logo
العالم

اجتياح "المد الأزرق".. أسباب تحول دول أمريكا اللاتينية نحو قوى "اليمين"

الرئيس التشيلي الجديد خوسيه أنطونيو كاستالمصدر: فرانس برس

تشهد دول أمريكا اللاتينية تحولات سياسية متسارعة، ميزتها الأبرز تجاوز اليسار في مقابل صعود صاروخي للقوى اليمينية؛ فتلك البقعة من العالم التي كانت في الماضي مسرحاً لسياسيي اليسار المشبعين بالماركسية، الذين وعدوا الجماهير بحل مشاكل العالم، تصدر فيها جيل جديد من القادة واجهة الأحداث، لكنهم هذه المرة "تحرريون" من اليمين، وفق ما كشف تقرير لصحيفة "التايمز" البريطانية.

أخبار ذات علاقة

الرئيس التشيلي الجديد خوسيه أنطونيو كاست

صعود اليمين.. كيف يعيد ترامب تشكيل المشهد السياسي في أمريكا اللاتينية؟

ويكشف التقرير، أنه رغم سيطرة اليسار على مقاليد الحكم خلال العقدين الماضيين، فلم يفز أي زعيم يساري في أي انتخابات رئاسية في أمريكا اللاتينية هذا العام 2025، فقد انتخبت بوليفيا والإكوادور وهندوراس وتشيلي رؤساء محافظين، مع العلم أن نتائج انتخابات هندوراس لا تزال قيد إعادة الفرز. وقد أطاحت جميع هذه الدول، باستثناء الإكوادور  ـ حيث أُعيد انتخاب الرئيس الحالي نوبوا ـ بحكومات يسارية.

وتضيف الصحيفة، أنه في منطقة الكاريبي، خسر السياسي اليساري المخضرم رالف غونسالفيس المعروف بـ"الرفيق رالف" الانتخابات في سانت فنسنت وجزر غرينادين أمام المعارضة اليمينية الوسطية، منهيًا بذلك حكمه الذي دام 24 عامًا في ظل نظام الحكم الملكي.

ويُتوقع فوز مرشح محافظ في الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل في كولومبيا. أما البرازيل، فتبدو حالةً استثنائية، إذ يتقدم الرئيس اليساري لولا بفارق كبير في استطلاعات الرأي على منافسيه اليمينيين المحتملين في انتخابات أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.

المد الأزرق

وبحسب "التايمز"، يُطلق البعض على هذه الظاهرة اسم "المد الأزرق"، وهو انعكاس لما يُسمى "المد الوردي"، الذي شاع استخدامه بين المحللين في أوائل العقد الأول من الألفية الثانية، بعد أن ساهم هوغو تشافيز، رئيس فنزويلا، الذي جنى مليارات الدولارات من ارتفاع أسعار النفط، في إلهام وتمويل الحركات والحكومات اليسارية في أمريكا اللاتينية.

أخبار ذات علاقة

رئيس الحزب الجمهوري في تشيلي، أرتورو سكويلا

مرشح اليمين المتطرف يفوز بالانتخابات الرئاسية في تشيلي

لكن التقرير، أكد أن عودة اليمين لحكم بعض دول أمريكا اللاتينية، يثير استفهامات كثيرة من قبيل، هل هذا الميل نحو اليمين مجرد نتيجة لتقلبات سياسية معروفة لدى ناخبي المنطقة، الذين يميلون، عند إتاحة الفرصة لهم، إلى الإطاحة بالرؤساء الحاليين؟ أم أن هناك تحولاً أعمق يجري في المنقطة؟

ويقول برايان وينتر، نائب رئيس قسم السياسات في "جمعية الأمريكتين"، وهي مركز أبحاث: "لا يبدو أن هذا التحول نحو اليمين مجرد تقلب دوري طفيف أو تذبذب قصير الأجل، بل هو دليل على أن الأفكار والأولويات السياسية المحافظة تكتسب زخماً في أمريكا اللاتينية".

