجي أفضل من الخيبة السريعة؛ ما يمنح الطرفين مجالًا أوسع لبناء الثقة، وبينما تمتد يد تركيا نحو يريفان، فإن اليد الأخرى لا تزال ممسكة جيدًا بحليفها الأذري، في مشهد يعكس دقّة "السلام على الطريقة التركية".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC