بوتين: روسيا مستعدة لبحث سبل ضمان أمن الانتخابات في أوكرانيا

logo
العالم العربي

لا تسوية بلا ضبط ميداني.. ما الذي ينتظره لبنان من اجتماع الناقورة؟

منطقة الناقورةالمصدر: منصة إكس

ينعقد اجتماع الناقورة اليوم الجمعة، في ظل مناخ سياسي وأمني دقيق، حيث يُنظر إليه في بيروت كجلسة اختبار رئيسي لحدود الطرح الإسرائيلي وإمكان ضبط المسار القائم في الجنوب.

وبحسب ما أفاد مصدر سياسي لبناني مطّلع على التحضيرات، لـ"إرم نيوز" فإن الوفد اللبناني يدخل الاجتماع من موقع حذر، مدركاً أن أي نقاش لا ينطلق من وقف فعلي للأعمال العدائية سيبقى مفتوحاً على احتمالات الانهيار.

مدخل إلزامي

وأشار المصدر إلى أن المقاربة اللبنانية لم تتبدل، وأن ترتيب الملفات المطروحة تم وضعه نتيجة تجربة مع مسارات تفاوضية لم تُكتب لها الاستمرارية، مبينًا أن وقف الاعتداءات هو المدخل الإلزامي لأي نقاش آخر، باعتباره شرطاً عملياً يسمح بخلق مناخ تفاوضي يمكن البناء عليه.

وأضاف أن أي نقاش لاحق قد يتناول ملفات إنسانية حساسة، من بينها قضايا احتجاز وجثامين، باعتبارها اختباراً عملياً لمدى قابلية المسار للانتقال من إدارة التوتر إلى خطوات قابلة للتنفيذ.

وأكد المصدر أن أي نقاش يتعلق بالانسحاب الإسرائيلي يُفهم حصراً في إطار الالتزام بالخط الأزرق ووقف الخروقات المرتبطة به، مشيراً إلى أن هذا الإطار يشكّل مرجعية قائمة وليس مدخلاً لمسار ترسيم جديد، كما بيّن أن مقاربة النقاط الخلافية البرية تبقى مرتبطة بتحسن الواقع الأمني، ولا يمكن فصلها عن استقرار ميداني فعلي.

ولفت المصدر إلى أن الأنظار اللبنانية تتجه أساساً إلى مضمون الطرح الإسرائيلي. فالسؤال المطروح داخل دوائر القرار يتصل بكيفية تعريف التهدئة المطروحة، وبطبيعة الالتزامات الفعلية على الأرض.

أخبار ذات علاقة

منطقة الناقورة

انطلاق الجولة الثانية من "محادثات الناقورة" في لبنان اليوم

ونوه إلى أن هناك تخوفاً لبنانياً من محاولات إدخال عناصر إضافية إلى النقاش، سواء عبر توسيع نطاق الترتيبات الأمنية أو عبر ربط وقف الاعتداءات بشروط لاحقة قد تنعكس عملياً على آليات الضبط الميداني القائمة.

وذكر المصدر أن الوفد اللبناني سيقيّم أي طرح إسرائيلي انطلاقاً من مدى قابليته للتطبيق العملي، ووفق المصدر، الذي أوضح أن أي صيغة لا تتضمن التزامات واضحة يمكن التحقق منها ميدانياً ستُعدّ غير قابلة للاستمرار.

وأعتبر أن المقاربات الغامضة أو المفتوحة على تفسيرات متعددة أثبتت محدوديتها في مراحل سابقة، ولم تُسهم في إنتاج استقرار فعلي على الأرض.

الحسابات الأمريكية

بدوره قال مصدر دبلوماسي أمريكي مطّلع على مسار الاتصالات، إن واشنطن تنظر إلى اجتماع الناقورة، اليوم، بوصفه حلقة ضمن جهد يهدف إلى ضبط الوضع القائم، لا إلى إنتاج تفاهمات نهائية.

ووفق المصدر، فإن الإدارة الأمريكية تركز في هذه المرحلة على منع تدهور الواقع الميداني، انطلاقاً من تقدير مفاده أن أي خطوات قابلة للاستمرار، مهما كانت محدودة، تسهم في خفض مستوى المخاطر المرتبطة بتوسّع التوتر إقليمياً.

