في وقتٍ يشهد فيه الاقتصاد العالمي حالة من الترقب الحذر، تستعد مدينة جيونجو الكورية الجنوبية لاستضافة قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (أبيك) في أواخر أكتوبر الجاري.
ستشهد القمة، التي تجمع قادة 21 اقتصادا من آسيا والمحيط الهادئ، حدثا استثنائيا يتمثل في اللقاء المرتقب بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ، في أول مواجهة مباشرة بينهما منذ تصاعد التوتر التجاري بين واشنطن وبكين خلال العامين الماضيين، وفق صحيفة "الغارديان".
أعلن ترامب في تصريحات لوسائل الإعلام عزمه لقاء شي خلال القمة، مؤكدا أنه يسعى إلى "صفقة عادلة" لا "تدمير الصين"، في إشارة إلى رغبته في تخفيف حدة التوتر مع ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وأوضح أن التعريفات الجمركية الأمريكية على السلع الصينية بلغت مستويات غير مستدامة، لكنها جاءت كرد فعل على "ممارسات تجارية غير منصفة"، حسب تعبيره.
ورغم اللغة التصالحية التي استخدمها ترامب، يرى مراقبون أن اللقاء لن يكون سهلاً، إذ تتشابك المصالح الاقتصادية والتكنولوجية بين البلدين في ملفات معقدة تتعلق بالذكاء الاصطناعي، وسلاسل الإمداد، والسيطرة على الموارد النادرة.
ومع ذلك، يُنظر إلى الاجتماع على أنه نافذة دبلوماسية نادرة لإعادة ضبط العلاقات، بعد سنوات من حرب تجارية أضعفت سلاسل الإنتاج العالمية ورفعت معدلات التضخم في العديد من الاقتصادات الناشئة.
لا تقتصر أهمية القمة على اللقاء الأمريكي–الصيني فحسب؛ إذ من المقرر أن يمكث ترامب يومين في كوريا الجنوبية لعقد اجتماعات ثنائية مع الرئيس الكوري لي جاي ميونغ إلى جانب القمة الجماعية.
ويعكس هذا التمديد في الإقامة الأهمية المتزايدة لدور سيول كجسرٍ سياسي واقتصادي في شرق آسيا، خصوصا في ظل مساعيها للوساطة في النزاعات التجارية وتعزيز سلاسل الإمداد الرقمية.
وتراهن الحكومة الكورية على أن قمة جيونجو ستكون منصة لإظهار قدرتها على قيادة نقاشات عالمية حول التحول الأخضر والرقمي، وتبسيط التجارة، ودعم الابتكار التكنولوجي، وهي محاور رئيسة على جدول أعمال المنتدى هذا العام.
تسود أجواء من التفاؤل الحذر حول إمكانية تحقيق تقدم حقيقي في المفاوضات بين واشنطن وبكين؛ فبينما تأمل الأسواق في خطوات ملموسة نحو خفض التعريفات وإحياء حركة التجارة، يحذر محللون من أن العقبات السياسية الداخلية في البلدين قد تعرقل أي اتفاق شامل.
ومع اقتراب موعد القمة، يتفق الخبراء على أن نتائج لقاء ترامب وشي ستتجاوز حدود جيونجو؛ فنجاحهما في كسر الجمود قد يمهد لمرحلة من الاستقرار الاقتصادي العالمي، بينما فشل الحوار قد يعمّق الانقسامات ويدفع نحو مزيد من الحمائية التجارية.
في المحصلة، قمة "أبيك2025" في جيونجو تمثل أكثر من مجرد حدث اقتصادي؛ إنها اختبار دبلوماسي وسياسي لإرادة القوى الكبرى في تجاوز مرحلة الصدام نحو التعاون. ما ستسفر عنه محادثات ترامب وشي قد يرسم ملامح الاقتصاد العالمي في السنوات المقبلة — بين تهدئة مرتقبة أو تصعيدٍ جديدٍ يفتح الباب أمام جولة أخرى من الحروب التجارية.