بعد 57 عاماً على اغتيال الناشط الأمريكي، مارتن لوثر كينغ جونيور، الذي أشعل موجة من الشغب في أكثر من 100 مدينة، تواجه الولايات المتحدة اختباراً جديداً لتجربة الديمقراطية، بعد مقتل الناشط المحافظ، الشاب تشارلي كيرك.
وقُتل كيرك البالغ من العمر 31 عاما، بالرصاص في حرم جامعي بولاية يوتا، يوم الجمعة؛ ما أثار صراعاً حاداً حول إرثه، وانقساماً أعمق في النسيج الاجتماعي الأمريكي، بحسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز".
وعلى اليمين، يُمجَّد كيرك كبطل لجيل Z الجمهوري، بينما يُصوَّر على اليسار كمُفرِّق يهاجم الحقوق المدنية والأقليات، فيما يرى مؤرخون أن الدروس المستفادة من هذه اللحظة ستعتمد على الأمريكيين أنفسهم، بين أن تؤدي الجريمة إلى عنف أكبر، أو تقود إلى جهد للفهم والتعايش.
في ليلة اغتيال كينغ في أبريل/ نيسان 1968، تحدّث السيناتور روبرت ف. كينيدي إلى حشد في إنديانابوليس، محذّراً من الانتقام، داعياً إلى استبدال العنف بـ"جهد للفهم". كان خطابه رمزاً للأمل، لكنه لم يمنع الشغب، وسرعان ما اغتيل كينيدي نفسه.
وتعتقد "نيويورك تايمز" أن صدى اغتيال كينغ يتردّد اليوم في مقتل كيرك، الذي لم يشترك مع الناشط الأسود إلا في قدرته على إلهام الآخرين.
وكان كيرك، مؤسس منظمة "نقطة تحول الولايات المتحدة الأمريكية"، أبرز المنظمات الشبابية اليمينية، نجماً في الجامعات، يناظر الطلاب الليبراليين بأسلوب موهوب، ففي مؤتمر للحزب الجمهوري، هاجم الإنفاق على المهاجرين غير الشرعيين، مؤكداً أن جيل Z يُجبر على "العمل حتى الموت دون أطفال".
لكن إرثه مثير للجدل، إذ وصف كيرك كينغ بـ"الفظيع"، وقانون الحقوق المدنية بـ"الخطأ الفادح"، وجورج فلويد بـ"الحقير"، كما اعتبر أن الإسلام "غير متوافق مع الحضارة الغربية"، كذلك قال إن "المتبرّعين اليهود" يمولون التطرف في الجامعات وهوليوود، فيما وصف النساء الديمقراطيات بأنهن "يرغبن في الموت وحيدات دون أطفال".
وجعلته تلك التصريحات المثيرة للجدل هدفاً لليسار الذي كان يراه مُحرضاً على الكراهية، في المقابل وبعد مقتله، تصاعد الغضب الجمهوري، إذ ألقى الرئيس دونالد ترامب اللوم على "الخطاب الوحشي" اليساري، متوعداً بملاحقة "المساهمين في الفظاعة".
في الكونغرس، تبادل الديمقراطيون والجمهوريون الاتهامات، بينما ارتفعت إشارات "الحرب الأهلية" على وسائل التواصل، إذ استُهدِف النقاد من قبل مؤثرين يمينيين.
وبرز حاكم يوتا الجمهوري، سبنسر كوكس، كصوت معتدل، ففي مؤتمر صحفي يوم الجمعة، وصف الاغتيال بأنه "هجوم علينا جميعاً"، مؤكداً أن كيرك دافع عن حرية التعبير، وأن إزهاق روحه يُصعّب مشاركة الأفكار بحرية.
بعد اعتقال المشتبه به، وجّه كوكس نداء للشباب: "ترثون بلداً تشبه فيه السياسة الغضب، لكن جيلكم يمكن أن يبني ثقافة مختلفة".
أما الكاتب جون ميتشام فتساءل: "إذا كان هذا ظلماً لكلّ من يُعبّر عن رأي، فإن العهد الأمريكي قد نُكّل به".