ولفت لـ"إرم نيوز" إلى أن الولايات المتحدة تأخذ في الحسبان حساسية المقاربة اللبنانية، كما تضع في تقديرها تعقيدات النقاش الداخلي في إسرائيل، موضحاً أن الجهد الأميركي في هذه المرحلة يتركز على إبقاء قنوات الاتصال قائمة ومنع انزلاق الوضع مجدداً نحو التصعيد.

وأضاف أن واشنطن لا تدفع حالياً في اتجاه تسويات شاملة، بل تعمل على تعزيز آليات ضبط الوضع القائم بما يحدّ من احتمالات تدهوره.

ورأى المصدر أن استمرار عقد الاجتماعات، في حال حصل، يشير إلى استعداد الأطراف المعنية لمتابعة هذا المسار بوصفه إطاراً لضبط الوضع القائم.

لكنه في المقابل أعتبر أن أي تراجع ميداني أو اتساع في الخروقات سينعكس مباشرة على هذا المسار، ويحدّ من قدرته على الاستمرار، بصرف النظر عن الجهود التي يبذلها الوسطاء.

ويتعامل لبنان مع اجتماع الناقورة باعتباره محطة محدودة الهدف، يجري من خلالها اختبار طبيعة الطرح الإسرائيلي وحدود الالتزام الممكنة في هذه المرحلة. ووفق المعطيات المتوافرة، فإن مسار اللقاءات يبقى مرتبطاً مباشرة بما سيُطرح على الطاولة، وبمدى انعكاس ذلك على الواقع الميداني في الجنوب.

وفي هذا السياق، تبقى قابلية هذا المسار للاستمرار رهناً بتماسك الوضع على الأرض، وبقدرة الوسطاء على منع أي تدهور قد يعيد الملف إلى نقطة الصفر.

مقاربة حذرة

من جهته، قال الباحث اللبناني المتخصص بالشؤون الاستراتيجية، رائد حيدر، إن أهمية اجتماع الناقورة تكمن في كونه مؤشراً على تحوّل تدريجي في طريقة إدارة الملف الحدودي، من منطق الردع المتبادل إلى منطق الضبط السياسي المحدود.

أخبار ذات علاقة

لافتة ترحيبية عند مدخل منطقة الناقورة في لبنان

ضغط النار والوقت.. كيف غيّرت "مفاوضات الناقورة" استراتيجية لبنان؟

وأشار لـ"إرم نيوز" إلى أن لبنان يتعامل مع هذا الاجتماع باعتباره أداة لفرز النيات الإسرائيلية أكثر من كونه مساحة لصياغة تفاهمات، لافتاً إلى أن التركيز اللبناني على قابلية التنفيذ يعكس إدراكاً متقدماً لطبيعة المرحلة.

وبيّن حيدر أن أي محاولة لإدخال ترتيبات أمنية إضافية خارج إطار الخط الأزرق ستُقابل بتحفظ لبناني واضح. من هنا، يعتبر أن الرهان اللبناني الحقيقي لا ينصب على نتائج الاجتماع نفسه، بل على ما إذا كان سيفرض على إسرائيل نمطاً أكثر انضباطاً في التعامل مع الجنوب، وهو ما يشكّل بحد ذاته مكسباً مرحلياً.

منع الانزلاق الإقليمي

من جانبه، اعتبر بيار دوبوا، المحلل الفرنسي المتخصص في العلاقات الدولية وشؤون الشرق الأوسط، أن المقاربة الدولية، تنظر إلى اجتماع الناقورة من زاوية أوسع تتجاوز الحدود اللبنانية الإسرائيلية.

ورأى لـ"إرم نيوز" أن هذا النوع من الاجتماعات يُستخدم حالياً كأداة لمنع انتقال التوتر من مستوى محلي إلى مستوى إقليمي، في ظل غياب أي أفق واقعي لتسويات شاملة.

وأشار دوبوا إلى أن استمرار اللقاءات، حتى من دون نتائج ملموسة، يخدم هدفاً دولياً أساسياً يتمثل في تثبيت خطوط السيطرة ومنع سوء التقدير الميداني، خصوصاً في منطقة تشهد تراكماً في عوامل الانفجار.

وأضاف أن أي انهيار لهذا المسار سيُعتبر أوروبياً كفشل في إدارة الأزمة وليس كفشل تفاوضي، ما يفسّر الحرص الفرنسي على إبقاء قنوات التواصل مفتوحة، ولو ضمن سقوف متواضعة، إلى حين تبلور معادلات إقليمية أكثر وضوحًا.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC