أصبح الكشف عن فساد مالي للنظام السنغالي السابق اختبارًا حقيقيًا للقيادة الجديدة، حيث تواجه حكومة رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونكو مهمة مزدوجة: استعادة ثقة المؤسسات الدولية ومعالجة التحديات الداخلية دون تهديد الاستقرار السياسي؛ ما أثار تساؤلات حول قدرة البلاد على مواجهة العجز وإعادة ضبط سياستها المالية.
ففي 8 نوفمبر الماضي اجتمع الآلاف في تجمع دعم لسونكو في دكار، حيث اتهم النظام السابق بالفساد وسوء إدارة الأموال العامة، مشددًا على ضرورة محاسبة كل من ينكر وجود "الديون المخفية".
وبحسب "جون أفريك"، فإن هذه التصريحات تزامنت مع كشف وزارة المالية عن حجم العجز والدين الحقيقي للبلاد، والذي تجاوز بكثير ما أعلن عنه النظام السابق؛ ما وضع الحكومة الجديدة أمام تحديات اقتصادية غير مسبوقة؛ خصوصًا أن الدولة لطالما تلقت منذ فترة طويلة تحذيرات بشأن تزايد حجم الديون في البلاد.
ورغم أن التقارير الأولية للتحقيق أشارت إلى معرفة عدد من المسؤولين القدامى بوجود هذه الديون، فإن كثيرًا منهم ما يزالون يشغلون مناصب حساسة في الدولة، وهو ما يعكس شبكة معقدة من المسؤوليات المشتركة داخل الإدارة.
ويعتقد مراقبون أن وفاة وزير المالية السابق، مامادو مصطفى با، في ظروف غامضة في باريس، زادت من الغموض حول كيفية إدارة الأموال العامة، بينما يظل وزير المالية الحالي الشيخ ديبا، الذي رشحه مصطفى با لخلافته نظرًا للثقة العميقة المتبادلة بينهما، في قلب النقاشات حول دوره في الكشف عن التجاوزات السابقة وضرورة معالجتها.
وصرح مسؤول مقرب من الرئيس السنغالي السابق أنه وبينما يتم التشكيك في دور الوزير في هذه القضية، فإن مصطفى با هو "أبو هذا الدين الخفي"؛ وقد يُفسر الاحترام المتبادل بينهما، تردُّد ديبا في الكشف عن المخالفات المالية التي ارتكبها النظام السابق.
مع ذلك، وتحت ضغط من الحكومة السنغالية، يُستخدم مصطلح "الدين الخفي" الآن في البيانات الرسمية لصندوق النقد الدولي، كما لم يعد سونكو يتردد في تهديد من يرفضون هذا المصطلح باتخاذ إجراءات قانونية.
ويعتقد محللون أن الأيام المقبلة ستكون حاسمة في رسم مستقبل البلاد الاقتصادي والسياسي، لكن وسط هذه التحديات، يظل السؤال الأكبر: هل تستطيع السنغال تجاوز الأزمة المالية وتحقيق الشفافية المؤسسية، وإعادة ضبط سياستها المالية دون أن تهتز الثقة الداخلية والخارجية؟