رغم أن زيارة المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، النائب علي حسن خليل، إلى طهران جاءت رسميا للمشاركة في مؤتمر "القانون الدولي تحت الهجوم"، إلا أن توقيتها حمل أبعادا سياسية لافتة.
ونقل خليل رسائل مباشرة من بري إلى عدد من القيادات الإيرانية، بينهم وزير الخارجية عباس عراقجي، وأمين مجلس الأمن القومي علي لاريجاني، ورئيس مجلس الشورى محمد باقر قاليباف.
وتصدّرت تلك الرسائل دعوة لبحث إمكانية التوصل إلى تسوية، ولو مؤقتة، بين طهران وواشنطن بشأن ملف سلاح حزب الله، وسط مخاوف من اندلاع حرب إسرائيلية محتملة قد تهدد مستقبل الطائفة الشيعية في لبنان لعقود وتنسف ما تبقّى من حضورها السياسي، في ظل تصاعد التوترات الإقليمية وتزايد الضغوط الدولية.

وأوضح مصدر دبلوماسي لبناني، أن خليل ذهب إلى طهران برسائل من بري، للبحث عن حلحلة في ملف سلاح حزب الله، لكون هذه الترسانة إيرانية وهي صاحبة القرار في أي تصرف من الممكن أن تذهب إليه الميليشيات اللبنانية للتعاون مع الحكومة في بيروت، لتقديم أية عملية إيجابية تأتي بحصر جزئي للسلاح، يخفف الضغوط التي تقودها الولايات المتحدة على لبنان وتحضر بالحرب الإسرائيلية.
وبيّن المصدر في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن رسائل بري التي وصلت عبر خليل إلى كبار المسؤولين في طهران، ومنهم عراقجي ولاريجاني وقاليباف، طلبت دفع طهران باستراتيجية جديدة عبر وسطاء إقليميين ودوليين مع الولايات المتحدة، لإبعاد شبح الحرب عن لبنان، وأن يكون هناك مسار تفاهمات مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حول سلاح حزب الله، لمنع الحرب الإسرائيلية التي ستدمر لبنان وتحوله إلى جحيم وكرة لهب، بحسب ما يراه رئيس مجلس النواب.
وأضاف المصدر، أن خليل الذي ذهب في إطار تمثيله لبري في مؤتمر "القانون الدولي، تحت الهجوم"، إلا أنه حمل رسائل مفادها أن الحرب القادمة ستأتي بنزع سلاح حزب الله بالقوة؛ ما يهدد مصير الشيعة في لبنان لعقود وسينهي من جهة أخرى أي حضور سياسي لهم في لبنان وهذا خطر تعمل عليه إسرائيل، ومن ضمن الرسائل أيضا :" لا نريد غزة جديدة في لبنان وأن ما جرى لحركة حماس مثال قائم".
فيما قال مصدر سياسي مطلع، إن بري أرسل خليل إلى طهران، بغرض فهم التوجه العام لإيران فيما يتعلق بمستقبل سلاح حزب الله، في ظل الضغوط التي يتعرض لها لبنان ومؤسساته، والتهديد الإسرائيلي بشن الحرب على جنوبي لبنان.
وأفاد المصدر في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن بري أراد أن يقف مباشرة على ما تنوي طهران فعله عبر لقاء خليل الذي وصفه بـ "المقرب" إليه وظله، مع المسؤولين الإيرانيين، بعيداً عن العودة إلى حزب الله، لفهم التوجه الإيراني في هذا الملف دون أقاويل وتحريفات قد تأتي من قادة الميليشيات اللبنانية مع أقرانهم في حركة أمل، وأن يكون ذلك من صاحب القرار الخاص بالسلاح من جهة في إشارة إلى إيران، ومن جهة أخرى، تقديم بري مع خليل للمسؤولين في طهران، بعض المعطيات فيما يخص تحديدا التسوية اللبنانية من وجهة نظره.
واستكمل المصدر أن مسألة حصر السلاح تعقدت ولا يظهر في الأفق تعاون في ذلك وكيفية توجه الأمور، سواء العمل على تسوية أو حال توجه الأمور نحو الحرب، وهذه المعطيات أراد بري الإطلاع عليها مباشرة من طهران عبر أقرب الأشخاص إليه وهو معاونه السياسي، وليس عن طريق حزب الله، وسط وجود أحاديث عن توتر بين قادة الميليشيات وزعيم حركة أمل "بري".
وبدوره، يرى الباحث السياسي اللبناني، قاسم يوسف، أن الزيارة اكتسبت أهمية استثنائية أولاً من حيث التوقيت، في ظل أن البوصلة في طهران، التي معها خط التسوية أو التوتر الإقليمي الذي يعتبر لبنان جزءاً منه.
ويعتقد يوسف في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن الرسائل التي حملها المعاون السياسي لبري إلى طهران عبارة عن نصائح للقيادة الإيرانية تتمحور في شكل التعاطي مع الملف اللبناني في المرحلة المقبلة، لإبعاد شبح الحرب الذي يخيم بشكل مخيف.
واستكمل يوسف أن بري يدرك أن الوضع في لبنان دقيق للغاية، وأنه لابد من معالجة الأمور بأسرع شكل، وأن الحرب على الأبواب، في وقت فقد فيه حزب الله تحالفاته الداخلية وبات مصيره السياسي على المحك؛ وهو ما يؤثر على الوجود السياسي للثنائي الشيعي اللذي تعتبره حركة أمل التي يتزعمها بري شريكاً فيه مع حزب الله.
وأشار يوسف إلى أن بري عبر نصائحه يحاول استمزاج رأي القيادة الإيرانية في الوضع العام الذي يهدد لبنان والدفع إلى حلول قد تكون مؤقتة، والذهاب إلى عدم توتير الوضع تجاه الفوضى الداخلية أو الحرب الأهلية، لاسيما أن طهران لديها آذان صاغية وثقة فيما يخرج من بري بشكل عام.