رأت مجلة "فورين بوليسي" أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، يمتلك أوراقاً مهمة يمكنها أن تدفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإنهاء الحرب على أوكرانيا، خصوصاً بعد تعبيره عن "الإحباط" الذي دفعه للتهديد بالانسحاب من المحادثات بين كييف وموسكو.
وذهبت المجلة إلى أن على ترامب أولاً أن يوضح لبوتين التكاليف التي ستتكبدها موسكو إذا استمرت في مسار رفض الوقف التام للحرب، معتبرة أنه على الرغم من إحجام الرئيس الأمريكي الدائم عن انتقاد روسيا أو فرض تكاليف عليها، فإن إعادة التوازن في سياسة أوكرانيا قد لا تكون مستحيلة.
وبدلاً من الانسحاب من محادثات السلام، فإن ترامب إذا أراد النجاح كصانع سلام، فمن المنطقي أن يختبر فرضية أن ممارسة المزيد من الضغط على موسكو، دون الحاجة إلى التزامات مالية أمريكية واسعة النطاق يعارضها، يمكن أن تساعد في إنهاء الحرب.
عقوبات جديدة
قد يدعم ترامب حزمة عقوبات جديدة على روسيا، مشتركة بين الحزبين، وضعها مؤيدون له في مجلس الشيوخ، مثل ليندسي غراهام، لتكثيف الضغط الاقتصادي على موسكو.
وبناء على الإجراءات الأمريكية والأوروبية القائمة للحد من أرباح النفط الروسية، ستستهدف هذه الإجراءات الجديدة الدول والأفراد الذين يشترون النفط الروسي أو الديون السيادية، والتي ستُطبق إذا رفضت روسيا الدخول في مفاوضات صادقة من أجل سلام دائم أو انتهكت اتفاقيات السلام المستقبلية.
ويعاني الاقتصاد الروسي بالفعل من ضغوط شديدة، حيث لا يدعم نموه سوى الإنفاق الحربي، واستمرار التضخم بنسبة مئوية من رقمين، وارتفاع أسعار الفائدة إلى 21%.
وسيُسبب انهيار أسعار النفط مزيدًا من المعاناة، واحتمال أن يُفاقم ترامب هذه المعاناة بفرض عقوبات إضافية على قطاع الطاقة سيدفع بوتين إلى التفكير ملياً.
قد يوجه ترامب البنتاغون لإنفاق المبلغ المتبقي، والبالغ 3.8 مليار دولار، الذي أقره الكونغرس إلى أوكرانيا.
ورغم أن الولايات المتحدة في عهد ترامب لم تقر بتقديم مساعدات جديدة لأوكرانيا لأكثر من أربعة أشهر، فقد تمكن الأوكرانيون من الصمود في ساحة المعركة مستفيدين من المساعدات التي زادتها إدارة جو بايدن في الأسابيع الأخيرة.
وقالت "فورين بوليسي" إن التهديد بإرسال دفعات جديدة من المساعدات العسكرية إلى أوكرانيا حتى يتم التوصل إلى اتفاق، لن تمنح كييف وقتاً في ساحة المعركة فحسب، بل ستكون أيضاً إشارة لبوتين بأن الولايات المتحدة ليست مستعدة للتخلي عن أوكرانيا كما تأمل روسيا وتتوقع.
كما قد يُسرّع ترامب جهود تحسين الدفاعات الجوية الأوكرانية، التي لا تُشكّل تهديداً لروسيا، بل تُفيد صناعة الدفاع الأمريكية وتُنقذ أرواحاً أوكرانية.
ويعني ذلك المضي قدماً في الخطط، التي أُعلن عنها الأسبوع الماضي، لتزويد أوكرانيا بنظام باتريوت مُجدّد من إسرائيل، ومطالبة الكونغرس بدعم تمويل إضافي متواضع، كجزء من ميزانية البنتاغون الأساسية، بدلاً من أن يكون مُكمّلًا خاصاً بأوكرانيا، لزيادة إنتاج ونقل أنظمة الدفاع الصاروخي والصواريخ الاعتراضية، بما في ذلك صواريخ باتريوت.
ومن المتوقع أن يحظى الاقتراح بدعم الحزبين، فالدفاعات الجوية الإضافية لن تُسهم فقط في الحد من الخسائر المدنية في المدن الأوكرانية، بل ستحمي أيضاً البنية التحتية للطاقة، وتمنح أوكرانيا قدرة أكبر على الصمود.
وتضرّرت العلاقات الأمريكية الأوروبية منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض، وهو ما استفاد منه الكرملين.
وتقترح "فورين بوليسي" أن يسعى ترامب إلى اتفاق مع الأوروبيين، الذين حافظوا على دعمهم القوي لأوكرانيا حتى مع تراجع الولايات المتحدة، لتعزيز قوة الردع الأوكرانية على المدى الطويل من خلال التدريب والأسلحة والتمويل.
وستتحمل أوروبا مسؤولية الجزء الأكبر من التمويل، لكن الولايات المتحدة ستبيع لحلفائها الأوروبيين أسلحة أمريكية وستواصل توفير قدرات فريدة، مثل المعلومات الاستخباراتية والتدريب على الأنظمة الأمريكية.
ومن الناحية المثالية، سيتضمن الاتفاق استخدام، أو على الأقل التهديد باستخدام حوالي 200 مليار دولار من الأصول الروسية المجمدة في أوروبا، لدفع تكاليف الدفاع وإعادة الإعمار في أوكرانيا.
وكان الأوروبيون مترددين في اتخاذ هذه الخطوة لأسباب قانونية وسياسية عديدة، لكنهم قد يكونون على استعداد للنظر فيها إذا مهدت الطريق لاستمرار الدعم الأمريكي لأوكرانيا.