logo
العالم

"جنوب القوقاز" يهدد بتفجير الشراكة العسكرية الهندية–الإسرائيلية

وزيرة المالية الهندية ووزير المالية الإسرائيليالمصدر: وزارة المالية الإسرائيلية

برزت الهند وإسرائيل كشريكين موثوقين خلال السنوات الماضية، حيث أصبحت إسرائيل من أكبر موردي الأسلحة للهند، بينما قدمت تل أبيب دعمًا كاملًا لنيودلهي خلال عملية "سيندور". 

كما قاومت الهند الدعوات المتزايدة لعزل إسرائيل دبلوماسيًّا بعد حرب غزة، محافِظةً على شراكة دفاعية قوية بين البلدين.

ووفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، استحوذت إسرائيل على 13% من واردات الهند من الأسلحة بين 2020 و2024، بينما كانت الهند الوجهة الأكبر للصادرات الإسرائيلية بنسبة تقارب 34% خلال الفترة نفسها.

مع ذلك، وعلى الرغم من التوافق الجيوسياسي بينهما حول قضايا مثل مكافحة الإرهاب، تقف الهند وإسرائيل على طرفي نقيض في منطقة جنوب القوقاز، حيث تدعمان أطرافًا متحاربة في النزاع بين أرمينيا وأذربيجان، وهو صراع يتسم بالحروب السابقة والمناوشات الحدودية المتكررة، وفق صحيفة "يوراسيان تايمز". 

أخبار ذات علاقة

الرئيسان التركي رجب طب أردوغان ونظيره الأرميني نيكول باشينيان

مصالحة مرتقبة في القوقاز.. اتفاق البيت الأبيض يمهد لتطبيع أرميني-تركي

ورغم توقيع البلدين اتفاقية سلام في أغسطس/آب، إلا أن احتمال نشوب مواجهة جديدة يبقى قائمًا، ما يضع شراكتهما الدفاعية على حبل دبلوماسي مشدود.

الشراكة الدفاعية الهندية–الأرمنية

اعتمدت أرمينيا تاريخيًّا على الأسلحة الروسية لتلبية احتياجاتها الدفاعية، لكنها شعرت بالحاجة لتوسيع خياراتها في ظل انشغال روسيا بحرب أوكرانيا وتصاعد ضغط أذربيجان على الحدود.

وفي عام 2022، أشار رئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان إلى فشل الحلفاء في تلبية العقود العسكرية الموقعة سابقًا، وهو ما أبرز الحاجة إلى تنويع مصادر التسليح.

في هذا السياق، برزت الهند كداعم رئيسي لأرمينيا، حيث وقعت معها شراكة دفاعية بقيمة 2 مليار دولار في عام 2020 تضمنت شراء أنظمة الدفاع الجوي Akash-1S وأنظمة صاروخية متعددة الإطلاق من طراز Pinaka. 

وبحلول عام 2022، أصبحت أرمينيا أكبر مستورد للأسلحة الهندية، مستحوذة على نحو 43% من جميع الواردات العسكرية إلى البلاد بين 2022 و2024، بما في ذلك مدافع الهاوتزر والصواريخ المضادة للدبابات والمعدات المضادة للطائرات بدون طيار.

أخبار ذات علاقة

الرئيس الأذربيجاني ونظيره الأرميني

صفقة بلا ضمانات.. هل يضع اتفاق ترامب القوقاز أمام فخ دبلوماسي جديد؟

لم يكن قرار الهند دعم أرمينيا مفاجئًا، إذ يوازن التحالف الهندي–الأرمني دعم تركيا وباكستان لأذربيجان ضمن "إعلان إسلام آباد الثلاثي" لعام 2021. 

ويضيف دعم أرمينيا للهند موطئ قدم استراتيجي في جنوب القوقاز، بما يسمح لنيودلهي بتطوير طرق تجارية مع أوروبا عبر إيران وأرمينيا، ويعزز مواقفها الإقليمية مقابل باكستان وتركيا.

