تشدّدت الحكومة الإسرائيلية في رفض الإفراج عن الزعيم الفلسطيني، مروان البرغوثي، ضمن صفقتها الأخيرة بتبادل الأسرى مع حركة حماس، رغم وصفه بـ "مفتاح حل الدولتين".
ووفق تقرير لصحيفة "التلغراف" البريطانية، فإن البرغوثي المسجون منذ أكثر من 23 عامًا، يعد مفتاحًا محتملًا لحل الدولتين، إذ يرى العديد من الفلسطينيين والإسرائيليين أن القيادي الفتحاوي يمثل أفضل فرصة لتحقيق دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل، كما يُشار إليه كـ"مانديلا فلسطيني" لدعمه الثابت للسلام الدائم.
ويُعزى رفض إسرائيل إطلاق سراحه إلى "مخاوف سياسية"، حيث يُنظر إليه كرمز للوطنية الفلسطينية ومؤيد لحل الدولتين، ما يهدد مصالح الائتلاف الحاكم المتشدد، بحسب "التلغراف".
وبدأت رحلة البرغوثي كمدافع عن السلام من خلال دعمه القوي لاتفاقيات أوسلو عام 1993، التي مهّدت لإمكانية قيام دولتين، وخلال الانتفاضة الأولى، ساعد في تنسيق مقاومة سلمية إلى حد كبير، ما ساهم في عودة منظمة التحرير الفلسطينية إلى الضفة الغربية.
ويتذكّر يوسي بيلين، الوزير الإسرائيلي السابق الذي شارك في المفاوضات السرية، أن البرغوثي كان أحد أبرز المدافعين عن وعود أوسلو داخل حركة فتح، كما أعجب مائير شطريت، عضو حزب الليكود السابق، بفصاحته وروح الدعابة، معتبرًا إياه "مؤيدًا قويًا للسلام مع إسرائيل".
وأكدت تلك اللقاءات في التسعينيات التزام البرغوثي بحق إسرائيل في الوجود، رغم سجله في العمل العسكري لاحقًا، مع ذلك تلاشت آمال أوسلو بسبب اغتيال إسحاق رابين عام 1995، وانتخاب بنيامين نتنياهو عام 1996، الذي أوقف عملية السلام ووسع المستوطنات.
ونفد صبر البرغوثي، محذرًا في اجتماع مع بيلين عام 2000 من اندلاع عنف إذا لم يحدث تقدم، وبالفعل انطلقت الانتفاضة الثانية، حيث لعب دورًا في تأسيس كتائب شهداء الأقصى، لكنه أصر دائمًا على أن هدفه النهائي هو السلام، حيث قال مرة "لا أسعى إلى تدمير إسرائيل، بل إلى إنهاء احتلالها لبلدي".
وأدين عام 2004 بإصدار أوامر بهجمات أسفرت عن مقتل خمسة مدنيين، لكنه رفض شرعية المحكمة، محافظًا على موقفه من حل الدولتين، فيما يجادل مسؤولون إسرائيليون سابقون مثل شطريت وبيلين بأن استمرار سجنه ليس بسبب مخاطر أمنية، بل سياسية.
ويعتمد ائتلاف نتنياهو على المتشددين المؤيدين للاستيطان، الذين يرون في إطلاق سراح البرغوثي انتكاسة كبيرة، إذ سيُعزز انتصارًا فلسطينيًا ويُعيد إحياء فكرة الدولتين.
ووفق تقارير متعددة، فإن إسرائيل كانت على وشك إطلاق سراحه عدة مرات، آخرها العام الماضي، لكنها تراجعت. كما أن حماس وضعته على رأس قائمة السجناء المطلوبين في اتفاق وقف إطلاق النار الأخير، رغم انتقاده لها، لكن تل أبيب أصرّت دائمًا على الرفض.
وفي الاستطلاعات، تفوق شعبية البرغوثي أي شخصية أخرى، ما يجعله مرشحًا محتملًا للرئاسة الفلسطينية إذا أُجريت انتخابات، إذ يرى تقرير "التلغراف" أن إسرائيل برفض إطلاق سراحه، قد تكون أضاعت فرصة ثمينة للسلام، أو كما يراه البعض، نجت من مخاطر تطرف محتمل.