تسعى العديد من دول غرب إفريقيا، مثل ساحل العاج، السنغال، ونيجيريا، إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في إنتاج الأرز بهدف تقليل الاعتماد على الواردات التي تشكل عبئاً كبيراً على الاقتصاد المحلي.
وقد أظهرت الدراسات والتقارير أن هذه البلدان تواجه تحديات خاصة في تحقيق هذا الهدف، رغم الجهود المبذولة على مختلف الأصعدة.
ساحل العاج: تقدم ملحوظ رغم التحديات
وفقا لتقرير مجلة "جون أفريك"، كانت ساحل العاج تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من الأرز بحلول عام 2025، ولكنها أجلت هذا الموعد إلى عام 2030.
ورغم ذلك، فإن التقدم المحرز مؤخراً في الإنتاج المحلي قد يُمكّنها من تحقيق هذا الهدف في العام المقبل.
وتستهلك ساحل العاج نحو 3 ملايين طن من الأرز سنوياً، وقد شهدت البلاد زيادة ملحوظة في إنتاجها من الأرز، حيث ارتفع من 900 ألف طن في العقد الأول من الألفية إلى 1.3 مليون طن في عام 2023، مع توقعات ببلوغه 1.55 مليون طن في 2024.
ومع ذلك، وعلى الرغم من هذه الزيادة في الإنتاج المحلي، اضطرت ساحل العاج إلى استيراد 2.1 مليون طن من الأرز في عام 2024، ما يعكس استمرار الاعتماد على الواردات.
السنغال: تحديات متواصلة رغم التقدم
وفي السنغال، التي يستهلك فيها الفرد سنوياً حوالي 100 كغ من الأرز، أطلقت الحكومة برنامجًا منذ عام 2014 لدعم الأمن الغذائي في مناطق مثل لوغا وماتام وكافرين.
وحصل البرنامج على دعم مالي بلغ 40 مليون دولار من مؤسسات مثل البنك الإفريقي للتنمية (BAD)، مما أسهم في إعادة تأهيل 2500 هكتار من الأراضي وزيادة الإنتاج إلى 7500 طن من الأرز في 2023.
وعلى مدار العقد الماضي، زادت السنغال إنتاجها من الأرز ثلاث مرات، ليصل إلى 1.5 مليون طن في 2023، لكن الحاجة إلى الواردات لا تزال قائمة لتغطية احتياجات البلاد.
نيجيريا: جهود كبيرة لمواجهة التحديات
أما نيجيريا، التي تنتج أكثر من 5 ملايين طن من الأرز سنويًا، فقد تبنت سياسات تهدف إلى تقليل الاعتماد على الواردات، مثل تشجيع استخدام المنيه (الذرة البيضاء) كبديل للأرز.
وفي عام 2023، قدم مجلس الشيوخ النيجيري مشروع قانون يقترح استخدام 20% من دقيق المنيه في صناعة الخبز لمواجهة ارتفاع أسعار القمح. وبينما تحقق نيجيريا تقدماً في زيادة إنتاجها المحلي، يظل الاعتماد على الواردات يشكل تحدياً رئيساً.
التحديات التي تواجه المنطقة
وتواجه دول غرب إفريقيا تحديات متعددة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الأرز. ففي عام 2023، استوردت دول غرب إفريقيا 8.9 مليون طن من الأرز بقيمة 3.6 مليار دولار، وفقًا لبيانات "Map Trade".
وعلى الرغم من الجهود المبذولة لزيادة الإنتاج المحلي، يظل تحقيق الاكتفاء الذاتي هدفًا بعيد المنال، حيث يشير الخبراء إلى ضرورة زيادة الإنتاج بنسبة 10% سنويًا على مدى 25 عامًا للوصول إلى هذا الهدف.
استراتيجيات تعزيز الإنتاج المحلي
وتعتبر استراتيجيات تعزيز الإنتاج المحلي من الركائز الأساسية لتحقيق الأمن الغذائي والتنمية الاقتصادية المستدامة في المنطقة. تشمل هذه الاستراتيجيات توسيع الرقعة الزراعية، إعادة تأهيل الأراضي الزراعية المتدهورة، دعم المزارعين الصغار في الحصول على البذور والمواد الزراعية، واستكشاف محاصيل بديلة تتكيف مع الظروف البيئية المحلية.
كما يعتقد الخبراء أن الأمن الغذائي في المنطقة يجب أن يعتمد على تنوع المحاصيل، وليس فقط على الأرز. من خلال تعزيز الحبوب المحلية والدرنات مثل المنيه، يمكن للدول تقوية أنظمتها الغذائية وتقليل اعتمادها على الواردات.