الشراكة الدفاعية الإسرائيلية–الأذربيجانية

في المقابل، دعمت إسرائيل أذربيجان بشكل رئيسي، وهو موقف يبدو جيوسياسيًّا معقدًا؛ نظرًا لعلاقات تل أبيب المتوترة مع تركيا، الداعم البارز لأذربيجان وحماس في المنطقة. 

ومع ذلك، تقدم أذربيجان لإسرائيل فوائد استراتيجية مهمة، بما في ذلك القرب من إيران، العدو الإقليمي الرئيسي لإسرائيل، وتزويدها بما لا يقل عن 40% من احتياجاتها النفطية.

أخبار ذات علاقة

ترامب يرعى اتفاق السلام بين أرمينيا وأذربيجان

سلام على "الرماد الروسي".. هل يتحول القوقاز إلى قاعدة نفوذ أمريكية؟

كما زودت إسرائيل باكو بأسلحة متقدمة، تشمل ذخائر HAROP، طائرات استطلاع Hermes-900، صواريخ موجهة، وصواريخ باليستية LORA، ونظام الدفاع الجوي باراك-8، إضافة إلى تحديث أسطول الدبابات الأذربيجاني من طراز Aslan T-72. 

وتفيد تقارير بأن أذربيجان منحت عملاء الموساد في البلاد تراخيص لمراقبة إيران، وإنشاء فرع متقدم، بما يعكس الترابط العسكري والاستخباراتي بين تل أبيب وباكو.

تداعيات دعم الأطراف المتعارضة

تحمل الاستراتيجية المزدوجة للهند وإسرائيل في جنوب القوقاز مخاطر كبيرة لشراكتهما الدفاعية؛ ففي حال نشوب صراع جديد بين أرمينيا وأذربيجان، قد تضطر الأسلحة الهندية والإسرائيلية إلى التنافس على أرض المعركة، ما يضع العلاقة بين نيودلهي وتل أبيب تحت ضغط شديد.

مثال ذلك العلاقات الروسية–التركية، حيث دعمت الدولتان أطرافًا متعارضة في سوريا وليبيا، ما ألقى بتداعيات سلبية على توازن علاقاتهما؛ وعلى غرار ذلك، تحتاج الهند وإسرائيل إلى إدارة حذر لعلاقتهما لضمان عدم التأثر بصراعات الأطراف التي تدعمانها.

رغم التحديات، تمتلك الهند وإسرائيل دوافع قوية للحفاظ على شراكتهما؛ فالهند تسعى لدعم أرمينيا لموازنة النفوذ التركي–الباكستاني، وتعزيز مواقعها الاستراتيجية في جنوب القوقاز؛ بينما إسرائيل تعتمد على أذربيجان لتلبية احتياجات الطاقة وتعزيز القدرات الاستخباراتية والعسكرية في مواجهة إيران.

أخبار ذات علاقة

ترامب يرعى اتفاق السلام بين أرمينيا وأذربيجان

ممر زانجيزور يربك القوقاز.. هل يشعل "طريق ترامب" مواجهة مفتوحة في خاصرة آسيا؟

ومع ذلك، فإن دعم الأطراف المتعارضة في نفس المنطقة يتطلب من البلدين التنسيق المستمر، وتجنب أي ممارسات قد تؤدي إلى تصادم مباشر أو تسرب معلومات حساسة حول أنظمة الأسلحة المتقدمة، مثل طائرات الاستطلاع والطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية.

في المحصلة، يمكن القول إن الشراكة الدفاعية الهندية–الإسرائيلية قوية على صعيد الأسلحة والدعم العسكري، لكنها تواجه اختبارًا جيوسياسيًّا حقيقيًّا في جنوب القوقاز؛ إذ تتناقض مصالحهما في دعم أرمينيا وأذربيجان، ما يضع العلاقة على حافة مواجهة محتملة. 

ويظل التحدي الأكبر هو الحفاظ على الشراكة الاستراتيجية دون المساس بالثقة المتبادلة أو الوقوع في فخ صراعات الأطراف الثالثة، بما يضمن استمرار التعاون الدفاعي في إطار مستقر ومتوازن.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC