logo
العالم العربي

"كبير المكون السني".. منشور "طائفي" يشعل الجدل في العراق

"كبير المكون السني".. منشور "طائفي" يشعل الجدل في العراق
مبنى مجلس النواب العراقيالمصدر: (أ ف ب)
19 أبريل 2025، 9:36 م

أثار منشور نُشر على صفحة  مجلس النواب العراقي الرسمية جدلاً واسعاً، بعد أن استخدم وصفا اعتُبر "طائفياً" بحق رئيس البرلمان محمود المشهداني، ما دفع إدارة الصفحة لاحقاً إلى حذفه.

وجاء ذلك عقب لقاء جمع المشهداني برئيس تحالف السيادة خميس الخنجر، حيث ورد في المنشور أن "رئيس مجلس النواب وكبير المكون السني ناقش مع الخنجر أهمية توحيد الصف السني"، وهو توصيف أثار انتقادات حادة، واعتبره كثيرون تعبيراً عن خطاب  طائفي لا ينسجم مع الطبيعة الوطنية الشاملة للمؤسسة التشريعية.

المنشور أثار موجة من ردود الفعل في الأوساط السياسية والمجتمع المدني، إضافة إلى مدونين ونشطاء، اعتبروا أن استخدام هذا النوع من الخطاب يُعد استغلالاً لمؤسسات الدولة لخدمة أجندات فئوية، ويناقض مبدأ الحياد الذي يفترض أن تلتزم به الصفحات الرسمية التابعة للسلطات العامة.

وتحت وطأة التعليقات الغاضبة وردود الفعل المنتقدة، اضطرت صفحة رئاسة  البرلمان إلى حذف المنشور من منصاتها، في خطوة فسرها مدوّنون على أنها تراجع ضمني عن مضمونه، رغم غياب أي توضيح رسمي أو اعتذار يشرح ملابسات النشر أو يحدد الجهة التي صاغت البيان بتلك الصيغة المثيرة للجدل.

"هشاشة الخطاب الرسمي"

من جهته، يرى الباحث في الشأن السياسي علي الحبيب أن "حذف بيان مجلس النواب لا يُعبّر فقط عن خطأ في الصياغة، بل يكشف عن هشاشة حقيقية في الخطاب السياسي الرسمي، خاصة في بيئة مشحونة بالانقسام الطائفي".

وأضاف الحبيب في حديثه لـ"إرم نيوز" أن "مثل هذه العبارات الفئوية، حتى وإن لم تكن مقصودة، تُفهم دائماً في سياق الاستقطاب الطائفي المستمر، ما يشير إلى غياب استراتيجية واضحة لإدارة الخطاب الرقمي داخل المؤسسات الرسمية، ويقوّض ثقة المواطن بها، خصوصاً حين يكون الرد بالحذف دون أي اعتذار أو توضيح، وهي خطوة تعكس ارتباكاً أكثر مما تقدم حلاً للأزمة".

أخبار ذات علاقة

cf584f3c-2f97-41a1-9f6f-7ebaefc3f11a

أمريكا تخشى أن تؤجج الفصائل الشيعية نيران الطائفية بالعراق‎

 وجاء اللقاء بين المشهداني والخنجر في ظل تصاعد الحراك داخل الساحة  السنية لإعادة ترتيب التحالفات الانتخابية، تحضيرًا لاستحقاقات مفصلية يُتوقع أن تؤثر في رسم ملامح التوازنات داخل البرلمان المقبل.

وتناقل ناشطون صورًا للمنشور قبل حذفه، مرفقة بتعليقات حادة، اعتبرت أن استخدام تعبيرات مثل "كبير المكون السني" يعكس ضيق أفق في فهم العمل السياسي، ويعيد الخطاب المؤسسي إلى مربعات طائفية لطالما دفع العراقيون ثمناً باهظاً لها في محطات سابقة.

من جانبه، اعتبر الصحفي العراقي أنس الشمري أن "الخطابات المذهبية باتت جزءًا مألوفًا في المشهد السياسي اليومي بالعراق، وهو ما يشكل خطراً جسيماً في بلد قائم على تنوع طائفي وإثني دقيق، ويتطلب توازناً دقيقاً بين مكوناته"، وفق قوله.

وأوضح الشمري في حديثه لـ"إرم نيوز" أن "انسياق المؤسسات الرسمية خلف هذا النمط من التعبير، يُعد تجاوزاً غير مبرر، خاصة وأنها مطالبة بأن تكون القدوة في اعتماد خطاب وطني جامع، يبتعد عن التصنيفات الطائفية ولا يُسخّر لمصالح سياسية أو انتخابية ضيقة"، على حد تعبيره.

وفي السياق ذاته، وثّق مركز الإعلام الرقمي هذه الواقعة ضمن مبادرته "العالم بعيون رقمية"، التي ترصد أداء المؤسسات الحكومية على المنصات الإلكترونية، مشيرًا إلى أن حذف المنشور يُعد دليلاً على غياب تصور واضح لطبيعة الخطاب الرقمي المطلوب من الجهات الرسمية.

ورغم الجدل الذي أثاره المنشور، التزمت رئاسة البرلمان الصمت، دون إصدار أي توضيح رسمي يشرح ملابسات الحذف أو يحدد الجهة المسؤولة عن صياغته، ما فاقم من حالة الغموض وأثار تساؤلات حول طبيعة الرقابة الإعلامية وآليات النشر داخل المؤسسة التشريعية.

ويُشار إلى أن منصب رئيس مجلس النواب يُسند تقليديًا إلى العرب السنة، منذ سقوط نظام  صدام حسين عام 2003، ضمن نظام سياسي يقوم على المحاصصة الطائفية والسياسية، غير المكتوبة، والتي تُقسّم المناصب العليا في الدولة بين رئاسة الجمهورية للأكراد، ورئاسة الوزراء للشيعة، ورئاسة البرلمان للسنة.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC