logo
العالم
خاص

الحدود الأوروبية الروسية تشتعل.. نُذر مواجهة أم استعراض لردع متبادل؟

الحدود الأوروبية الروسية تشتعل.. نُذر مواجهة أم استعراض لردع متبادل؟
تدريبات لقوات الناتوالمصدر: أ ف ب
31 مايو 2025، 7:38 م

تشهد العلاقات بين روسيا وحلف شمال الأطلسي "الناتو" توترًا متصاعدًا، على وقع تعزيزات عسكرية متبادلة على طول الحدود الشرقية لأوروبا.

ففي الوقت الذي تتهم فيه موسكو الحلف بتوسيع انتشاره العسكري قرب حدودها، يؤكد الناتو أن روسيا نفسها تقوم بتحركات مقلقة بتعزيز قواتها وقواعدها في غرب البلاد، ما يثير تساؤلات حول احتمال اندلاع مواجهة مفتوحة بين الطرفين.

أخبار ذات علاقة

سقوط بلدات استراتيجية بمحيط سومي.. روسيا تبدأ خطة "المنطقة العازلة"

سقوط بلدات استراتيجية بمحيط سومي.. روسيا تبدأ خطة "المنطقة العازلة"

واتهمت روسيا، مرارًا، حلف شمال الأطلسي بالسعي إلى تطويقها عسكريًا من خلال تعزيز وجوده في دول أوروبا الشرقية، لا سيّما بولندا، ورومانيا، ودول البلطيق، بالإضافة إلى نشر منظومات صاروخية قرب حدودها.

وفي تصريح لافت، قال وزير الدفاع الروسي، أندريه بيلوسوف، إن الناتو يستخدم أوكرانيا كأداة لتوسيع نفوذه في المنطقة، وإن الحلف مستمر في التقدّم على جبهات عدة داخل أوكرانيا، ما يساهم في حالة عدم الاستقرار الإقليمي.

وفي سياق متصل، كشفت مصادر روسية أن الرئيس فلاديمير بوتين يشترط الحصول على تعهد كتابي من الدول الغربية بعدم توسيع حلف الناتو شرقًا، كجزء أساس من أي تسوية محتملة لإنهاء الحرب في أوكرانيا.

ويشمل هذا الطلب رفض انضمام أوكرانيا، وجورجيا، ومولدوفا، وغيرها من الجمهوريات السوفيتية السابقة إلى الحلف، بالإضافة إلى رفع جانب كبير من العقوبات المفروضة على روسيا.

ووفقًا للمصادر الدبلوماسية، تتضمن الشروط الروسية أيضًا التزام أوكرانيا بالحياد، وتسوية ملف الأصول السيادية الروسية المجمدة في الغرب، وتوفير حماية خاصة للناطقين بالروسية داخل أوكرانيا.

وأشارت المصادر إلى أن بوتين بات أقل ميلاً للتنازل عن المناطق الأربع التي تسيطر عليها موسكو في شرق أوكرانيا، ويصرّ على ضمها رسميًا كجزء من أي حل سياسي.

ورغم التصريحات المتبادلة والتوتر العسكري المتصاعد، يبدو أن كل طرف يسعى إلى فرض معادلة ردع جديدة على الأرض، بينما يبقى مستقبل الأمن الأوروبي معلقًا بين لغة السلاح وخيوط الدبلوماسية المتوترة.

انعدام الثقة الروسية الأوروبية

ويؤكد الخبراء أن التحركات العسكرية المتبادلة بين روسيا وحلف شمال الأطلسي في شرق أوروبا، وغرب روسيا، تعكس حالة من انعدام الثقة المتصاعدة، خاصةً أن روسيا ترى أن توسيع الناتو لقواعده في رومانيا، وبولندا، ودول البلطيق، يشكل تهديدًا مباشرًا لأمنها، في حين يعتبر الناتو أن تعزيز موسكو لقواتها قرب حدوده يمثل سلوكًا هجوميًا.

وفي تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز"، يرى الخبراء أن هذه التحشّدات تُستخدم كأوراق ضغط إستراتيجية، في ظل غياب اتفاقات أمنية ملزمة بين الطرفين، وتصاعد المخاوف من تحوّل أي احتكاك إلى صراع مفتوح.

قوات من الجيش الروسي

وقال آصف ملحم، مدير مركز «JSM» للأبحاث والدراسات، إن توسّع قوات حلف شمال الأطلسي في شرق أوروبا، وإقامة قواعد عسكرية في رومانيا، وجمهورية التشيك، وبولندا، إلى جانب نية الولايات المتحدة إنشاء قواعد في ألمانيا، وبعض الدول المطلة على بحر البلطيق، يُعد تصعيدًا واضحًا.

وأضاف ملحم لـ"إرم نيوز"، أن هذه القواعد قادرة على حمل صواريخ موجهة نحو المدن الروسية، وهو ما يدفع روسيا إلى إعادة توزيع قواتها في غرب البلاد بهدف تحقيق توازن إستراتيجي مع الناتو في تلك المنطقة.

وأشار إلى أزمة الشيشان في التسعينيات كمثال، عندما بدأت روسيا بإرسال منظومات عسكرية إلى هناك، وقوبلت باعتراضات غربية بدعوى خرق معاهدة القوات التقليدية. وأوضح أن موسكو "تفهم اللعبة جيدًا"، وتبقى في حالة استنفار دائم لأنها تدرك أن أي لحظة قد تشهد اختراقًا يستوجب ردًا عسكريًا.

وشدد مدير مركز «JSM» للأبحاث والدراسات على أن العلاقة بين روسيا والغرب تاريخيًا متوترة، وأن الحرب قد تندلع، عاجلًا أم آجلًا، إلا أن اندلاع حرب شاملة في الوقت الراهن أمر مستبعد.

واستشهد بتصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن رغبته في ضم جزيرة غرينلاند، متسائلًا: "هل فعلًا السبب جغرافي؟ أم أن هناك بُعدًا إستراتيجيًا يتعلق بروسيا؟".

أخبار ذات علاقة

 كيث كيلوج مبعوث الرئيس الأمريكي إلى أوكرانيا

واشنطن: قلق روسيا بشأن توسع الناتو مشروع

 توزيع القوات الروسية

وأوضح أن روسيا ينبغي أن تبقى جاهزة دائمًا لإعادة توزيع قواتها، تحسّبًا لأي طارئ، لا سيما في جبهات باتت مشتعلة، مثل: بولندا، وفنلندا، ودول البلطيق.

وأكد د. آصف ملحم أن روسيا لا تعوّل على مبادرات السلام الغربية، لأنها، غالبًا، لا تُطرح إلا عندما يشعر الغرب بالضيق، وفق تعبيره.

وأشار ملحم إلى أن احتمال اندلاع حرب بين روسيا والناتو أمر واقعي، مشددًا على أن موسكو لن تقبل أي تسوية طالما لم تُعالج جذور الأزمة الأوكرانية، وأن الغرب يسعى إلى خلق بؤر توتر على تخوم روسيا، خاصة في الشيشان، وجورجيا، وكازاخستان، وآسيا الوسطى، في محاولة لإعادة تشكيل وعي هذه الشعوب لتكون أكثر عداءً لروسيا.

نظرية قلب الأرض

وتطرق إلى نظرية "قلب الأرض" للمفكر الجيوسياسي هالفورد ماكيندر، والتي تقول إن من يسيطر على قلب العالم – أي روسيا – يسيطر على العالم، وإن هذه النظرية لا تزال راسخة في أذهان الساسة الغربيين، وإن روسيا تدرك أن إظهار أي ضعف سيجعلها عرضة للاستهداف.

وأشار آصف ملحم إلى أنه إذا اندلعت حرب شاملة بين روسيا والناتو، ستكون نووية، أما استمرار الحروب التقليدية، وخلق بؤر التوتر، فقد يطيلان أمد الأزمة.

من جانبه، قال إبراهيم كابان، مدير شبكة الجيوستراتيجي للدراسات، إن هناك أزمة ثقة حقيقية بين روسيا وحلف الناتو، وإن الولايات المتحدة تخشى من التحركات الروسية التي تثير الذعر في أوروبا.

وأضاف لـ"إرم نيوز" أن التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا، والذي تجاوز الأعراف الدولية، يُعد مؤشرًا خطيرًا، لأنه يعكس استهتار موسكو بالقانون الدولي، وسيادة الدول، ما جعل الاتحاد الأوروبي يعتبر روسيا تهديدًا مباشرًا، وفق تعبيره.

أخبار ذات علاقة

مركبات عسكرية تابعة للجيش الروسي

روسيا تعزز حشودها بالغرب.. لمقارعة "الناتو" أم لمنطقة عازلة؟

 إستراتيجية الردع

وأوضح أن روسيا تسعى إلى تعزيز دفاعاتها على حدودها مع أوروبا، لا سيما مع بيلاروسيا، وهو ما دفع الاتحاد الأوروبي إلى رفع مستوى الجاهزية العسكرية في تلك المنطقة، في إطار استراتيجية ردع بدأت تتضح ملامحها، مع توجه واضح نحو تطوير القدرات العسكرية داخل القارة.

وأشار إلى أن ألمانيا خصصت موازنة ضخمة لتعزيز قدرات جيشها، فيما تعيد فرنسا بناء جيشها بشكل احترافي، وتُعد بريطانيا من الدول الرائدة في هذا التوجه، إلى جانب السويد، ومعظم الدول الأوروبية الأخرى.

وتحدث كابان عن وجود مفاوضات داخل الاتحاد الأوروبي لتشكيل قوة دفاع أوروبية موحدة، موضحًا أن التحركات الأخيرة لحلف الناتو تحمل رسالة واضحة إلى موسكو، مفادها أن التوسع الروسي لن يمر دون رد.

واعتبر كابان أن الانتشار الجديد للناتو في شرق أوروبا هو رد مباشر على التوسع العسكري الروسي قرب الحدود الأوروبية.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC