أكد الباحث السياسي السوري، فيكتوريوس بيان، أن رفع الغرب اسم "هيئة تحرير الشام" من قوائم الإرهاب الدولي، مرهون بأدائها خلال الفترة القادمة، لا سيما حول قبول الجميع وعدم إقصاء أي عنصر من مكونات الشعب وطوائفه، لافتًا إلى أن أي خطأ من الهيئة سينعكس على مستقبل سوريا القادم.
وأوضح بيان في حوار مع "إرم نيوز"، أن هناك العديد من القضايا الإستراتيجية التي يجب أن تناقش بندية مع تركيا حتى لا تتحول سوريا إلى ساحة صراع في المستقبل، مشددًا على ضرورة عدم استبدال هيمنة إيرانية بأخرى تركية.
ونبه على ضرورة التعامل مع شبح التقسيم، في ظل مخاوف لدى السوريين الأكراد يجب أن تعالج، ولذلك يجب الجلوس على طاولة مع السوريين "الأكراد" لحل هذه المشاكل وتقديم التطمينات لهم، مشيرًا إلى أن العدالة الانتقالية من أهم المبادئ التي تحصن سوريا من الانجرار إلى التقسيم.
وتاليًا نص الحوار:
كيف ترى مستقبل سوريا المنتظر في ظل وجود مخاطر دولية وإقليمية وأيضًا داخلية؟
مستقبل سوريا الآن يرتبط بشكل كبير بأداء هيئة تحرير الشام، هي هيئة مدرجة على قائمة الإرهاب، وأمامها تحديات كبرى وهائلة، لا سيما أن سوريا ذاتها مدرجة على لوائح العقوبات، وجمدت الهيئة العمل بالدستور والبرلمان الموروث عن النظام السابق، ويجب مراقبة أدائها، لا سيما بعد الأول من مارس المقبل، عندما تتشكل حكومة دائمة، المخاطر كبيرة، وعلى الهيئة إقناع السوريين والعرب والغرب بأن أداءها تغير ومختلف، وأنها تقدم نموذجًا بعدم إقصاء أي مكون من مكونات الشعب وطوائفه، وأن كل أبناء سوريا ممثلون في السلطة، أي خطأ من "الهيئة" سينعكس على مستقبل سوريا.
كيف تقييم المخاوف المنتشرة حول مستقبل سوريا باستبدال قوة إقليمية "إيران" بأخرى مع المتغيرات الأخيرة؟
هناك مخاوف فعلًا من استبدال الهيمنة الإيرانية بأخرى، والمقصود هنا تركيا، وإيران لم تكن اللاعب الوحيد، القوات الأمريكية كانت وما زالت متواجدة، وقوات روسية ما زالت حاضرة، وأيضًا قوات تركية، وتقدم إسرائيلي في الأراضي السورية، هناك تخوف من هيمنة تركية في سوريا، وما يجب وضعه في الحسبان أن لتركيا حدود طويلة ومخاوف أمنية من وجود قوات كردية على حدودها، وهذه مسؤولية السوريين الآن، بأن يتعاملوا مع المسألة الكردية بشكل مختلف، ومعالجة مخاوف الأكراد في سوريا، وأن يكونوا جزءًا أساسيًّا من سوريا الجديدة، وبالتالي يكون التعامل مع تركيا بشكل فيه ندية، هناك 3 ملايين لاجئ سوري في تركيا، هناك تشابك اجتماعي واقتصادي مع تركيا على خلاف إيران، لكن وجود القوات التركية في سوريا مسألة يجب أن تناقش جديًّا، وأن تخرج القوات الأجنبية كافة بما فيهم التركية، مع ضرورة الحفاظ على علاقة طيبة، لا سيما أن هناك مصالح بين البلدين، حيث ينبع نهر الفرات من تركيا ويمر من سوريا إلى العراق ، هناك العديد من القضايا الإستراتيجية التي يجب أن تناقش بشكل ندي مع تركيا، حتى لا تتحول سوريا إلى ساحة صراع في المستقبل، وإلا نستبدل هيمنة إيرانية بأخرى تركية، مع ضرورة معالجة مخاوف الأتراك، وأيضًا الأكراد في سوريا.
التقسيم شبح كبير.. ما هو الطريق أو المساعي التي تبعد سوريا عن ذلك؟
التقسيم شبح حقيقي، قبل أيام كان يتحدث بنيامين نتنياهو عن ضرورة تحالف إسرائيل مع الأقليات في سوريا، ما يوضح أن شبح التقسيم حاضر، هناك مخاوف لدى السوريين الأكراد يجب أن تعالج؛ لأنها مخاوف عمرها أكثر من نصف قرن، يجب الجلوس على طاولة مع السوريين الأكراد لحل هذه المشاكل وتقديم التطمينات لهم، يجب عدم الانجرار لعمليات الثأر الفردية أو غيره في سوريا، بمعنى أن يكون هناك عدالة انتقالية، وأن يقدم من تورطوا في دماء الشعب السوري إلى العدالة لتتم محاكمته وفقًا للقانون فقط، هذه أمور تحصن سوريا من الانجرار إلى التقسيم، وهذا يعتمد أيضًا على أداء هيئة تحرير الشام أو الحكومة التي ستأتي بعد أول مارس، والتي نتمنى أن تمثل الشعب السوري كله حتى تحصن الدولة من التقسيم.
ما المطلوب حتى لا تكون سوريا القادمة لفصيل أو شخص أو كيان معين؟
بناء دولة المؤسسات وفصل السلطات، هذا ما يحصن سوريا ويحفظ وحدتها، حتى تكون لكل السوريين، وحتى لا يكون هناك فصيل أو جهة أو حزب أو طائفة تتحكم في مصير سوريا.
كيف ترى الأصوات التي تلمح إلى حل مؤسسات الدولة ومنها الجيش؟
هيئة تحرير الشام كانت منتبهة لهذا الأمر، ولذلك طلبوا من الحكومة السابقة أن تبقى في مكانها وأن تسلم السلطة بشكل منظم للحكومة الجديدة وهذا ما حدث، وحل الجيش لم يتخذ قرارًا واضحًا، ولكن تم التصريح مؤخرًا بأنه قد تعتمد سوريا في المستقبل على جيش محترف، وأن تلغي التجنيد الإلزامي إلا في بعض الاختصاصات البسيطة، أي أنه ليس هناك قرار بحل الجيش على غرار ما حدث في العراق، يبدو أنهم منتبهون لهذه المسألة، إضافة إلى بعض التسريبات التي تقول إن كل من يحمل سلاح يمكنه أن يندمج في الجيش السوري الجديد.
كيف تعود سوريا إلى محيطها العربي الذي لا يحمل أي أطماع في داخلها؟
على الحكومة الجديدة في سوريا، أن تقدم نموذجًا مختلفًا عن النظام السابق الذي كان يتعاطى بمنطق الابتزاز والتدخل في شؤون الدول العربية، سواء اللبناني أم الفلسطيني أم العراقي وغيرهم، يجب أن تكون العلاقة قائمة على الشفافية والمصالح مع الدول العربية، وألا تتدخل في شؤونهم الداخلية، وأيضًا عدم السماح للآخرين بالتدخل في شؤونها الداخلية.
هل لك رؤية حول كيفية أن يكون الدستور مكتوبًا لكل السوريين دون انفراد أو مواد تخدم طرفًا أو تيارًا أو طائفة على أخرى؟
الدستور السابق تم تفصيله على نظام الأسد، بمعنى أنه كان هناك مادة تقضي بأن حزب البعث قائد الدولة والمجتمع، وأخرى تم فيها تخفيض عمر رئيس الجمهورية من 40 إلى 36 عامًا حتى يتناسب مع عمر "بشار الأسد" في عام 2000، والدستور القادم يجب ألا يميز بين طائفة وأخرى، وأن يفسح المجال لأبناء سوريا كافة للمشاركة في السلطة، بهذه الطريقة من الممكن أن يكون لدينا دستور حضاري يمثل الجميع.
هل تظن أن الولايات المتحدة ومن ورائها الغرب سيزيلون هيئة تحرير الشام والجولاني من قوائم الإرهاب؟
الآن الغرب يقول إنه يراقب، حيث يسمع كلامًا جيدًا من هيئة تحرير الشام وينتظر أفعالها وأداءها، حتى يكون على أساس ذلك رفع اسمها من قوائم الإرهاب الدولي من عدمه، ورفع العقوبات عن الهيئة ليس بغرض ما يعود بالنفع على الشعب السوري، ولكن هذه دول تريد الحفاظ على مصالحها في المنطقة، وأتوقع رفع هيئة تحرير الشام عن قوائم الإرهاب قريبًا.