logo
العالم

أذربيجان "نقطة التقاطع".. الجبهة التالية في صراع النفوذ بين واشنطن وبكين

ترامب وعلييفالمصدر: رويترز

بعيدًا عن جبهة المعادن النادرة، تبدو أذربيجان بموقعها الفريد كجسر بين الشرق والغرب، ساحة متوقعة للصراع المتعدد بين الولايات المتحدة والصين، خصوصًا بعد اتفاق سلام تاريخي توسطته إدارة الرئيس دونالد ترامب بين باكو وأرمينيا.

ويرى مراقبون أن إدارة ترامب يمكنها الاستفادة من زخم هذا الاتفاق لدفع النفوذ الصيني خارج القوقاز، مستندة إلى موقع أذربيجان الفريد كجسر بين الشرق والغرب، لتكون من المنظور الأمريكي شريكًا محوريًّا في أوراسيا، خاصة كونها الدولة الوحيدة التي تحد روسيا وإيران.

ووفق تقرير لمجلة "ناشيونال إنترست"، فإن أهميتها الجيواقتصادية تكمن في دورها كمورد رئيسي للطاقة ومركز عبور تتنوع فيه مسارات النقل العالمية؛ ما يعزز وصول الولايات المتحدة إلى آسيا الوسطى. 

الطريق ليس ممهّدًا

لكن الطريق لا يبدو ممهّدًا لوشنطن، فقد شهدت المنطقة تطورات أخيرة تكشف عن تعميق الشراكة الصينية مع باكو؛ ما يثير مخاوف الولايات المتحدة من فقدان ميزتها التنافسية.

وفي الأشهر الماضية، زار الرئيس الأذربيجاني، إلهام علييف، الصين مرتين، ففي الـ23 من أبريل التقى الرئيس شي جين بينغ في بكين لترقية العلاقات إلى شراكة إستراتيجية شاملة، ثم عاد في الـ31 من أغسطس لحضور قمة منظمة شنغهاي للتعاون في تيانجين.

أخبار ذات علاقة

ترامب يرعى اتفاق السلام بين أرمينيا وأذربيجان

ما هي أبرز بنود معاهدة السلام بين أرمينيا وأذربيجان؟

 وتعكس تلك الزيارات الوعد الصيني في تعزيز الروابط الاقتصادية والإستراتيجية، خاصة في إطار مبادرة "الحزام والطريق" التي ترى في أذربيجان رابطًا حيويًّا عبر بحر قزوين.

لكن بالتوازي، يبرز اتفاق "طريق ترامب للسلام والازدهار الدوليين ، الذي وقعه ترامب مع علييف ورئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان، كفرصة ذهبية، إذ يهدف الاتفاق إلى إنشاء ممر عبر جنوب أرمينيا، يحل مشكلة جنوب القوقاز في طريق النقل الدولي الأوسع، المعروف بالممر الأوسط. 

ويوفر هذا الممر لأوروبا وأمريكا الشمالية وصولًا إلى آسيا الوسطى، مع الاستفادة من موارد الطاقة الأذربيجانية، ومع ذلك، تستفيد الصين أيضًا منه؛ ما يجعله نقطة تقاطع للمصالح المتضاربة، كما يضيف السياق الإقليمي تعقيدًا، حيث يوفر ضعف إيران وروسيا فرصًا للولايات المتحدة.

بالنسبة لإيران، تعارض أذربيجان، كدولة علمانية شيعية، الجمهورية الإسلامية، وانتصارها في حرب 2020 مع أرمينيا عزز نفوذها، فبعد يوم من توقيع  اتفاق السلام، حذّر مستشار الشؤون الخارجية الإيراني علي أكبر ولايتي من أن طهران ستمنع أي ممر أمريكي، واصفًا إياه بـ"مقبرة لمرتزقة ترامب". 

أما روسيا، فقد تدهورت علاقاتها مع باكو بعد حرب ناغورنو كاراباخ الثانية والصراع في أوكرانيا، وفاقم إسقاط طائرة أذربيجانية فوق أراضيها في ديسمبر الماضي التوترات؛ ما أسفر عن مقتل 38 شخصًا. وفي مقابلة تلفزيونية في الـ27 من أغسطس، أشار علييف إلى تاريخ أذربيجان الديمقراطي بعد انهيار الإمبراطورية الروسية عام 1917، مؤكدًا استقلاليتها حتى ضمها السوفيت في 1920.

معضلة البند 907

 وهذا التاريخ يعزز دورها كقوة موازنة ضد موسكو وطهران؛ ما يجعلها حليفًا طبيعيًّا لواشنطن، ومع ذلك، يعيق البند 907 من قانون دعم الحرية لعام 1992 التقدم الأمريكي، إذ يحظر معظم المساعدات الحكومية المباشرة لباكو، رغم أنه أصبح غير ذي جدوى بعد اتفاق السلام.

 ويدعو مراقبون إلى إلغائه فورًا، كونه يخدم الإبقاء عليه مصالح روسيا، وإيران، والصين، وعلى سبيل المثال، تقدم بكين بالفعل مقاتلات JF-17 عبر باكستان إلى أذربيجان، بينما يمكن لباكو شراء معدات أمريكية بديلة. وتتمتع الشركات الأمريكية بفرص واعدة في أذربيجان، خاصة في الطاقة كمصدر رئيسي للنفط والغاز، وعبور للنفط الكازاخستاني والغاز التركماني؛ ما يقلص نفوذ روسيا.

 للمقارنة، طلبت أوزبكستان 22 طائرة بوينغ 787 بقيمة 8 مليارات دولار، وكازاخستان 300 قاطرة شحن أمريكية بـ4 مليارات دولار، ولضمان المصالح الأمريكية، يجب على إدارة ترامب البِناء على زخم اتفاق السلام، مع تعميق العلاقات مع باكو ومنع الصين من اكتساب ميزة.

ووفق "ناشيونال إنترست"، فإن إلغاء البند 907 خطوة أولى حاسمة نحو تعزيز الشراكة الإستراتيجية، والاقتصادية، والدبلوماسية في أوراسيا، قبل أن يسيطر التنين الصيني على الجبهة الجديدة.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC