مسيّرة تستهدف سيارة على طريق بلدة مركبا جنوبي لبنان
جاءت زيارة نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس إلى إسرائيل في توقيت حساس، مع دخول وقف إطلاق النار في غزة أسبوعه الأول، وبدء النقاشات الجادة حول ترتيبات اليوم التالي للحرب.
وبحسب صحيفة "هآرتس"، التقى فانس في القدس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس إسحاق هرتسوغ، إضافة إلى عائلات الرهائن والضحايا، في خطوة رمزية تهدف إلى تأكيد التزام واشنطن بمسار التهدئة والضغط في الوقت ذاته لضمان عدم انحراف العملية السياسية عن أهدافها.
وفي رد على تساؤلات الصحفيين حول ما إذا كانت الولايات المتحدة تمارس رقابة على إسرائيل، نفى فانس ذلك بشكل قاطع، مؤكدًا أن "الولايات المتحدة لا تراقب إسرائيل بمعنى المراقبة، بل تشارك في العمل النشط لضمان بقاء الأمور على المسار الصحيح".
ورغم نفيه لأي وصاية أمريكية، فإن تتابع زيارات كبار المسؤولين الأمريكيين، من فانس إلى وزير الخارجية ماركو روبيو المرتقب وصوله، يعكس رغبة واشنطن في إدارة دقيقة لمرحلة ما بعد الحرب، مع المحافظة على مظهر من الشراكة لا الوصاية.
الخطوط الحمراء الإسرائيلية
وذكرت الصحيفة أن القضية الأكثر حساسية في محادثات فانس كانت الدور التركي المحتمل في غزة، ففي مؤتمره الصحفي في مركز التعاون المدني العسكري في كريات غات، أوضح نائب الرئيس الأمريكي أن واشنطن "لا تنوي فرض وجود عسكري تركي في غزة"، لكنه أقر بإمكانية أن تلعب أنقرة "دورًا بناء" في إعادة الإعمار أو الجهود المدنية.
غير أن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، وفق مصدر إسرائيلي، أبلغ فانس أن أي وجود عسكري تركي داخل القطاع يعد خطًا أحمر لإسرائيل، مع ترك الباب مفتوحًا أمام مساهمات إنسانية أو تنموية.
وقد ألمح نتنياهو خلال المؤتمر المشترك إلى أن فانس يملك "آراء قوية بشأن التدخل التركي"، داعيًا الصحفيين إلى "تخمين" طبيعة هذه الآراء، في تلميح إلى التباين الحذر بين واشنطن وتل أبيب حول حدود الدور الإقليمي لأنقرة في ترتيبات ما بعد الحرب.
هيكل ما بعد الحرب
وأشارت الصحيفة إلى أن في خلفية الزيارة، تعمل الولايات المتحدة على بلورة بنية ميدانية جديدة عبر مركز التعاون العسكري المدني في كريات غات، الذي يضم نحو 200 جندي أمريكي إلى جانب ضباط من ألمانيا وبريطانيا ودول أخرى.
وقد أكدت وزارة الدفاع الألمانية أن عناصرها الثلاثة سيتمركزون "بالزي العسكري ولكن دون سلاح"، بينما أوضحت لندن أن الهدف هو "المساهمة في عملية السلام بالتنسيق مع الشركاء الدوليين".
وبحسب دبلوماسيين تحدثوا لصحيفة "هآرتس"، سيكون هذا المركز منفصلًا عن قوات الأمن الدولية (ISF) المزمع إنشاؤها داخل غزة بموجب خطة ترامب، والتي ستتولى مهمة تفكيك القدرات العسكرية لحماس واستبدال وحدات الجيش الإسرائيلي في المناطق التي ستنسحب منها تل أبيب.
أما العسكريون الأمريكيون والغربيون فسيقتصر دورهم على الإشراف والتنسيق وضمان انسياب المساعدات الإنسانية، وربما متابعة مراحل نزع سلاح حماس سياسيًا أكثر من كونه ميدانيًا.
ورغم أن تقسيم المسؤوليات بين المركز ومنسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق لم يتضح بعد، فإن الترتيبات الحالية تمنح كل طرف مكسبًا:
ولفتت الصحيفة إلى أن إسرائيل تحافظ على حرية القرار العسكري والسياسي مع تقليل عبء المسؤولية المباشرة عن إدارة غزة.
وبينما يواصل فانس جولته بزيارة كنيسة القيامة ثم مقر وزارة الدفاع في تل أبيب قبل مغادرته، يبقى جوهر زيارته واضحًا: الانتقال من الحرب إلى ما بعدها، عبر هندسة توازن دقيق بين ضمان الأمن الإسرائيلي، ونزع سلاح حماس، وتحديد الدور التركي ضمن حدود مقبولة لجميع الأطراف.