logo
العالم

صعود اليمين.. كيف يعيد ترامب تشكيل المشهد السياسي في أمريكا اللاتينية؟

الرئيس التشيلي الجديد خوسيه أنطونيو كاستالمصدر: غيتي إيمجز

مع فوز خوسيه أنطونيو كاست في الانتخابات الرئاسية في تشيلي هذا الأسبوع، يتضح تأثير النهج السياسي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب على المشهد السياسي في أمريكا اللاتينية. 

فقد اتسمت حملة كاست بخطاب متشدد في مكافحة الجريمة، ومعادٍ للهجرة غير الشرعية، ومشحون بالنزعة القومية، إلى جانب استراتيجية شعبوية ترفض سياسات المؤسسة التقليدية، وهي السمات نفسها التي ميزت ترامب في الولايات المتحدة، بحسب مجلة "نيوزويك".

قدم كاست، المحامي البالغ من العمر 58 عاما ومؤسس الحزب الجمهوري اليميني المتطرف في تشيلي، نفسه كمحافظ ثقافي وصارم في تطبيق القانون والنظام، مع تأييد علني لدكتاتورية أوغستو بينوشيه، مبررا ذلك بضرورة استعادة النظام. 

أخبار ذات علاقة

رئيس الحزب الجمهوري في تشيلي، أرتورو سكويلا

مرشح اليمين المتطرف يفوز بالانتخابات الرئاسية في تشيلي

وقد ركز في حملته على قضايا الأمن والسيادة والسيطرة، معتمدا على خطاب يلقى صدى واسعا بين الناخبين الذين يشعرون بعدم اليقين تجاه المستقبل الاقتصادي والاجتماعي للبلاد.

التوجه نحو اليمين

رغم المفاجأة التي قد تبدو على المشهد الدولي، يؤكد المحللون أن نتائج الانتخابات كانت متوقعة محليا.

وقالت مارتا لاغوس، مديرة "لاتينوبارومترو"، إن الميل نحو اليمين كان واضحا بالفعل منذ الاستفتاءات الدستورية وانتخابات 2024 البلدية، ويعكس الإحباط من وعود الانتفاضة الاجتماعية لعام 2019، وتفاقم انعدام الثقة بالمؤسسات، والقلق العام بشأن الجريمة والهجرة.

وأضافت: "هناك تناقض بين الواقع والخيال؛ ويقول 90% من السكان إنهم يخشون الخروج، لكن الأرقام لا تبرر هذا الخوف؛ الرواية هي التي تنتصر، وليس البيانات".

أصبحت الهجرة محورا أساسيا في المزاج السياسي؛ فخلال العقد الماضي، استقطبت تشيلي عشرات الآلاف من المهاجرين من هايتي وفنزويلا، وأصبح الفنزويليون أكبر جالية أجنبية بعدد يقارب 669 ألف شخص، أي نحو 38% من إجمالي المهاجرين. 

أخبار ذات علاقة

لقاء سابق بين ترامب وأندريا بوتشيلي

"صوت ملاك".. ترامب يشيد بأندريا بوتشيلي (فيديو وصور)

وقد استفاد كاست من التوترات حول الهجرة خلال حملته، مستخدما مقاطع فيديو واجه فيها مهاجرين فنزويليين بطريقة انتشرت بسرعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي؛ ما عزز صورة سياسات الهجرة المشددة على غرار ترامب.

توسع النفوذ الأمريكي في المنطقة

فوز كاست ليس حدثا منفصلا عن التحولات الإقليمية الأوسع. ففي بوليفيا، أنهى رودريغو باز قرابة عقدين من حكم اليسار، وفي الإكوادور فاز دانيال نوبوا بولاية ثانية بحملة متشددة على الجريمة، فيما نجح الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي في تعزيز سلطاته مستفيدا من دعم مالي أمريكي مرتبط باتفاقيات اقتصادية.

في السياق نفسه، يقول بنجامين جيدان، مدير برنامج أمريكا اللاتينية في مركز ويلسون، إن "الميل نحو اليمين حقيقي، والتوجهات السياسية تميل لصالح الولايات المتحدة؛ ما يسهل التنافس مع الصين على النفوذ والمعادن".

تدعم الإدارة الأمريكية هذه التحولات من خلال نهج سياسي وأمني نشط في المنطقة، يشمل عمليات عسكرية ضد تهريب المخدرات، واتفاقيات ترحيل مع الأنظمة الاستبدادية، وتصنيف الجماعات الإجرامية كمنظمات إرهابية، مع تأييد مباشر لنماذج مثل إدارة الرئيس السلفادوري نايب بوكيلي.

أخبار ذات علاقة

مرشحة اليسار للرئاسة في تشيلي، جانيت جارا

جانيت جارا.. أول مرشحة شيوعية تصل لجولة الإعادة في انتخابات الرئاسة بتشيلي

وقد ساهم هذا الانخراط في تعزيز التحول نحو اليمين، لكنه مرتبط أيضا بقدرة الحكومات المحلية على تحقيق نتائج ملموسة في مكافحة الجريمة والاقتصاد والحكم الرشيد، وإلا فقد يعود اليسار إلى المشهد.

زخم متقلب وسط تحديات مستقبلية

تعلم كاست من محاولاته الرئاسية السابقة، وتجنب القضايا المثيرة للجدل مثل ماضي والده ودفاعه عن بينوشيه، والتركيز بدلًا من ذلك على الأمن والهجرة.

ورغم انخفاض معدل جرائم القتل، فإن الخوف العام ما زال مرتفعا؛ ما يعكس قدرة الخطاب الشعبوي على تشكيل المزاج الانتخابي.

وحذّر المحللون من أن هذا التحول نحو اليمين قد يكون مؤقتا، مرتبطا بدورات ناخبة متقلبة أكثر من كونه إعادة ترتيب عميقة ودائمة. الانتخابات المقبلة في كولومبيا والبرازيل ستختبر هذا الاتجاه مجددا، حيث يتبنى القادة الحاليون خطابا معارضا لترامب، مستفيدين من شعور شعوبهم القوي بالقومية وبرامجهم الاجتماعية.

ويضيف جيدان: "التحول يكتسب زخماً، لكنه ليس حتميا، فأي خطأ أو ركود اقتصادي قد يعيد الرياح السياسية بسرعة".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC