logo
العالم

صفقة بلا ضمانات.. هل يضع اتفاق ترامب القوقاز أمام فخ دبلوماسي جديد؟

صفقة بلا ضمانات.. هل يضع اتفاق ترامب القوقاز أمام فخ دبلوماسي جديد؟
الرئيس الأذربيجاني ونظيره الأرمينيالمصدر: ICD
30 أغسطس 2025، 8:52 م

في واشنطن، اجتمع قادة أرمينيا وأذربيجان برعاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ليخرجوا بما سُمي “قمة السلام”، لكن خلف الصور الرسمية والتصريحات المتفائلة، كان المشهد يعكس رؤية ترامب الخاصة للعلاقات الدولية "النزاعات لا تُحلّ بقدر ما تُسوّى كما تُسوّى صفقات العقار".

وبحسب "فورين بوليسي"، فإن الحدث حمل مخرجاتٍ واضحة "معاهدة سلامٍ أولية، ومشروعا ضخما للطرق والسكك الحديدية تحت مسمى لافت "طريق ترامب للسلام والازدهار الدوليين" (تريب)، غير أن هذا التوقيع لم يكُن خاليًا من الالتباسات؛ فالمعاهدة لم تُوقّع رسميًا بعد، بل تم الاكتفاء بـ“التأشير” عليها من وزيري الخارجية، في انتظار تنازلاتٍ إضافية من يريفان لمصلحة باكو.

هنا يظهر بوضوح أسلوب ترامب في إدارة الملف، إذ لم يتعامل مع الأزمة باعتبارها صراعًا ممتدًا منذ عقود، بل كفرصةٍ استثمارية يُمكن استغلالها؛ فالاتفاق على مشروع الربط البري والسككي لم يقتصر على فتح طرق التجارة، بل منح للشركات الأمريكية موقعًا متقدمًا في منطقةٍ لطالما تنافست عليها روسيا وإيران وتركيا، وكأن البيت الأبيض أراد أن يبعث برسالةٍ مفادها بأن “السلام” لن يكون بلا مقابل، والمقابل هنا هو فتح الباب أمام رأس المال الأمريكي.

أخبار ذات علاقة

ترامب يرعى اتفاق السلام بين أرمينيا وأذربيجان

ممر زانجيزور يربك القوقاز.. هل يشعل "طريق ترامب" مواجهة مفتوحة في خاصرة آسيا؟

 ويرى الخبراء أن المفارقة تكمن في أن “السلام” الذي بُشّر به، لم يتطرَّق إلى عشرات الأسرى الأرمن المحتجزين، ولا إلى مصير أكثر من 100 ألف نازح من ناغورنو كاراباخ، كما لم تكُن المعاناة الإنسانية هي ما يحدد شروط الجلوس إلى الطاولة، بل حسابات النفوذ والمشاريع، وهنا يكشف المشهد البصمة الشخصية لترامب؛ فالمعاهدة في نظره ليست نهاية نزاعٍ، بل فرصة تجارية قد تدر أرباحًا وتمنح واشنطن تفوقًا جديدًا في "رقعة شطرنج القوقاز".

في الوقت ذاته، يجد الأرمن أنفسهم بين مطرقة الضغوط الأذربيجانية وسندان الانسحاب الروسي؛ فقبولهم باتفاقٍ غير مكتمل جاء من إدراكهم لمحدودية خياراتهم، ومع ذلك، لا يغيب عن المشهد أن ترامب تعامل مع ضعفهم كورقةٍ تفاوضية، لا كقضيةٍ إنسانية تحتاج إلى ضمانات.

أخبار ذات علاقة

ترامب وعلييف وباشينيان بعد توقيع الاتفاق

السيناريو الأسوأ.. هل تكتب "اتفاقية تريب" شهادة وفاة النفوذ الروسي بالقوقاز؟

 وفي السياق ذاته، بالنسبة لأذربيجان، فقد خرجت من القمة أكثر قوة؛ إذ حصلت على اعترافٍ ضمني بانتصارها العسكري في 2020 و2023، وعلى طريقٍ يربطها مباشرة بنخجوان، لكنها بدورها، اضطرت للقبول بأن يتم المشروع تحت السيادة الأرمنية، وهو تنازلٌ غُلِّف بخطابٍ عن “التكامل والازدهار”.

من زاوية أخرى، فإن أكبر الغائبين عن المشهد كان المجتمع الدولي؛ فغياب الضمانات الأممية أو الأوروبية جعل الاتفاق رهنًا بمزاج الأطراف، وأخضع مصير شعوب المنطقة لرؤية رئيسٍ أمريكي يرى في الخرائط خطوطًا تجارية أكثر منها حدودًا سيادية.

وبحسب مُطّلعين فإن السلام الذي بدأ في القوقاز لم يكُن ثمرة إرادةٍ حقيقية لإنهاء صراعٍ دموي طويل، بقدر ما كان صفقةً على الطريقة الترامبية، من خلال صورة توقيع، وإعلان مشروعٍ ضخم، ومكانة للولايات المتحدة كمستثمر أول في مستقبل المنطقة، أما المصالحة الحقيقية، فما زالت مؤجلة، وربَّما مرهونةً بمدى نجاح الطريق الحديدي الجديد في جلب الأرباح.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC