أثار إعلان المجلس الرئاسي في ليبيا ، عن تشكيل لجنتين لضبط الوضع الأمني ومعالجة الانتهاكات في السجون، تساؤلات حول فرص نجاحهما.
وسارعت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا إلى الترحيب بخطوة المجلس الرئاسي الذي يقوده محمد المنفي، وهي خطوة جاءت بعد أسابيع من اشتباكات دامية عرفتها العاصمة طرابلس وتقارير حول انتهاكات في السجون.
وقال رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، أحمد حمزة، إن "هاتين اللجنتين يمكنهما أن تنجحا بالفعل في الإسهام في التخفيف من حدة التوتر خاصة مع استغلال إعلان وقف إطلاق النار والترتيبات التي وضعها المجلس الرئاسي لضمان ذلك، وتنسيق البعثة الأممية مع بقية الأطراف".
وأوضح حمزة لـ "إرم نيوز" أن "هذه المبادرة يمكن البناء عليها في استدامة اتفاق وقف إطلاق النار الهش وتطويره لضبط الأمن والاستقرار في طرابلس، أما في ما يخص القرار المتعلق بمعالجة ومتابعة أوضاع المحتجزين والسجون فهناك لغط بشأنه من بينها تمكين البعثة من المساهمة في تنفيذ هذا القرار".
وأكد أنه "كما أنه من الضروري إشراك وزارة الداخلية في متابعة هذا الوضع رغم أن السجون ومراكز الاحتجاز تتبع مباشرة وزارة العدل".
من جانبه، قال الباحث السياسي وعضو الأمانة العامة لحزب ليبيا النماء، حسام محمود الفنيش، إن "الواقع الليبي لا يعالج الوضع الأمني مهما كانت نواياه أو صلاحياته لأن جذور الفوضى الأمنية والحقوقية أعمق من أن تحل بآليات بيروقراطية مؤقتة".
وأضاف الفنيش لـ"إرم نيوز" أن "المشهد الأمني في البلاد تهيمن عليه جماعات مسلحة متداخلة المصالح في غياب سلطة الدولة المركزية وتقاطع مصالحها مع بعض المجموعات المسلحة في أحيان كثيرة".
وأشار إلى أن قدرة أي لجنة مهما كانت صيغتها القانونية على فرض الأمن أو ضمان المحاسبة ستظل محدودة ما لم تتغير المعادلة السياسية والأمنية برمتها".
وتابع: "تشكيل هذه اللجان قد يكون في حقيقته أداة لإعادة ترتيب التوازنات بين الجماعات المسلحة وليس خطوة نحو تفكيكها الشامل والعادل، إذ تشير المعطيات إلى أن الحكومة تستهدف من خلال هذا التحرك بعض التشكيلات المسلحة الخارجة عن طوعها بينما تبقي على تحالفاتها مع مجموعات أخرى".
وشدد على أن "هذه الانتقائية في التعامل مع الملف الأمني لا تؤسس لحل بل تكرس منطق الولاءات السياسية وتعيد إنتاج الانقسام في صورة جديدة".
ولفت إلى أن "قدرة الحكومة على تفكيك البنية المسلحة خارج مؤسسات الدولة تبقى محدودة في ظل ضعف مؤسساتها وغياب رؤية إستراتيجية جامعة تعيد تعريف وظيفة السلاح والأمن في الدولة وتضع معايير علمية أمنية واضحة ومحددة يصنف على أساسها من هو ميليشيا ومن هو مؤسسة أمنية وعسكرية منضبطة تعمل من أجل المصلحة الوطنية".
وبين أن "الخطوة الحقيقية نحو إصلاح الوضع الأمني لا تبدأ بتشكيل لجان بل بإطلاق مسار سياسي شامل يعالج أساس الأزمة الليبية، ويضع حدا لاستخدام أدوات الدولة لتصفية الخصوم أو إعادة ترتيب المشهد لصالح أطراف بعينها".
وختم الفنيش بالقول إن "معالجة الانتهاكات الحقوقية وإنهاء الفوضى الأمنية يتطلبان عملية سياسية شاملة تنطلق من تفاهم وطني واسع يعيد بناء المؤسسات على قاعدة المواطنة ويؤسس لعدالة انتقالية تضمن المحاسبة دون انتقام وتحقق المصالحة دون إنكار للجرائم".
واستدرك: "دون هذا المسار ستبقى الخطوات الجزئية مجرد محاولات لتسكين الجرح في حين يستمر النزيف".