حاولت مجموعات من اليمين المتطرف في قلب العاصمة الفرنسية باريس، مساء الجمعة، تحويل وقفة تكريمية للإعلامي الأمريكي اليميني المتطرف تشارلي كيرك، الذي قتل في 10 سبتمبر، إلى ما يشبه مهرجانًا سياسيًا.
لكن ما بين الشعارات المكررة، والخطابات الجاهزة، والحضور الضئيل، بدت التظاهرة أقرب إلى مشهد باهت منه إلى عرض قوة.
وقالت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية إن هذا التجمع جاء بعد موجة واسعة من ردود الأفعال على منصات التواصل الاجتماعي، من تغريدات غاضبة لشخصيات يمينية مثل مارين لوبان وجوردان بارديلا وإيريك سيوتي، مرورًا بتغطية إعلامية واسعة على "البلووسفير" (شبكات اليمين المتطرف).
وأوضحت الصحيفة أنه مع ذلك، بدا الحشد في باريس محدودًا للغاية، بحيث لم يكن هناك حاجة لـ"عدّاد" لحصر أعداد المشاركين.
سعى المنظمون الفرنسيون المقربون من التيار الترامبي إلى استدعاء رمزية "حرية التعبير"، في محاولة لاستثمار الزخم الذي ولّدته التظاهرة الضخمة لحركات الهوية في لندن الأسبوع الماضي. غير أن هذه المحاولة بدت كنسخة باهتة، تفتقد القوة العددية والرمزية التي روج لها.حضور رموز التشدد
وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن شخصيات بارزة من تيارات اليمين الراديكالي تواجدت في المسيرة أبرزها: داميان ريو من الحركة الهوية، ناشطات مجموعة نيميسيس، الصحفي السابق المقرب من آلان سورال فنسنت لابيار، إضافة إلى طلاب من نقابة لا كوكارد ذات الروابط مع حزب التجمع الوطني.
الهدف المعلن كان "استعراض العضلات" وصناعة صور إعلامية لافتة، لكن النتيجة جاءت عكسية.
ووفقاُ لصحيفة الفرنسية فإن المنظمين اختاروا ساحة تمثال لافاييت، رمز "الصداقة الفرنسية-الأمريكية"، ليكون موقع التجمع، وتحت شمس حارقة وحرارة مرتفعة نسبيًا لهذا الوقت من السنة، بدا المشهد أكثر رمزية من كونه مؤثرًا سياسيًا.
وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن ما أرادته بعض أوساط اليمين المتطرف أن يكون عرضًا للقوة والتلاحم السياسي، انتهى إلى مجرد تجمع صغير باهت، أكد محدودية قدرة هذه الأوساط على الحشد رغم محاولات الاستثمار في "شهادة" شخصية مثيرة للجدل مثل تشارلي كيرك.
انقسام داخلي في الخطاب
رغم محاولة بعض المتحدثين تصوير اليمين المتطرف الفرنسي ككتلة موحدة، أظهر الحدث حجم الانقسامات بين تياراته المختلفة.
فهناك من ركّز على الجانب "الهوياتي" البحت، فيما حاول آخرون تحويل المناسبة إلى منصة لمهاجمة الحكومة الفرنسية والإعلام التقليدي، وهو ما عكس غياب رؤية مشتركة واضحة.
أراد المنظمون أن يظهر تجمع باريس وكأنه امتداد للتظاهرة الضخمة التي شهدتها لندن قبل أسبوع فقط، حيث خرجت أعداد غفيرة بدعوى الدفاع عن حرية التعبير، لكن الفارق كان صارخًا: في لندن الآلاف، وفي باريس بضع مئات بالكاد، ما جعل الصورة النهائية أقرب إلى مظاهرة محلية محدودة التأثير، وفقاً للصحيفة الفرنسية.
استثمار إعلامي محدود
سعى المنظمون إلى جذب عدسات الكاميرات أكثر من حشد الجماهير.
فالمكان المختار –تمثال لافاييت– رمزي وذو بعد بصري، والخطابات كانت مصممة لتناسب مقاطع قصيرة قابلة للنشر على شبكات التواصل الاجتماعي.
ومع ذلك، لم يلق التجمع التفاعل الواسع الذي كان يُؤمَل به، وبدا وكأن الرسائل ضاعت في زحمة المشهد السياسي الفرنسي.
الرسالة إلى الخارج أكثر من الداخل
الخطاب الموجه في التظاهرة حمل الكثير من الإشارات إلى الولايات المتحدة، سواء عبر استحضار شخصية تشارلي كيرك أو عبر رفع شعارات مؤيدة لترامب.
وهذا يوحي بأن الهدف لم يكن فقط التأثير على الرأي العام الفرنسي، بل أيضًا إرسال إشارات تضامن إلى التيار الشعبوي العالمي.