قال خبراء في العلاقات الدولية إن تحقيق دونالد ترامب حلمه بالحصول على جائزة نوبل للسلام، يتوقف على إنهاء الحرب في غزة، وهو ما يدفعه لممارسة ضغوط مكثفة على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإنهاء الحرب، في الوقت الذي يقدّم له فيه كافة الوعود بالحماية من أي محاكمة، حتى بلغ الأمر بالرئيس الأمريكي حد التهديد بتعليق المساعدات الأمريكية إلى تل أبيب، في رسالة موجهة للتيارات والشخصيات السياسية الإسرائيلية التي تعمل على محاكمة نتنياهو.
وأوضح الخبراء في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن ترامب يسعى لتطويع العديد من الأحداث العالمية ليصنع منها مبررات تؤهله لنيل الجائزة، بدءًا من إعلانه وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان، وحرب الـ12 يومًا على إيران التي روّج لها باعتبارها محاولة لتحييد "النووي الإيراني"، وهو ما لم يتحقق، مرورًا بإظهاره نفسه كـ"رجل سلام" عبر الاتفاق الذي جرى بين الكونغو ورواندا، رغم أن تقارير صادرة عن مراكز سياسية وبحثية أمريكية تؤكد أن تلك الملفات ما زالت على صفيح ساخن.
ويرى الخبير في العلاقات الدولية الدكتور حامد الصراف أن حلم ترامب بالفوز بجائزة نوبل للسلام يأتي في إطار حملة دعائية منظمة، خاصةً أنه يمتلك مهارات دعائية قوية، من بينها لغة الجسد، التي يوظفها بشكل فعّال، منذ إطلاقه وعدًا خلال حملته الانتخابية في ولاية ميشيغان بوقف الحرب على غزة فور وصوله إلى البيت الأبيض، وهو ما تحدث عنه بخصوص الحرب في أوكرانيا، رغم أن شيئًا من ذلك لم يحدث حتى الآن.
وأشار الصراف إلى أن ترامب يعمل على استثمار الأحداث السياسية والأمنية لخدمة هذا الهدف، من بينها الحرب الخاطفة على إيران، بحجة تحييد برنامجها النووي، رغم فشل هذه المهمة، فضلًا عن محاولاته لإظهار نفسه كصانع سلام من خلال الاتفاق بين الكونغو ورواندا.
وتوقع الصراف، أن تستجيب لجنة نوبل لمنح ترامب الجائزة، خاصة إذا كانت هناك تلبية لاحتياجات مالية لدى المؤسسة.
وأضاف الصراف، أن ترامب هو أول من أدخل العالم في ما يُعرف بـ"الحرب التجارية"، وادّعى قدرته على التفاهم مع إيران بشأن برنامجها النووي، في الوقت الذي شنّ فيه حربًا عليها خالفت الإجراءات الدستورية الأمريكية، كما تحدث عن رغبته في الاستيلاء على جزيرة غرينلاند، بل وضم كندا، وصولًا إلى ممارساته القمعية تجاه المهاجرين في كاليفورنيا، وهو ما يثبت، من وجهة نظره، أنه غير مؤهل لنيل الجائزة، رغم أن المعادلات السياسية في العالم قد تقرّبه منها.
من جانبه، يقول الباحث المختص في شؤون الشرق الأوسط، عمار خيري، إن ترامب يسعى جديًّا لتأهيل نفسه لنيل جائزة نوبل للسلام، ولا ينقصه سوى إنهاء الحرب في غزة؛ ما يدفعه لممارسة ضغوط مكثفة على نتنياهو، مع تقديم وعود شتى بحمايته من المحاكمة، حتى بلغ به الأمر حدَّ تهديد صريح بتعليق المساعدات الأمريكية لإسرائيل، في رسالة واضحة للتيارات السياسية الإسرائيلية الساعية لمحاسبة نتنياهو.
وأضاف خيري أن إنهاء أزمة غزة يُعد العامل الحاسم في تجميل صورة ترامب وتحقيق الحد الأدنى من متطلبات الفوز بجائزة نوبل، حتى يتمكن من الظهور كصانع للسلام، لأن مجرد ترتيب الأمور من خلف الكواليس لا يكفي، ما لم تتحقق الصورة التي يمكن للرئيس الأمريكي أن يتفاخر بها بعد حصوله على الجائزة.
وأشار خيري إلى أن مشهد إنهاء الحرب في غزة يحقق لترامب فرصة الفوز بالجائزة، من منطلق "إعلاء القيم الإنسانية بوقف الحرب والدمار"، وهي نقطة أساسية تروَّج بها الجائزة، حتى وإن لم تتحقق بشكل كامل على أرض الواقع، مؤكدًا أن مجرد التوصل إلى وقف إطلاق نار مؤقت في القطاع سيكون كافيًا ليضع ترامب على الطريق نحو نوبل.
واختتم خيري بأن تحقيق السلام المؤقت لخدمة غرض سياسي مثل الفوز بالجائزة كان حاضرًا أيضًا في ملفات أخرى، مثل: إعلان ترامب إنهاء المواجهة بين الهند وباكستان، وكذلك التصعيد الأخير بين إسرائيل وإيران، رغم أن هذه الملفات، بحسب تقارير مراكز البحث السياسي في الولايات المتحدة، لا تزال قابلة للاشتعال في أي لحظة.