دور ترامب

ساهمت بعض العوامل في تغيير مسار الأحداث، لعل أبرزها عودة الرئيس الأمريكي الرئيس ترامب للرئاسة من جديد، وهو الذي دافع عن قادة اليمين في المنطقة، ولوّح بتقديم دعم مالي لمن يدعمونه، ورفع الرسوم الجمركية على من يعارضونه.

أخبار ذات علاقة

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

سياسات ترامب تجاه فنزويلا تعمق الانقسام في أمريكا اللاتينية

واضاف وينتر: "كان من المتوقع أن يؤدي صعود رئيس أمريكي متشدد، قومي، ويميني إلى دفع المقاومة اليسارية في المنطقة". لكنه أشار إلى أن العكس هو ما يحدث. فمن "يُعجبون بترامب، ويُجاملونه، بل ويقتدون به" يُنتخبون لمناصب السلطة.

ومن العوامل الأخرى التي تدفع ناخبي المنطقة نحو اليمين، فنزويلا، حيث أثبت انهيار البلاد، الذي بدأ في عهد تشافيز وتسارع في عهد الرئيس مادورو، أنه عبء ثقيل على كل سياسي يساري يسعى إلى السلطة. ويتعين على الجميع طمأنة الناخبين بأن خطتهم ليست تحويل بلادهم إلى "فنزويلا أخرى".

في الانتخابات التشيلية، واجهت مرشحة الحزب الشيوعي، جانيت خارا، التي كانت تتنافس مع الفائز في نهاية المطاف، خوسيه أنطونيو كاست، المحافظ المتشدد، اتهامات متواصلة بأنها تدعم النظام الفنزويلي سرًا. وذلك على الرغم من تأكيدها المتكرر على أنها تعتبر مادورو ديكتاتورًا.

العداء للمهاجرين

ساهم تدفق المهاجرين في خدمة مصالح السياسيين المحافظين، الذين تبنوا مواقف معادية للمهاجرين. ففي تشيلي، وخلال حملته الانتخابية، صوّر كاست - على غرار ترامب - تدفق المهاجرين كتهديد للأمن القومي. ووعد ببدء عمليات ترحيل جماعية وبناء جدار على الحدود الصحراوية بين تشيلي وبوليفيا، وهي نقطة دخول للفنزويليين.

كما ربط هو وغيره من قادة اليمين الهجرة بالجريمة، التي أثبتت استطلاعات الرأي في المنطقة أنها الشغل الشاغل للناخبين.

أخبار ذات علاقة

فنزويلا بين فكي كماشة واشنطن و موسكو

خرائط النفوذ في أمريكا اللاتينية.. فنزويلا بين فكي كماشة واشنطن وموسكو

يتصاعد العنف المرتبط بالجريمة المنظمة، الذي لطالما شكّل مشكلة في أمريكا اللاتينية، مجدداً. ففي دول كانت تُعتبر آمنة سابقاً، كالإكوادور وتشيلي، بلغت معدلات القتل مستويات قياسية. وتقف وراء بعض هذه الجرائم عصابات مافيا مثل "ترين دي أراغوا"، أكبر عصابة في فنزويلا. كما تزدهر جماعات إجرامية صغيرة، ينخرط العديد منها في عمليات ابتزاز تجارية، مما يُذكّر السكان باستمرار بمشكلة الجريمة التي تُحيط بهم.

وخلص تقرير "التايمز"، إلى أن كل العوامل السابقة، دفعت الناخبين في أمريكا اللاتينية إلى التوق إلى حل، بل إن الملايين منهم معجبون بأسلوب دكتاتور السلفادور ببوكيلي، الذي سجن نحو 3% من الذكور في بلاده، ونجح في جعل معظم أنحاء البلاد شبه خالية من الجريمة.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC