مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، يتساءل الكثيرون عن مدى دقة استطلاعات الرأي في التعبير عن توجهات الناخبين، مستذكرين ما حدث في انتخابات 2016.
آنذاك، توقعت الاستطلاعات فوز المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، لكن المفاجأة كانت بفوز الجمهوري دونالد ترامب الذي قلب الموازين، ووصل إلى البيت الأبيض.
ويبدو أن مفاجأة 2016، جعلت الأمريكيين وغيرهم من المتابعين للانتخابات الأكثر أهمية في العالم، متشككين تجاه الاستطلاعات، وإن كانت قد نجحت في توقع فوز الرئيس الديمقراطي جو بايدن على ترامب في 2020.
ذلك الحدث، أدى إلى تطوير طرق جديدة لتحليل استطلاعات الرأي، إلا أن الخبراء ما زالوا يحذرون من الثقة العمياء بها، خاصة مع بروز عوامل مثل تردد الناخبين، والتغيرات الاجتماعية والسياسية السريعة، وتأثير وسائل الإعلام.
حاليا، تُظهر استطلاعات الرأي لانتخابات 2024، أن السباق بين كامالا هاريس ودونالد ترامب متقارب جدًّا، بحسب موقع "270 to Win" الذي يركز على الانتخابات الرئاسية الأمريكية ونظام المجمع الانتخابي.
ويوضح الموقع المتخصص في مراقبة آراء الناخبين أيضا، أن الاستطلاعات تشير إلى تقدم طفيف لهاريس بنسبة تتراوح بين 1-2% على المستوى الوطني، لكن الوضع في الولايات المتأرجحة غير محسوم، مما يجعل توقع المنافسة صعبا في بعض الولايات المهمة مثل بنسلفانيا، حيث النتائج تظل النتائج متقاربة بين المرشحين.
يعني ذلك، أن ترامب يمكن أن يحصل مجددا على الأغلبية في المجمع الانتخابي، بفضل الولايات المتأرجحة، وبالتالي يخط مفتاح العودة إلى البيت الأبيض، مثلما حدث عام 2016.
تقرير سابق لصحيفة "واشنطن بوست"، أكد أن أحد الأسباب الرئيسية في مفاجأة 2016، كان نقص التمثيل الجغرافي الصحيح، حيث أغفلت الاستطلاعات التركيز على الناخبين في المناطق الريفية، وهي المناطق التي كانت تميل إلى صالح ترامب.
كما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز"، أن مشكلة كبيرة كانت في عدم توازن عينات الناخبين، حيث ركزت الاستطلاعات على المدن الكبرى، وقللت من حجم الولايات الريفية، مما خلق تبايناً في النتائج.
وأشارت أيضاً إلى أن بعض الناخبين كانوا مترددين، وأعلنوا تأييدهم لترامب في اللحظات الأخيرة، مما أثر في دقة التوقعات.
ولفت تقرير لمركز "بيو" للأبحاث والاستطلاعات، إلى تأثير "الخجل الاجتماعي"، حيث لم يصرح بعض الناخبين بدعمهم لترامب خوفاً من الانتقادات.
دفعت تلك التجربة مؤسسات الاستطلاعات إلى إدخال تحسينات في انتخابات 2020 ومواصلة تطبيقها في 2024، على رأسها تحسين نطاق التغطية الجغرافية ليشمل الولايات التي كانت تقليدياً مهملة في الاستطلاعات، بحسب موقع "FiveThirtyEight" المتخصص في التحليلات الإحصائية.
ومن بين تلك الإصلاحات أيضا، تحديث عينات الناخبين للعديد من المؤسسات وتحليل أكبر للبيانات السكانية، مع التركيز على الناخبين البيض الريفيين، مما ساعد على تحسين التنبؤات، إضافة لاتباع أسلوب أكثر دقة في دراسة الناخبين المترددين، حيث يُضاف أسئلة عن إمكانية تغييرهم لمواقفهم الانتخابية.
ومع اتساع استخدام شبكة الإنترنت يوما بعد يوم، يقول مركز "بيو للأبحاث"، إن ذلك ساهم في توفير بيانات أوسع عن الجيل الشاب، الذي يعتمد على المنصات الرقمية، مما ساهم في تحسين دقة النتائج.
وعلى الرغم من التحسينات، إلا أن استطلاعات الرأي تواجه تحديات، بما في ذلك التغيرات السريعة في الرأي العام وتزايد تردد الناخبين، مما يجعل الثقة المطلقة تجاهها محل جدل.
كما تلعب وسائل الإعلام دوراً مهماً في التأثير في الناخبين، مما يعقد تحليل استطلاعات الرأي، حسب صحيفة "واشنطن بوست" التي تقول إن الإعلام ينقل المعلومات بشكل مختلف حسب توجهاته السياسية، الأمر الذي قد يؤثر في آراء الناخبين بطرق غير متوقعة.
ويوضح مركز "FiveThirtyEight"، أن استطلاعات الرأي تبقى أداة تحليلية تعاني عيوبا، وأن هناك عوامل مثل تغير مواقف الناخبين وتأثيرات اللحظة الأخيرة قد تجعل من الصعب التنبؤ الدقيق.
كما تؤكد "نيويورك تايمز" أن الاستطلاعات تبقى عرضة للأخطاء؛ بسبب عدم القدرة على توقع المتغيرات جميعها التي تؤثر في مواقف الناخبين في اللحظة الأخيرة، مشيرة إلى أن فرصة هاريس أو ترامب، تعتمد بشكل كبير إقناع الناخبين المترددين وتوسيع قاعدة الدعم خاصة في الولايات المتأرجحة.