يلوح في الأفق اتفاق "جديد" بين إسرائيل وحركة حماس، مع أنباء تتوقع أن يُعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، خلال أيام قليلة عن تهدئة لـ60 يوماً، لا تضمن انتهاء الحرب بالكامل.
وخلال 18 شهراً من الحرب المدمّرة عُقدت هدنتان أنهتهما إسرائيل باستئناف الحرب بقوة أكبر، وشهدتا تصاعداً خطيراً في عدد الضحايا، مع إكمال تدمير ما نسبته 60% من القطاع، بحسب الأرقام الأممية.
في 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، عُقدت الهدنة الأولى التي استمرّت سبعة أيام فقط، وبعد إكمال التبادل بين الأسرى 41 إسرائيلياً مقابل 78 فلسطينياً، استأنف الجيش الإسرائيلي الحرب بقصف عنيف شمل كل أنحاء القطاع يوم الثلاثين من نوفمبر.
أما الهدنة الثانية، والتي بدأت في التاسع عشر من يناير/ كانون الثاني 2025، وإن كانت استمرت وقتاً أطول حتى 18 عشر من مارس/ آذار الحالي، إلا أن الجيش الإسرائيلي أنهاها بـ بعنف أكبر، فبينما كان عدد قتلى الحرب 46 ألفاً قبل الهدنة الثانية، ارتفع إلى 61 ألفاً قبل أيام من الهدنة "المحتملة".
وتحوّلت الهُدن القصيرة المؤقتة إلى فرصة للبحث تحت الأنقاض عن جثث القتلى المتحللة، وفتح مقابر جماعية تضاف إلى "مئات" المقابر وفق تقدير المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، الذي قدّر في تقرير سابق أن بعض المقابر الجماعية في شمال غزة كانت تضم "آلاف" القتلى.
وفي الهدنة الأولى، تم الكشف عن "مقبرة البطش" في حي التفاح شرقي مدينة غزة، حيث قدّر المرصد الأورومتوسطي حينها عدد الجثث في المقبرة بين 500 إلى 1000 جثة لقتلى دُفنوا فيها بعد أسبوعين فقط من بدء الحرب على غزة.
وسرعان ما يعود مؤشر عدد الضحايا إلى الارتفاع في كل مرة تنتهك فيها إسرائيل وقف إطلاق النار، بحسب مراقبين، يعتقدون في المقابل أن الاتفاقيات باتت "حبراً على ورق" خصوصاً مع غياب الضامن لاستمرار الهدن أو تمديدها أو إلزام إسرائيل بوقف الحرب بشكل نهائي، فيما حرفت المفاوضات المستمرة ورحلات الوفود واجتماعاتها لبحث اتفاقات جديدة، الأنظار عما يجري في القطاع من استمرار للقصف العنيف والحصار.
وبينما ترددت أنباء عن أن ترامب "سيضمن" التزام إسرائيل بالتهدئة المتوقعة خلال أيام، فإن مراقبين يُذكّرون بأن الرئيس الأمريكي كان قد تعهد بعد إبرام اتفاق التهدئة الثانية التي تزامنت مع عودته إلى البيت الأبيض في يناير الماضي، بإلزام إسرائيل في تنفيذها بالكامل.
لكن بعد أسبوعين على التهدئة، صرّح ترامب بأن "لا ضمانات" لصمود وقف إطلاق النار. وقال حينها للصحفيين في البيت الأبيض: "ليست لديّ أي ضمانة بأن السلام سيصمد".
وبالفعل استأنفت إسرائيل بعد ذلك التصريح بأسبوعين، أي في الثامن عشر من مارس الماضي، القتال بعنف أكبر وهو ما بررته حينها صحيفة "وول ستريت جورنال" بأنه "كان متوقعاً".
ويعتقد مراقبون أن إسرائيل ربّما تضطر إلى القبول تحت الضغط الأمريكي بهدنة الـ60 يوماً، وقد تكون فرصة لتل أبيب نحو "كسر سلسلة التصعيد غير المسبوقة" مع أوروبا، لكن لا ضمانات لاستمرارها، أو وقف "لعنة الدماء" التي تخيّم على قطاع غزة.