مدير منظمة الصحة العالمية يدعو إسرائيل إلى وقف "كارثة" المجاعة في غزة
على وقع التصعيد الأمريكي ضد طهران، وجدت بغداد نفسها أمام اختبار صعب، فمع انتهاء الإعفاءات التي سمحت لها باستيراد الغاز والكهرباء من إيران، تواجه الحكومة العراقية خيارات معقدة للحفاظ على استقرار المنظومة الكهربائية.
وأعلن متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، الأحد، أن إدارة الرئيس دونالد ترامب لم تُجدِّد الإعفاءات للعراق لشراء الكهرباء من إيران، مضيفًا أن واشنطن لن تسمح لطهران بأي قدر من الإغاثة الاقتصادية أو المالية.
ووفقًا لما أوردته وكالة "رويترز"، أكد المتحدث باسم الخارجية الأمريكية أن "حملة أقصى الضغوط التي يمارسها الرئيس تهدف إلى إنهاء التهديد النووي الإيراني، وتقليص برنامجها للصواريخ الباليستية، ومنعها من دعم الجماعات الإرهابية".
وسادت حالة من القلق في بغداد، حيث يواجه العراق صيفًا لاهبًا في ظل احتمالات تفاقم أزمة الكهرباء بعد قرار واشنطن، إذ تتزايد المخاوف من حدوث انقطاعات واسعة قد تؤدي إلى تصعيد شعبي، في وقت تسعى فيه الحكومة العراقية لإيجاد بدائل سريعة لتفادي أزمة قد تكون الأكثر حدة منذ سنوات.
وكشف مصدر في وزارة الكهرباء العراقية عن عقد اجتماعات مكثفة داخل الوزارة، بحضور مسؤولين من وزارة النفط وممثلين عن لجنة الطاقة النيابية، لبحث البدائل السريعة بعد انتهاء الإعفاءات الأمريكية.
وأوضح المصدر، الذي طلب حجب اسمه، لـ"إرم نيوز" أن "الاجتماعات التي ترأسها وزير الكهرباء، وحضرها وكلاء الوزارة ومديرو الشركات المعنية، جاءت لبحث زيادة الاعتماد على الوقود المحلي لتعويض نقص الغاز الإيراني، إلى جانب تسريع تنفيذ اتفاقيات استيراد الغاز من تركمانستان عبر الأراضي الإيرانية".
وأضاف أن "هناك تنسيقًا مع وزارة النفط لضمان تأمين الكميات اللازمة من زيت الوقود والديزل لتشغيل المحطات الحرارية خلال الأشهر المقبلة".
ويحتاج العراق إلى نحو 50 ألف ميغاواط، لتلبية الطلب على الطاقة خلال فصل الصيف، إلا أن الإنتاج الحالي لا يتجاوز 20 ألف ميغاواط، ما يجعله يعتمد على استيراد الغاز والكهرباء من إيران لتعويض الفجوة.
ومع انتهاء الإعفاءات الأمريكية، تفيد التقديرات بأن العراق قد يخسر ما يصل إلى 40% من إمدادات الغاز التي يعتمد عليها لتشغيل محطات التوليد.
بدوره، قال عضو لجنة الكهرباء والطاقة في البرلمان العراقي، النائب هاتف الساعدي، إن "الصيف المقبل يبدو أنه سيكون ساخنًا في ظل التطورات الأخيرة المرتبطة بإنهاء الإعفاءات الأمريكية لاستيراد الغاز والكهرباء من إيران، ما سيؤثر بشكل مباشر على إنتاج الطاقة في العراق".
وأضاف الساعدي لـ"إرم نيوز" أن "الإنتاج المحلي لا يكفي لتغطية الطلب المرتفع، والحكومة تواجه صعوبة كبيرة في إيجاد بدائل بالسرعة المطلوبة"، مشيرًا إلى أن الاعتماد على مصدر واحد لاستيراد الغاز طوال السنوات الماضية كان خطأ استراتيجيًا تتحمل مسؤوليته الحكومات المتعاقبة".
وأكد الساعدي أن "العراق بحاجة إلى تحرك عاجل لتفعيل مشاريع الربط الكهربائي والاستفادة من موارد الغاز المحلي بدلًا من الاستمرار في سياسة الحلول المؤقتة التي أثبتت عدم فاعليتها".
وتقول بغداد إن لديها خططًا متعددة لتأمين مصادر بديلة للطاقة بعد إنهاء الإعفاءات الأمريكية، إذ تعمل على استيراد الغاز من تركمانستان عبر الأراضي الإيرانية، بالإضافة إلى زيادة الاعتماد على الوقود المحلي مثل زيت الوقود والديزل لتشغيل المحطات الحرارية.
كما تسعى بغداد إلى تسريع مشاريع الربط الكهربائي مع دول الخليج والأردن وتركيا، وسط تحديات تتعلق بسرعة التنفيذ والقدرة على تعويض النقص المتوقع في الإمدادات الإيرانية.
ويرى مختصون أن إنهاء الإعفاءات الأمريكية قد يكون دافعًا للعراق للإسراع في تحقيق استقلاله الطاقي، لكن تنفيذ هذه الخطط يعتمد على مدى قدرة بغداد على تجاوز العوائق الفنية والسياسية التي حالت دون تحقيق الاكتفاء الذاتي في السنوات الماضية.
وبحسب الخبير الاقتصادي، دريد العنزي، فإن "المتطلبات الدولية قد توفر مكاسب للعراق في بعض القطاعات، لكن التحدي الأكبر الذي يواجه الاقتصاد العراقي لا يقتصر فقط على العقوبات، بل يمتد إلى الإخفاقات الإدارية التي تعيق أي تقدم حقيقي".
وأضاف لـ"إرم نيوز" أن "وقف استيراد الغاز قد يمنح الحكومة فرصة لتوفير موارد مالية ضخمة، كما أنه قد يدفعها إلى التحرك بشكل أكثر جدية نحو حلول مستدامة لأزمة الطاقة، إلى جانب تعزيز الجهود لمواجهة عمليات التهريب التي تستنزف الاقتصاد".
وبحسب معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، فإن العراق أصبح أقرب من أي وقت مضى لتحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة، لكنه يحتاج إلى استثمارات إضافية لتطوير شبكته الكهربائية، وتقليل الاعتماد على مصادر خارجية قد تكون غير مستقرة.
