في تحول لافت بموقفه من الحرب الروسية الأوكرانية، صعّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لهجته تجاه نظيره الروسي فلاديمير بوتين، محددًا مهلة جديدة تتراوح بين 10 و12 يومًا للتوصل إلى اتفاق سلام، في أقوى إنذار يصدر عنه حتى الآن منذ اندلاع الحرب.
وقالت صحيفة "التايمز" البريطانية إن ترامب، الذي ظل متريثًا نسبيًّا منذ بداية النزاع، بات يتخذ مواقف أكثر تشددًا خلال الأشهر الأخيرة، معبرًا عن "غضبه" المتزايد من تصرفات بوتين، خصوصًا في ظل استمرار الهجمات التي تستهدف المدنيين الأوكرانيين.
وخلال مؤتمر صحفي مشترك عقده مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، أعلن ترامب أن "السهولة الاستثنائية التي تمتع بها بوتين قد انتهت"، مشيرًا إلى أنه "لم يعد هناك مبرر للانتظار إذا كنا نعرف مسبقًا أن الجواب سيكون سلبيًّا".
ويأتي هذا التصعيد بعد سلسلة من التوترات بين الزعيمين، بدأت في وقت سابق هذا العام، وتحديدًا خلال هدنة عيد الفصح التي أعلنتها موسكو، والتي لم تلبث أن شهدت مقتل عدد من المدنيين في منطقة خيرسون، ما أثار غضب ترامب لأول مرة، بحسب الصحيفة.
تحولات دبلوماسية
وتشير "التايمز" إلى أن كييف تمكنت من استغلال هذا التحول في موقف ترامب، إذ تبنّى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أسلوبًا "تبادليًّا" ينسجم مع ما يفضله ترامب، شمل توقيع اتفاقيات استراتيجية مع الولايات المتحدة، من بينها صفقة تتعلق بالمعادن الأرضية النادرة، وأخرى لبيع الطائرات المُسيّرة وشراء الأسلحة.
وقد ساهم لقاء زيلينسكي بترامب في الفاتيكان نهاية أبريل في إعادة تحسين العلاقات، حيث ظهرت صور رمزية للرئيسين في كاتدرائية القديس بطرس لاقت صدىً واسعًا في الإعلام الأمريكي.
بوادر تململ داخل البيت الأبيض
ويبدو أن ترامب لم يعد يثق بتعهدات بوتين، خاصة بعد مكالمة هاتفية جرت بينهما في 3 يوليو، وصفها ترامب بأنها "غير مشجعة"، قبل أن يرد بوتين بأكبر موجة قصف روسي منذ بداية الحرب.
في 8 يوليو، أعرب ترامب صراحة عن استيائه خلال اجتماع لمجلس الوزراء قائلاً: "نتلقى الكثير من الهراء من بوتين. إنه لطيف جدًّا طوال الوقت، لكن يتبيّن أن كلامه لا معنى له".
وفي 14 يوليو، وخلال لقائه بالأمين العام لحلف الناتو مارك روته، أعلن ترامب مهلة أولى من 50 يومًا، تنتهي في 2 سبتمبر، ملوحًا بعقوبات شاملة و"رسوم جمركية ثانوية" ضد روسيا.
لكن موقفه ازداد صرامة هذا الأسبوع، حيث خفض المهلة إلى "10 أو 12 يومًا"، في خطوة تعكس نفاد صبره بشكل غير مسبوق.
من أبرز ملامح هذا التحول أيضًا، بحسب الصحيفة، تراجع نفوذ الشخصيات المعارضة لتسليح أوكرانيا، مثل تولسي غابارد، مديرة الاستخبارات الوطنية، ووزير الدفاع بيت هيغسيث، مقابل صعود شخصيات أكثر تشددًا تجاه موسكو.
فقد عاد الجنرال كيث كيلوغ، المعروف بعلاقاته الوثيقة مع كييف، إلى موقع القرار كمستشار رئيسي لشؤون أوكرانيا، بينما عزز وزير الخارجية ماركو روبيو – أحد أبرز الصقور تجاه روسيا – تأثيره داخل إدارة ترامب.
عقوبات مرتقبة تطال حلفاء روسيا
وبحسب ما نقلته الصحيفة، فإن ترامب يدرس فرض عقوبات مباشرة وثانوية إذا لم تقدم موسكو على مبادرة سلام جادة قبل انتهاء المهلة الجديدة، وهي عقوبات من المتوقع أن تشمل دولًا تستورد النفط الروسي، مثل الصين والهند وتركيا، في وقت يواجه فيه الاقتصاد الروسي مؤشرات ركود واضحة.
وقد أشار ترامب إلى أن تأثير السيدة الأولى ميلانيا لعب دورًا في تغيير موقفه، إذ قال: "أعود إلى المنزل، وأقول للسيدة الأولى: تحدثت مع فلاديمير اليوم. أجرينا محادثة رائعة. فترد: حقًّا؟ مدينة أخرى تضررت للتو".
كل هذه المؤشرات توحي بأن صيف 2025 قد يكون حاسمًا في مسار الحرب الروسية الأوكرانية، وسط ترقب لمآلات المهلة الجديدة، واحتمالات التصعيد السياسي والاقتصادي الأميركي تجاه موسكو.