تصطدم مساعي إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتعزيز حضور الولايات المتحدة في استثمار الساحل الأفريقي بعقبة الأمن، وهي الفجوة التي تمكنت نسبيًا من ملئها الصين وروسيا في إطار جهودهما للعب دور مكافحة التطرف خلفا للفرنسيين والأمريكيين.
وتعترض واشنطن عقبات داخلية وخارجية في سعيها إلى تنمية شراكاتها في منطقة خليج غينيا، الذي يمتد على طول الساحل الغربي لأفريقيا وفضاء الساحل، التي تضم دولا مجاورة حبيسة في المناطق السفلى من الصحراء الكبرى.
وتوافد عدة مسؤولين أمريكيين إلى منطقة الساحل الأفريقي لمعالجة مسائل مكافحة التطرف ولإعادة التواصل مع تحالف ثلاثي يضم بوركينا فاسو ومالي والنيجر.
وفي هذه المنطقة تسعى الولايات المتحدة وشركاؤها الأفارقة إلى إضعاف تنظيمي "القاعدة" و"داعش" سريعًا، وفي وقت يصف مسؤولون عسكريون هذه المنطقة بـ"بؤرة" الإرهاب العالمي، محذرين من أن هذه الجماعات قد تطوّر قدرتها على مهاجمة الأراضي الأمريكية.
وتستبعد مصادر سياسية في النيجر قدرة هذا التعاون على إتاحة فرص للوصول إلى المعادن الحيوية على المدى القصير، ففي غرب أفريقيا الغنية بثروات الذهب والليثيوم واليورانيوم من غير المرجح أن تتمكن الشركات الأمريكية في ظل الوضع الأمني الهش من الاستثمار بسهولة بمنطقة الساحل، ففضلا عن التوترات الأمنية يُنفر النظام العسكري تحفيز الأعمال والتجارة، الأمر الذي يحدّ بشكل أكبر من الاستثمار الخاص الأمريكي.
وكانت القواعد الغربية تشكل جدارا منيعا في حماية المستثمرين الأجانب، لكن طرد المجلس العسكري في النيجر 1000 جندي أمريكي كانوا يساعدون في محاربة الجماعات المتطرفة، وتولى السيطرة على قاعدة طائرات دون طيار أمريكية بقيمة 110 ملايين دولار أمريكي في عام 2024.
ولجأت المجالس العسكرية بعد توليها السلطة، والتي تحكم الدول الثلاث بنفسها عن الغرب، إلى روسيا طلباً للدعم، إذ يتوزع الفيلق الأفريقي الروسي في هذه البلدان.
في المقابل، يقيّد القانون الأمريكي معظم المساعدات الأجنبية والعسكرية المقدمة للحكومات الانقلابية حتى تتولى حكومة منتخبة ديمقراطياً السلطة، كما يحظر القانون تقديم المساعدة الحكومية لقوات الأمن الأجنبية المتورطة بشكل موثوق في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
والهدف من هذه القوانين مواءمة المساعدات مع المصالح الاستراتيجية الأمريكية، من خلال تجنب الدعم الأمريكي لقوات الأمن المسيئة التي قد تُثير مشاعر معادية لأمريكا وحركات التمرد.
أما بلدان أخرى مثل بنين وكوت ديفوار وتوغو فتسعى إلى تعزيز علاقاتها الدفاعية مع الولايات المتحدة للمساعدة في مواجهة المتمردين، وتعمل حكوماتها على النأي بنفسها عن فرنسا، حيث يمكن للولايات المتحدة المساعدة في ضمان عدم مساهمة روسيا في ملء الفراغ.
وتتلقى الدول الثلاث تمويلاً بناء على قانون الهشاشة العالمية الأمريكي، وبذلك أصبحت من الشركاء الدفاعيين للولايات المتحدة.
ويوصي خبراء الولايات المتحدة، باستخدام تكتيك لقلب التصور في أذهان القادة الأفارقة بأن واشنطن قوة استغلالية من خلال استخدام شعار القوة ذاته الذي تستخدمه في أمريكا وهو "أفريقيا أولاً"، مع تسليط الضوء على أن الشراكة مع الولايات المتحدة مربحة للأطراف جميعها.