logo
العالم

تفاهم دون تقدم ملموس.. هل ترسم محادثات ميامي ملامح تسوية للحرب الأوكرانية؟

علما أوكرانيا وروسيا على طاولة مباحثات سابقةالمصدر: رويترز

لم تعد ميامي مجرد محطة لقاء عابرة في مسار دبلوماسي طويل، بل تحولت خلال الأيام الأخيرة إلى مركز ثقل سياسي تُختبر فيه حدود الممكن في الحرب الأوكرانية، وتُعاد فيه صياغة أولويات التفاوض بين واشنطن وكييف وموسكو.

ووفق ما نقلته وكالة "فرانس برس"، وصف الوفدان الأمريكي والأوكراني محادثات ميامي بأنها مثمرة وبناءة في مؤشر على حدوث تقدم في بعض المسارات الإجرائية دون الإعلان عن تفاهمات نهائية. 

وأكد مبعوث الرئيس الأمريكي، ستيف ويتكوف، أن المفاوضات حققت تقدمًا ملحوظًا في عدد من الملفات الأساسية المرتبطة بالأزمة الأوكرانية.

وقال ويتكوف إن رؤية واشنطن للتسوية لا تقتصر على وقف الأعمال القتالية، بل تقوم على إرساء أساس سياسي وأمني لمستقبل مستقر يضمن الأمن على المدى الطويل، ويمنع عودة المواجهات بعد أي اتفاق محتمل. 

وركزت المحادثات بين ممثلي الولايات المتحدة وأوكرانيا على تحديد مواعيد وتسلسل الخطوات المقبلة ضمن مسار التسوية، بما يعكس محاولة أمريكية لنقل المفاوضات من مرحلة النوايا إلى مرحلة التخطيط العملي.

أخبار ذات علاقة

القادة الأوروبيون

روسيا تكسب "المعركة الكبرى".. عجز أوروبي يطيل أمد الحرب الأوكرانية

وخلال الاجتماعات، أكد الجانب الأوكراني التزامه بالسعي إلى سلام عادل ومستدام، يعالج جذور الأزمة ولا يكتفي بترتيبات مؤقتة. 

كما تناولت المباحثات ملف إعادة الإعمار، بوصفه عنصرًا محوريًا في مرحلة ما بعد التسوية، ليس فقط من زاوية اقتصادية، بل باعتباره أداة سياسية لدعم الاستقرار وتحفيز جميع الأطراف على الالتزام بأي اتفاق مستقبلي. 

ويرى مراقبون أن إدراج إعادة الإعمار في هذا التوقيت يعكس سعيًا أمريكيًا لربط إنهاء الحرب بأفق عملي لإعادة بناء الدولة الأوكرانية.

وتشير هذه المعطيات إلى أن مباحثات ميامي تمثل مرحلة انتقالية في مسار الأزمة، تتقدم فيها الإجراءات والخطوط العريضة، بينما تبقى القضايا الجوهرية، وعلى رأسها الضمانات الأمنية ومستقبل المناطق المتنازع عليها، مؤجلة إلى جولات أكثر تعقيدًا.

وبين تفاؤل أمريكي محسوب وحذر روسي وتمسك أوكراني بمطالبه الأساسية، تتبلور في ميامي ملامح تسوية محتملة، دون أن تصل بعد إلى نقطة الحسم.

وأكد الخبراء أن مباحثات ميامي، بما في ذلك اللقاء الثلاثي الذي يضم روسيا وأوكرانيا وأمريكا، لم تحقق حتى الآن أي اختراق حقيقي، إذ لا تزال محصورة في مناقشة خيارات عامة دون الانتقال إلى قرارات حاسمة. 

وأضافوا أن القضايا الجوهرية، وعلى رأسها دونباس، والضمانات الأمنية، ومستقبل زابوريجيا النووية، تمثل عقبات رئيسة أمام أي تقدم، في ظل تمسك كل طرف بمطالبه واعتبار تنازلات الطرف الآخر غير مقبولة. 

ولفتوا إلى أن استمرار العمليات العسكرية، وغياب الإرادة السياسية للتراجع عن الأهداف المعلنة، يجعلان فرص التوصل إلى تسوية شاملة محدودة في المرحلة الراهنة، مع ترجيح استمرار المباحثات دون نتائج حاسمة أو الاكتفاء بحلول مرحلية مؤقتة.

أخبار ذات علاقة

المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف

الكرملين: روسيا لا تسعى للسيطرة الكاملة على أوكرانيا

وأكد باتريك ثيروس، الدبلوماسي الأمريكي السابق، أن المباحثات الجارية في مدينة ميامي بين الوفدين الروسي والأوكراني لم تفضِ حتى الآن إلى أي تقدم ملموس في القضايا الجوهرية.

وأشار ثيروس  لـ"إرم نيوز" إلى أن النقاشات انحصرت في معالجة بعض الملفات الثانوية، بينما بقيت القضايا الأساسية عالقة، وهو ما يضع مسار التوصل إلى تسوية شاملة أمام تحديات معقدة.

وقال الدبلوماسي الأمريكي السابق، إن المفاوضات لم تصل بعد إلى مرحلة يمكن اعتبارها مقبولة لدى جميع الأطراف.

واعتبر أن هذا الواقع يعكس حجم التعقيدات الكبيرة التي تحيط بالمسار الدبلوماسي، ويكشف مدى تباعد المواقف بين موسكو وكييف رغم استمرار قنوات الحوار.

وأشار إلى أن أبرز العقبات التي تعرقل أي تقدم حقيقي تتمثل في ملف التنازل عن منطقة دونباس، إلى جانب الضمانات الأمنية التي تطالب بها أوكرانيا والدول الأوروبية، فضلًا عن مسألة نشر قوات لحفظ السلام، ومستقبل محطة زابوريجيا النووية الخاضعة للسيطرة الروسية. 

ولفت إلى أن كل طرف ينظر إلى مطالب الطرف الآخر بوصفها غير مقبولة، ما يزيد من تعقيد المشهد ويجعل فرص الوصول إلى حل شامل أمرًا صعبًا في المرحلة الراهنة.

وشدد باتريك ثيروس على أن الأزمة الأوكرانية لن تُحسم في وقت قصير، موضحًا أن أي تقدم مرحلي يتطلب تحقيق توازن دقيق بين مصالح الأطراف المختلفة، مع مراعاة الضغوط الداخلية والخارجية التي تواجهها كل دولة. 

أشار ثيروس إلى وجود مساحة واسعة للمناورات الدبلوماسية، غير أن استثمارها يحتاج إلى قدر كبير من الصبر، واستعدادًا للتنازل الجزئي عن بعض المطالب الثانوية قبل الاقتراب من تسوية فعلية للقضايا الجوهرية.

وأكد الدبلوماسي الأمريكي السابق على أن المشهد لا يزال مفتوحًا على عدة سيناريوهات، من بينها استمرار المباحثات دون تحقيق اختراق حقيقي، أو التوصل إلى حلول مرحلية يمكن أن تمهد الطريق أمام اتفاق أوسع في المستقبل، مشددًا على أن ذلك يتطلب تكاتفًا دوليًا وإرادة سياسية قوية من جميع الأطراف المعنية.

أخبار ذات علاقة

تشابك بالأيدي خلال قمة بروكسل

تحول في حسابات بروكسل.. الأصول الروسية تدخل معادلة تمويل أوكرانيا‎

 

وفي السياق ذاته، أكد إيفان يواس، مستشار مركز السياسات الخارجية الأوكراني، أن الاجتماعات التي تُعقد في ميامي بمشاركة وفود روسية وأوكرانية وأمريكية تمثل الجولة الثالثة من هذا النوع.

وقال في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز" إن المعطيات المتوافرة حتى الآن تشير إلى أن اللقاءات تقتصر على بحث الخيارات المطروحة دون الانتقال إلى مرحلة اتخاذ قرارات محددة.

وأوضح يواس أن غياب المعلومات الواضحة بشأن مخرجات الاجتماعات يجعل من الصعب الحديث عن أي اختراق حقيقي في مسار المحادثات، مؤكدًا أن التوقعات تشير إلى عدم حدوث تقدم ملموس، في ظل تعقيدات المشهد العسكري والسياسي المرتبط بالحرب.

وأشار مستشار مركز السياسات الخارجية الأوكراني، إلى أن استمرار العمليات العسكرية، وعدم وجود مؤشرات على استعداد روسيا لوقفها، يعقد فرص التوصل إلى تسوية.

ولفت إلى أن موسكو لا تزال تركز على تحقيق الأهداف التي أعلنت عنها منذ 4 سنوات، والتي تمحورت حول إنهاء وجود أوكرانيا كدولة مستقلة، وتجريدها من أي قدرات عسكرية أو تسليحية.

وأكد يواس أن الطرفين يقفان على طرفي نقيض حيال هذه القضايا، موضحًا أن أوكرانيا لم تُبدِ استعدادًا لقبول أي مقترحات تمس مطالبها الأساسية، ولم تُظهر نية لتغيير موقفها أو تقديم تنازلات في هذا التوقيت.

وبين أن هذه المعطيات مجتمعة لا تفتح، في تقديره، نافذة حقيقية لإحراز تقدم في محادثات السلام الجارية حاليًا.

أخبار ذات علاقة

مساعدي الرئيس الروسي لشؤون السياسة الخارجية يوري أوشاكوف

الكرملين: تغييرات أوروبا وأوكرانيا على خطة واشنطن لم تحسن فرص السلام

 

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC