يستعد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، لإجراء أول زيارة له إلى الصين منذ أكثر من 7 سنوات، وسط تصاعد التوترات بين نيودلهي وواشنطن.
وكشف مصدر حكومي مطّلع لوكالة "رويترز"، أن مودي سيشارك في قمة منظمة شنغهاي للتعاون، التي تستضيفها مدينة تيانجين الصينية في 31 أغسطس/آب الجاري، في إطار جهود دبلوماسية متسارعة لإعادة التموضع في المشهد الدولي المتقلب.
ورفضت وزارة الخارجية الهندية التعليق على الزيارة، ما يعزز الغموض حول الرسائل التي تحملها هذه الخطوة في هذا التوقيت الحرج.
تأتي زيارة مودي إلى الصين فيما تمر علاقات الهند والولايات المتحدة بأسوأ اختبار دبلوماسي منذ سنوات، بعد أن فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعلى رسوم جمركية بين حلفاء واشنطن الآسيويين على واردات الهند، وهدد بفرض عقوبات إضافية على مشتريات نيودلهي من النفط الروسي.
كما لوّح ترامب بفرض رسوم بنسبة 10% على جميع الواردات القادمة من دول "البريكس"، بمن فيهم الهند، بزعم "تواطئها في سياسات مناهضة لأمريكا".
وفيما تسابق الإدارة الأمريكية الزمن للتوصل إلى اتفاق سلام في أوكرانيا، وصل مبعوثها الأعلى ستيف ويتكوف إلى موسكو قبل انتهاء المهلة المحددة للكرملين.
من ناحيته، بدأ مستشار الأمن القومي الهندي أجيت دوفال زيارة لموسكو، في مسعى لحماية صفقات النفط والدفاع الروسية من تداعيات التصعيد الأمريكي.
وكشفت مصادر حكومية، أن دوفال سيناقش مع الروس ملف التعاون الدفاعي، لا سيما تسريع تسليم أنظمة الدفاع الجوي "إس-400"، التي تأخرت بسبب التعقيدات اللوجستية والضغوط الأمريكية.
كما يُرجح أن تشمل المناقشات ترتيبات زيارة محتملة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الهند في الأشهر المقبلة.
ومن المقرر أن ينضم وزير الخارجية الهندي سوبرامانيام جايشانكار لاحقًا إلى المناقشات، في مؤشر واضح على تنامي المحور الهندي-الروسي في مواجهة ضغوط الغرب.
التداعيات الاقتصادية لهذا التوتر لم تتأخر، فقد أظهرت وثيقة تقييم حكومية داخلية – اطلعت عليها "رويترز" – أن الهند تخشى فقدان ميزة تنافسية على صادراتها إلى الولايات المتحدة، والتي تبلغ نحو 64 مليار دولار سنويًا.
لكن رغم هذه التهديدات، فإن الحصة المحدودة للصادرات في الاقتصاد الهندي، الذي تتجاوز قيمته 4 تريليونات دولار، قد تقلل من الأثر الكلي على النمو، وفقًا لمسؤولين هنود.
وبالفعل، أبقى البنك المركزي الهندي توقعاته للنمو دون تغيير عند 6.5% للسنة المالية 2025-2026، وتجاهل تأثير الرسوم الجمركية في قراره الأخير بشأن أسعار الفائدة.
زيارة مودي المرتقبة إلى الصين تُمثل تغييرًا جذريًا في سياسة الهند الخارجية، خاصة بعد التدهور الكبير في العلاقات الهندية-الصينية إثر الاشتباك الحدودي الدامي في الهيمالايا عام 2020.
لكن منذ لقاء مودي بالرئيس الصيني شي جين بينغ على هامش قمة "البريكس" في روسيا أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بدأت إشارات التهدئة تظهر تدريجيًا، مع عودة الاتصالات الاقتصادية والسياحية بين العملاقين الآسيويين.
والآن، الهند بين مطرقة العقوبات الأمريكية وسندان التحالفات الأوراسية، تبدو اليوم على مفترق طرق جيوسياسي حساس.
وتثير تحركات الهند تساؤلات حول ما إذا كانت ستنجح دبلوماسية مودي في الموازنة بين الشرق والغرب، أم أن تداعيات المواجهة التجارية مع واشنطن ستقلب حسابات نيودلهي رأسًا على عقب.
وبحسب مراقبين، فإن "الأيام القادمة كفيلة بالإجابة، لكن المؤكد أن خريف آسيا لن يكون هادئًا".