logo
العالم

"نيويورك تايمز": الفساد يضرب قطاع التسليح في أوكرانيا

طاقم مدفعية أوكرانيالمصدر: نيويورك تايمز

تواجه أوكرانيا أزمة فساد كبرى "متجددة" في إنفاقها العسكري، حيث كشفت تدقيقات حكومية داخلية، ونقلتها صحيفة "نيويورك تايمز"، عن جوانب مثيرة للقلق في عمليات شراء الأسلحة، في وقت يتراجع فيه الدعم الأمريكي تحت إدارة الرئيس دونالد ترامب.

وإضافة إلى تراجع الدعم الأمريكي، تتأثر أوكرانيا أيضاً بمحدودية القدرات العسكرية الأوروبية، إذ تحولت كييف نحو تعزيز إنتاجها المحلي للأسلحة، لكن هذا التحول يأتي محفوفاً بمخاطر "الفساد التاريخي" في قطاع الدفاع. 

أخبار ذات علاقة

مقر الكونغرس الأمريكي

التلغراف: "الإغلاق الأمريكي" ينذر بتأخير تسليم الأسلحة إلى أوكرانيا

 واستند تقرير "نيويورك تايمز"، إلى مراجعة لعمليات التدقيق الحكومية، إذ يُحاط جزء كبير من الإنفاق بسرية الحرب، مما يثير مخاوف المحللين والناشطين من عدم تقدم أوكرانيا في مكافحة الفساد.

واستغرب مراقبو الحسابات الحكوميون الذين يراجعون الإنفاق العسكري، تكرار منح كييف عقوداً، دون تفسير، لشركات قدمت عروضاً أعلى من منافسيها. 

كما تُظهر عمليات التدقيق الحكومية الداخلية عشرات من هذه العقود المُوقّعة على مدى فترة تزيد قليلاً على عام، إضافة إلى حالات تأخر أو عدم اكتمال عمليات التسليم ودفعات مسبقة لأسلحة لم تصل قط.

وبحسب "نيويورك تايمز"، فإن منح العقود لمقدمي عروض أعلى لا يشير في حد ذاته إلى فساد أو إنفاق زائد يمكن تجنبه، لكن عمليات التدقيق تُظهر تحدياً تواجهه أوكرانيا في سعيها للتحول عن الاعتماد على تبرعات الذخيرة والأسلحة من حلفائها، في ظل الدعم المتقلب من إدارة ترامب ومحدودية القدرة العسكرية الأوروبية. 

ولم يوجه المدققون الحكوميون الذين فحصوا المشتريات التي قامت بها وكالة المشتريات الدفاعية الأوكرانية من أوائل عام 2024 حتى مارس/آذار هذا العام اتهامات بالسرقة أو الاختلاس، على الرغم من أنهم أحالوا بعض العقود إلى وكالات إنفاذ القانون للتقييم.

لكن مراجعتهم، التي بلغت 465 صفحة، وجدت أن عشرات عقود قذائف المدفعية والطائرات المسيرة وغيرها من الأسلحة لم تُمنح لأدنى مقدمي العطاءات. وأظهرت عمليات التدقيق أن الفرق بين أقل العطاءات والعقود التي منحتها وكالة المشتريات بلغ 5.4 مليار هريفنيا على الأقل، أي ما يعادل 129 مليون دولار.

وقال تامرلان فاهابوف، المستشار السابق للوكالة، وهي فرع من وزارة الدفاع: "إنهم يدفعون مبالغ زائدة لأسباب مجهولة ودون مبرر". وأضاف أنه في خضم اضطرابات الحرب، "هناك نقص في الإرادة السياسية للقيام بذلك بالطريقة الصحيحة".

أما أولينا تريجوب، مديرة اللجنة المستقلة لمكافحة الفساد، فقالت إن تجاهل العروض الأقل سعراً قد يكون مبرراً أحياناً، لكنه قد يخفي فساداً. في بيان، أوضح مدير الوكالة أرسين زوماديلوف أن العطاءات الأقل تم رفضها لعدم تلبيتها معايير الجودة أو التسليم، مضيفاً أن الوكالة أجرت إصلاحات لضمان العدالة، بما في ذلك التخلص التدريجي من عقود الوسطاء.

أخبار ذات علاقة

عنصر من جماعة جبهة تحرير "أزواد" يحمل طائرة درونز

كونفيدرالية الساحل الأفريقي تدعو الغرب لوقف توريد الأسلحة الأوكرانية

 وأنشئت وكالة المشتريات الدفاعية عام 2023 كفرع مستقل تابع لوزارة الدفاع، بعد فضائح إنفاق سابقة شملت شراء بيض ومعاطف شتوية بأسعار مبالغ فيها، مما أدى إلى استقالة وزير الدفاع أوليكسي ريزنيكوف. يُمول معظم ميزانيتها (حوالي 10 مليارات دولار هذا العام) من الضرائب الأوكرانية، مع دعم أوروبي يتجاوز 1.6 مليار دولار من برنامج دنماركي. ومع ذلك، ظهرت مشاكل جديدة، بما في ذلك طرد مديرين بتهم سوء إدارة.

حتى العام الماضي، كانت معظم المشتريات تتم عبر تجار أسلحة يحصلون على هامش ربح 3%، وفق تدقيق منفصل، حيث شملت الوسطاء 83% من العقود بدلاً من الشراء المباشر. ترسخ دور هؤلاء التجار بعد بدء الحرب عام 2022، عندما استنفدت أوكرانيا احتياطياتها من الذخيرة، مما دفعها للاستعانة بهم لإعادة شراء أسلحة. كان هؤلاء التجار يصدرون أسلحة أوكرانية إلى دول أفريقية وشرق أوسطية، ثم تحولوا إلى الاستيراد والتوسط مع المصنعين المحليين.

وتشتري أوكرانيا الأسلحة من مصانع سوفيتية سابقة وأكثر من 2000 مورد، معظمها شركات ناشئة في تكنولوجيا الدفاع أو ورش صغيرة. حققت بعضها نجاحات، مثل إغراق ثلث أسطول البحر الأسود الروسي بزوارق مسيرة. 

لكن من 35 نوعاً من الطائرات البحرية المسيرة، نجح ثلاثة فقط، وفق أوليكسندر كاميشين، مستشار الرئيس في صناعة الدفاع. تتبعت التدقيقات عقودًا أدت إلى تأخيرات أو عدم تسليم، مع دفعات مسبقة لشركات غير محققة، وبعضها بدون مواقع تصنيع حقيقية.

في محاولة للإصلاح، أنشأت الوكالة سوقاً إلكترونياً لشراء الطائرات المسيرة مباشرة، وصفها زوماديلوف بـ"نقطة تحول". ومع ذلك، يظل الفساد تحدياً، كما أظهرت تحقيقات أخرى في 2024 و2025، مثل سرقة 40 مليون دولار في صفقات قذائف، واعتقالات مسؤولين في مخططات رشاوى للطائرات المسيرة وأنظمة التشويش. 

 وتذكر هذه الحالات بتاريخ أوكرانيا في الفساد، حيث تحتل المرتبة 122 من 180 دولة في مؤشر الشفافية الدولي، فيما يقول محللون إن التغلب على الفساد أمر حاسم لنجاح استراتيجيتها العسكرية، وسط تجربة حربية فريدة في شراء الأسلحة من سوق فوضوية. 

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC