رئيس الموساد يعتبر أن على إسرائيل "ضمان" عدم استئناف إيران لبرنامجها النووي
بعد صفقات التبادل الأخيرة التي أدّت إطلاق سراح مئات الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية، يعتقد مسؤولون سابقون في تل أبيب أن هذه المعتقلات باتت أقرب إلى "أكاديميات: غير مقصودة لتخريج قيادات حركة حماس.
ونقلت صحيفة "التايمز" البريطانية شهادات لمسؤولين إسرائيليين سابقين أن سجون بلادهم ساهمت في تشكيل جيل كامل من القادة الفلسطينيين، حيث تحولت الزنازن إلى مدارس للتعلم والتخطيط، مما يثير مخاوف في تل أبيب من تكرار "كارثة" صفقة جلعاد شاليط عام 2011.
وفي صفقة شاليط 2011 خرج 1027 أسيراً فلسطينياً، كان بينهم يحيى السنوار، الذي أصبح فيما بعد زعيماً لحركة حماس في غزة، والذي استغل فترة سجنه الطويلة ليصبح "مهندس" هجمات السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، قبل مقتله في 2024.
ووفقاً للدكتور يوفال بيتون، الرئيس السابق لجهاز المخابرات في السجون الإسرائيلية، رأى السنوار حينها أن الصفقة "سيئة" لأنها تركت خلفها شخصيات بارزة مثل حسن سلامة، "مهندس" تفجيرات الحافلات في التسعينيات، ومحمود عيسى، مؤسس خلية القسام في القدس.
وبينما لا يزال سلامة مسجوناً، أُطلق سراح عيسى مؤخراً، وتم نفيه إلى مصر، وسط انتقادات حادة في إسرائيل، إذ يعد الأسير السابق "من أخطر الأسرى وصاحب العقلية الفذة"، وفق وسائل إعلام إسرائيلية، بالنظر إلى دوره الرئيس في واحدة من أهم عمليات الفصائل الفلسطينية في التسعينيات.
في 1992، كان عيسى وراء عملية اختطاف ضابط إسرائيلي، بهدف الضغط للإفراج عن مؤسس حركة حماس، أحمد ياسين، المعتقل آنذاك، وظل يسبب "صداعاً" للإسرائيليين حتى أثناء أسره، إذ حاول حفر نفق أسفل سجنه عام 1996، ورفضت تل أبيب بشدة الإفراج عنه في صفقة 2011، قبل أن يخرج في الصفقة الأخيرة.
خلال سجنه في "جامعة هداريم"، كما يُلقب الأسرى الفلسطينيون السجون الإسرائيلية، استغل السنوار الوقت لتعزيز قدراته، فتعلم اللغة العبرية بطلاقة، وأكمل دورات في التاريخ اليهودي من الجامعة المفتوحة، وترجم كتباً لرؤساء المخابرات الإسرائيلية إلى العربية.
كما كتب رواية بعنوان "الشوكة والقرنفل"، تصور فلسطينياً متديناً يخطط لـ "الجهاد" من خلال شبكة أنفاق تحت غزة، وهو ما يشبه "مترو غزة" الذي أشرف عليه لاحقاً.
ويقول ميكا كوبي، رئيس التحقيق السابق في جهاز الشين بيت، الذي أمضى 150 ساعة مع السنوار: "لقد أعد مذبحة 7 أكتوبر في السجن". وفي مقابلة نادرة عام 2018، أقرّ السنوار بذلك قائلاً: "السجن يبنيك".
وبحسب تقرير "التايمز"، ساهمت السجون الإسرائيلية في تشكيل جيل من قادة حماس من خلال توفير بيئة تسمح بالتعلم والتنظيم، فمحمود عيسى، الذي أمضى 33 عاماً في السجن، حفظ القرآن، وتعلم الخط، وألف كتباً. وكذلك أحمد ياسين، مؤسس حماس، أُطلق سراحه في صفقة سابقة، وأصبح مرشداً للسنوار قبل اغتياله عام 2004.
أما إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي السابق لحماس، فقد قضى سنوات في السجن قبل أن يحتفل بهجمات 7 أكتوبر ويُغتال في طهران العام الماضي. حتى صالح العاروري، الذي أُطلق سراحه عام 2007 كشخصية "ثانوية"، أصبح رئيساً لحماس في الضفة الغربية ومساهماً في تخطيط الهجمات قبل اغتياله.
ويقول بيتون، الذي أنقذ حياة السنوار بترتيب عملية جراحية له: "السجن كان جامعة لهم"، إذ يعكس هذا الرأي كيف سمحت الامتيازات السابقة، مثل الوصول إلى التلفزيون، الجامعات، الكتب، وحتى طهي الطعام، بتحويل السجناء إلى قادة أكثر قوة.
لكن بعد 7 أكتوبر، غيّرت إسرائيل سياستها، إذ حرمت السجناء من "الامتيازات، ويقر كوبي: "أصبحنا أكثر صرامة. ارتكبنا أخطاء فادحة سابقاً".
وفي الصفقة الأخيرة، أطلقت إسرائيل سراح 1700 فلسطيني اختطفوا خلال الحرب، إضافة إلى 250 محكوماً مدى الحياة، منهم 65 من حماس و157 من فتح. ويرى كوبي هؤلاء "قتلة سيظلون كذلك". لكن بنيامين نتنياهو، الذي وافق على صفقة شاليط عام 2011، حجب أسماء كبرى مثل مروان البرغوثي، "مانديلا فلسطين"، الذي يُعتبر قادراً على توحيد الفلسطينيين، وعباس السيد، مهندس تفجير فندق بارك عام 2002.
ويعتقد بيتون أن إسرائيل نجحت هذه المرة لأن أهم قادة حماس ما زالوا في السجن، مضيفاً "لا أرى أحداً يضاهي السنوار". لكنه ينتقد إبعاد الأسرى مثل محمود عيسى بقوله "من الأفضل إطلاقهم تحت أنظارنا، فلا أحد يعلم من سيصبح قائداً".