كشف مصدر مطلع عن تفاصيل جديدة في قضية منح سوريين وثائق رسمية عراقية، مؤكدا أن الأمر يتعلق بعمل هؤلاء في قضاء القائم بمحافظة الأنبار ما بعد العام 2014، عندما سيطر تنظيم داعش على بعض المناطق.
وأوضح المصدر الذي طلب حجب اسمه لـ"إرم نيوز"، أن "تجنيس نحو 30 شخصا سوريا جرى لأغراض متعددة، بينها التخفي من القوات العراقية التي كانت ترفض في الغالب وجود السوريين لعدم امتلاكهم إقامات رسمية"، مبيناً أن العملية تمت "بواسطة ضباط بمراتب عالية مقابل مبالغ مالية".
وأضاف المصدر أن "نحو 14 ضابطاً ومنتسباً في الأنبار تم اعتقالهم وإيداعهم السجن، حيث بدأت المحاكمات بشكل أصولي منذ أيام"، لافتاً إلى أن "القضية كشفت جانباً خطيراً من استغلال الانهيار الأمني خلال سنوات داعش للتلاعب بالسجلات الوطنية".
وبدأت القضية عندما أوقفت السلطات العراقية الأسبوع الماضي، شخصاً يتحدث بـ"اللهجة السورية" لكنه يحمل وثائق ثبوتية عراقية، لتكتشف بعد ذلك مخالفات جسيمة في سجلات قضاء القائم، تم خلالها منح بطاقات وطنية عراقية لعدد من السوريين بشكل غير قانوني.
وأوضحت الوزارة في بيان رسمي أن "التحقيقات أفضت إلى إحالة عدد من ضباط قوى الأمن الداخلي، وإبطال جميع البطاقات الوطنية المزورة".
وأثارت هذه التطورات ردود فعل متباينة في الأوساط السياسية والإعلامية، حيث اعتبر نواب في البرلمان أن ما جرى "فضيحة تهدد ملف الهوية الوطنية"، فيما شنت منصات إعلامية تابعة للفصائل المسلحة هجوماً على وزارة الداخلية، مطالبة بفتح تحقيق موسع لمعرفة الجهات التي سهّلت دخول هؤلاء السوريين.
بدوره، قال عضو مجلس محافظة الأنبار عدنان الكبيسي، إن "وزارة الداخلية اكتشفت وجود عمليات تلاعب في قيود السوريين العاملين في قضاء القائم، وتم منحهم بطاقات موحدة بشكل غير قانوني"، لافتاً إلى أن "اللجنة التحقيقية أحالت المتورطين إلى القضاء، ومن المتوقع أن يتم إحالة آخرين".
وأضاف الكبيسي في تصريح صحفي أن "التلاعب في قيود السوريين كان كبيراً بسبب قرب القضاء من الشريط الحدودي مع سوريا"، مؤكداً أن "التحقيقات مع ضباط الجنسية والجوازات ما زالت مستمرة للكشف عن حجم القضية بالكامل".
من جانبه، قال الخبير الأمني عبدالغني الغضبان إن "منح هويات مزورة لا يمثل قضية فساد إداري فقط، بل يشكل تهديداً مباشراً للأمن الوطني، لأنه يتيح اندماج عناصر متطرفة أو إجرامية في المجتمع العراقي بهويات قانونية، ما يعقد ملاحقتهم لاحقاً".
وأضاف الغضبان لـ"إرم نيوز" أن "الثغرات الإدارية في المناطق الحدودية مع سوريا قد تعيد إنتاج الخطر الإرهابي إذا لم تُعالج بشكل جذري".
تداعيات أمنية
ويعيد الملف إلى الأذهان الطريقة التي استغل بها تنظيم داعش الفوضى الإدارية والأمنية بين عامي 2014 و2017، إذ لجأ إلى تزوير وثائق رسمية لتسهيل حركة عناصره بين المدن العراقية والسورية.
ويؤكد خبراء أن أي ثغرة في سجلات الجنسية الحالية تمثل مدخلاً محتملاً لعودة الخطر الإرهابي، خصوصاً أن شبكات التهريب والتمويل لا تزال نشطة في بعض المناطق الحدودية.
ولا تزال القوات الأمنية العراقية تراقب الطرق السريعة والمنافذ الحدودية تحسباً من تسلل سوريين أو أجانب لا يحملون إقامات قانونية، خصوصاً في محيط الأنبار ونينوى، حيث تؤكد السلطات أن ضبط الحدود يمثل خط الدفاع الأول لمنع أي اختراق قد يهدد استقرار البلاد.
ويبلغ طول الحدود العراقية السورية 610 كيلومترات، منها 325 كيلومتراً في الأنبار وحدها، وتشمل عشرات القرى والمنافذ التي لطالما شكلت مصدر قلق للأجهزة الأمنية بسبب التهريب وتسلل الأفراد.