بعد تراجع حدة أحداث السويداء من دون أن تنتهي فعليًا، انتقلت بؤرة التوتر إلى مناطق أخرى، وهذه المرة إلى العاصمة دمشق، في وقت تشهد فيه مدينتا جبلة والقرداحة في ريف اللاذقية تحشيدات عسكرية.
برز التطور الأخطر في منطقة السومرية غربي دمشق، بالتزامن مع افتتاح معرض دمشق الدولي والغارات الإسرائيلية الأخيرة، حيث شنت قوات الأمن حملة واسعة غير مسبوقة اتخذت طابعًا "طائفيًا"، وفق مراقبين.
مُنح السكان مهلة قصيرة جدًا لإخلاء منازلهم، وسط تهديدات مباشرة واعتقالات عشوائية شملت المئات، بينهم قاصرون وكبار سن ونساء، رافقتها مداهمات عنيفة تخللها إطلاق نار وإهانات، وفقاً لوثائق متداولة.
وبحسب مصادر محلية من دمشق، استهدفت الحملة بشكل خاص عائلات من الطائفة العلوية، إذ تعرض المعتقلون للضرب المبرح وأجبر بعضهم على التوقيع على تنازل عن ممتلكاتهم العقارية، كما جرى تمييز المنازل بعلامات (X) تخص العسكريين، وأخرى (O) للمدنيين، في خطوة اعتبرها الأهالي تمهيدًا لعمليات تهجير قسري لاحقة.
وتشير شهادات السكان إلى أن العملية، التي شارك فيها أكثر من 600 عنصر بقيادة الشيخ أبو حذيفة، لم تقتصر على الاعتقالات، بل شملت عمليات سرقة وتكسيرًا للمنازل واعتداءات على النساء والأطفال، بما في ذلك منع سيارات الإسعاف من الدخول.
ووصف السكان ما يجري بأنه "إرهاب دولة منظم" يستهدف ما يقارب عشرة آلاف شخص، مع مخاوف من أن يكون الهدف تفريغ الحي من مكون طائفي محدد تمهيدًا لإعادة توطين عائلات أخرى.
وبرر آخرون أن هذه الأراضي ملك للدولة، وحصلوا عليها بحكم قضائي، مطالبين بـ"إعادة الحقوق إلى أصحابها"، لكنهم في الوقت نفسه قالوا إن استعادة الحقوق يجب أن تمر عبر مسلك قضائي وقانوني وليس بهذه الطريقة.
ورأت مصادر محلية أخرى أن ما جرى في السومرية، حتى وإن كانت المنطقة مصنفة "أملاك دولة"، لا يمكن أن يتم بهذه الطريقة، إذ اضطر عدد كبير من الأهالي إلى مغادرة منازلهم وافتراش الحدائق والشوارع.
وأضافت المصادر أن ما حدث دق ناقوس الخطر في مناطق أخرى تضم كثافة من أبناء الطائفة العلوية، مثل عش الورور ومزة 86، إلى جانب عدد من الأحياء العشوائية المشابهة، وسط مخاوف من أن تشهد السيناريو نفسه في أي لحظة.
محاولات السكان، عبر لجان محلية ومحامين، للوصول إلى محافظة دمشق ووزارة الداخلية، قوبلت بتأكيدات رسمية على عدم شرعية ما يحدث، من دون أن تُتخذ أي إجراءات فعلية لحمايتهم.
هذا الأمر دفع مجموعة من النساء إلى تنظيم احتجاج أمام مقر وزارة الداخلية، إلا أنهن تعرضن للاعتداء ومصادرة هواتفهن، وفق مصادر وشهود.
وأكدت مصادر محلية من دمشق أن المنطقة لا تحمل أي أهمية عسكرية أو استراتيجية، لكن ارتباطها يعود إلى عهد الرئيس الأسبق حافظ الأسد حين أوعزت سرايا الدفاع ببناء هذه المساكن للعساكر المتطوعين وصف الضباط والضباط.
غير أن هذا لم يمنحها أي امتياز، بل ظلت حيًا شعبيًا فقيرًا يقطنه متقاعدون وأصحاب مهن بسيطة، مما يجعل ما يجري اليوم، برأي الأهالي، جزءاً من عملية تغيير ديمغرافي ممنهجة تتجاوز مسألة المساكن العسكرية السابقة.