يجد الرئيس الكولومبي، غوستافو بيترو، نفسه في مواجهة مباشرة، مع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، كان يسعى إليها منذ أشهر، وفق تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال"، ليعزز مكانته الداخلية والدولية.
ومن شأن "الحرب المفيدة" التي يطمح إليها بيترو، بعد تصريحات ترامب التصعيدية، أن تعزز صورته كمقاتل مخضرم للحياة أمام "الجشع الرأسمالي"، كما يقول في خطاباته الأخيرة، إلا أنه سيخاطر بعلاقات كولومبيا، التي كانت أقرب حليف لواشنطن في مكافحة المخدرات.
ويستغل بيترو، اليساري السابق في حرب العصابات، هذا الصدام ليصور نفسه كـ "داوود أمام جالوت واشنطن"، وفق تعبير الصحيفة، إذ بدأ الصدام بانتقاداته لسياسات ترامب، خاصة الغارات الجوية الأمريكية على قوارب يُزعم أنها تنقل مخدرات من فنزويلا.
ووصف بيترو هذه العمليات بالقتل، مدعياً أن صياداً كولومبياً قُتل في إحداها في سبتمبر/ أيلول الماضي، ليرد ترامب يوم الأحد الماضي، واصفاً رئيس كولومبيا بأنه "أسوأ رئيس في تاريخها"، وأنه "مجنون يعاني من مشاكل عقلية"، و"زعيم تجارة المخدرات غير المشروعة".
وبينما هدد ترامب بفرض رسوم جمركية جديدة وقطع المساعدات الأجنبية عن كولومبيا، والتي بلغت 14 مليار دولار على مدى عقدين لمكافحة الكوكايين، يرى تقرير "وول ستريت جورنال" أن هذا الصدام ليس وليد الصدفة، مشيرة إلى أن بيترو يخطط له منذ أشهر.
"يسعى بيترو جاهداً لتقديم نفسه كوجه المقاومة اللاتينية لترامب"، يقول جيف رامزي، خبير في السياسة الكولومبية بالمجلس الأطلسي، مشيراً إلى أن الزعيم الكولومبي يرى في الرئيس الأمريكي فرصة ليصبح قائداً عالمياً، كما يواجه جيرانه مثل الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، والفنزويلي نيكولاس مادورو.
وبالنسبة لبيترو، الذي انتُخب عام 2022، كانت كولومبيا دائماً تبدو صغيرة، وهو يطمح لدور أكبر، كما أن الصدام مع ترامب قد يفيده في حشد الدعم قبل الانتخابات الرئاسية في مايو المقبل.
ورغم حظره من إعادة الانتخاب، يريد الحفاظ على ائتلافه اليساري المتدهورة شعبيته، إذ يحظى بدعم أقل من ثلث الناخبين، حسب الاستطلاعات، بسبب ارتفاع الجريمة وإنتاج المخدرات.
كما أن الحرب ستتيح للرئيس الكولومبي، بحسب "وول ستريت جورنال"، أن يلعب دور الضحية أمام "الإمبريالية الأمريكية"، كما فعل سابقاً كسيناتور عندما اتهم رئيساً محافظاً بقيادة فرق الموت، وفقا لتحليل الصحيفة.
ووفق كيفن ويتاكر، السفير الأمريكي السابق لدى كولومبيا، فإن بيترو "حقق نجاحاً سياسياً من لعب دور الضحية"، مشيراً إلى أن هذا يعزز صورته كمدافع عن الشعب ضد أصحاب السلطة.
وأخلاقياً، يقدّم بيترو نفسه نداً نقيضاً لترامب الذي وصفه بـ"عضو مافيا يجسد الجشع الرأسمالي"، كما أنه يحاول التفريق بين الأمريكيين ورئيسهم، فيما يبدو أنه محاولة ليجذب انتباهاً عالمياً، خاصة في العالم النامي، حيث يُصدّر نفسه كمتحدٍ للسياسات الأمريكية، كما فعل مع الرئيس الأرجنتيني، خافيير ميلي، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بشأن غزة.
وبحسب "وول ستريت جورنال"، فإن بيترو يبدو أكثر اهتماماً بتسجيل نقاط خارجية من معالجة المشكلات الداخلية، إذ استغلت الجماعات المسلحة وقف إطلاق النار لحشد الأسلحة، كما يعاني نظام الرعاية الصحية من الفوضى بعد تفكيكه دون بديل.
ويعتقد بيترو، وفق سيزار كاباليرو، مدير استطلاعات "سيفراس إي كونسيبتوس"، أن حربه مع ترامب ستكون "مفيدة" كونها ستحظى بتصفيق في قاعدته، لكن خارجها يثير قلقاً كبيراً.
"إنه يبدو غير ضروري"، يحذّر خورخي ريستريبو، محلل بجامعة خافيريانا، من أن مشروع بيترو يولد نتائج سلبية دون تغيير السياسة الأمريكية أو مساعدة الفلسطينيين.