logo
العالم

هدير الصواريخ يسبق الدبلوماسية.. كوريا الشمالية تُوجه "رسائل نارية" إلى قمة سيول

اختبار صاروخ فرط صوتي من كوريا الشماليةالمصدر: رويترز

قبل أيام من وصول الرئيس الأمريكي دونالد  ترامب إلى كوريا الجنوبية لحضور قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (أبيك)، اختبرت بيونغ يانغ صاروخين أسرع من الصوت، في خطوة وُصفت بأنها "استعراض قوة محسوب".

ووفق وكالة الأنباء المركزية الكورية، فإن الصواريخ، التي أُطلقت من منطقة ريوكفو في بيونغ يانغ، حلّقت لمسافة 350 كيلومترًا قبل أن تصيب هدفًا في مقاطعة هامجيونغ الشمالية، ضمن برنامج تطوير ما تسميه كوريا الشمالية "الردع الاستراتيجي".

لم يُشرف الزعيم كيم جونغ أون على التجربة، بل كبار قادته العسكريين، ما يوحي بأنها تجربة تشغيلية أكثر منها دعائية، ويُرجّح أنها شملت الصاروخ الجديد "هواسونغ-11إي" المزود بمركبة انزلاقية فرط صوتية، ذات قدرات نووية محتملة.

سباق تكنولوجي

فجّر الاختبار الأخير موجة سباق تسلح جديدة في شبه الجزيرة الكورية؛ فبينما أدانت القيادة الأمريكية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ الاختبار واعتبرته "مزعزعًا للاستقرار"، سارعت كوريا الجنوبية إلى الكشف عن خططها الخاصة لتطوير منظومة أسلحة فرط صوتية.

أخبار ذات علاقة

منتدى أبيك

وسط ترقب عالمي.. هل تتوصل القوى العظمى لهدنة تجارية في "قمة أبيك"؟

كشفت شركة هيونداي روتيم في معرض سيول الدولي للطيران والفضاء والدفاع (ADEX 2025) عن مشروع صاروخ "ويف رايدر" الجوي، القادر على بلوغ سرعة 6 ماخ باستخدام محرك نفاث ثنائي الوضع. 

ويُنتظر بدء اختبارات الطيران قبل نهاية العقد، بدعم من معهد كوريا لتكنولوجيا الدفاع (KRIT).

كما أبرمت الشركة عقدًا بقيمة 34 مليون دولار لتطوير محركات صواريخ تعمل بالميثان، في إطار طموح كوريا لبناء منصة إطلاق فضائية قابلة لإعادة الاستخدام، ما يعكس انتقالًا نوعيًا من التكنولوجيا الروسية القديمة إلى الابتكار المحلي.

رغم مبالغة بيونغ يانغ أحيانًا في قدراتها، فإن الأسلحة الأسرع من الصوت تمثل خطرًا متناميًا، بفضل سرعتها الفائقة وقدرتها على المناورة لتجاوز أنظمة الدفاع الصاروخي الأمريكية والكورية الجنوبية.

ويخشى الخبراء أن تزوّد كوريا الشمالية هذه المنظومات برؤوس نووية، ما سيمنحها وسيلة لتحدي الطبقات الدفاعية الكورية الجنوبية وتحييد المظلة النووية الأمريكية.

إلى جانب ذلك، تعمل بيونغ يانغ على تطوير صواريخ باليستية عابرة للقارات مزودة بتقنية MIRV (رؤوس متعددة مستقلة التوجيه)، تهدد البرّ الرئيسي للولايات المتحدة مباشرة. 

ومع أن نجاح هذه التقنية لا يزال محل شك، إلا أنها تشكّل رسالة استراتيجية واضحة: كوريا الشمالية تريد اعترافًا بها كقوة نووية أمر واقع.

استراتيجية سيول

تتبنى كوريا الجنوبية مقاربة مغايرة تقوم على الردع بالاستهداف، لا الاكتفاء بالتحصين الدفاعي؛ فمشاريع مثل الصاروخ هيونمو-5، المزود برأس حربي يزن 8 أطنان، تهدف لتدمير المخابئ القيادية الكورية الشمالية على عمق 100 متر، بما فيها مواقع القيادة والسيطرة تحت الأرض.

أخبار ذات علاقة

ساناي تاكايتشي

تاكايتشي تقود اليمين الياباني.. صعودٌ يربك حسابات سيول في منتدى "أبيك"

كما تراهن سيول على تكامل تكنولوجي بين أسلحة الجيل الخامس مثل مقاتلات إف-35 والطائرات الشبح دون طيار وصواريخ كروز توروس لتوجيه ضربات دقيقة قادرة على "قطع رأس القيادة" في بيونغ يانغ عند الضرورة.

تبدو إدارة ترامب، بحسب مراقبين، أكثر ميلاً إلى احتواء كوريا الشمالية بدلاً من مواجهتها عسكريًا، ما قد يعني قبولًا ضمنيًا ببيونغ يانغ نووية الأمر الواقع؛ لكن هذا الموقف يثير قلق سيول، التي ترى أن أي تراخٍ أمريكي يُقوّض الردع ويشجع كيم على المزيد من المغامرات.

غير أن الخيار العسكري محفوف بالمخاطر؛ فمحاولة القضاء على ترسانة كوريا الشمالية قد تدفعها إلى استخدام السلاح النووي فورًا، أو تُدخل المنطقة في فوضى إذا انهار النظام دون بديل واضح للسيطرة على الأسلحة النووية.

بينما يشتد التنافس بين الكوريتين، لم يعد جوهر الصراع مرتبطًا بالسرعة أو التقنية فقط، بل بمن يستطيع تشكيل تصورات التهديد وتحديد قواعد اللعبة الاستراتيجية في شبه الجزيرة.

وبينما يجتمع ترامب وشي في سيول وسط هذا التصعيد، يبدو أن أي حديث عن الأمن الاقتصادي في منتدى أبيك سيظل مرهونًا بظلّ الصواريخ الفرط صوتية التي تُعيد رسم موازين الردع في شرق آسيا.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC