وصف خبراء اتفاق التهدئة الوشيك في لبنان، بمعزل عن غزة، بـ"الضربة في مقتل" لمشروع إيران في المنطقة، مشيرين كذلك إلى أنه يربك حسابات حركة حماس، التي كانت تراهن على مساندة حزب الله وإيران.
ورجح الخبراء السياسيون أن تضطر حركة حماس للتخلي عن مطالبها المتعلقة بالتهدئة مع إسرائيل في قطاع غزة، وذلك إثر الاتفاق المرتقب بين تل أبيب ولبنان، وهو الأمر الذي يفقد الحركة وحدة إسناد رئيسة بالنسبة لها.
وتقترب إسرائيل ولبنان من التوصل لاتفاق تهدئة برعاية دولية، منفصل بشكل كامل عن الحرب في غزة، على عكس ما كان يشدد حلفاء إيران في المنطقة، انطلاقًا مما يسمى "وحدة الساحات".
وقال تقرير لصحيفة "معاريف" العبرية، إن "حماس هي أضعف عدو لإسرائيل مقارنة بإيران وحلفائها في المنطقة"، مشيرًا إلى أن الحركة ستركز على ثلاثة أنواع من الحملات لتحقق الأهداف التي لم تتمكن من تحقيقها بالقوة العسكرية.
وأوضح التقرير أن "أول نوع يتمثل في التأثير على العالم من خلال ضحايا الحرب في غزة، والمطالبات بفرض قيود على الجيش الإسرائيلي وزيادة تدفق المساعدات الإنسانية للقطاع، والثاني استخدام ورقة الرهائن والضغط الشعبي على الحكومة الإسرائيلية".
والنوع الثالث، وفق التقرير، سعي حماس للتقرب من الغرب واستمالة بعض القوى الدولية للانضمام إلى حملة تطالب بوقف الحرب.
وشدد التقرير على أن خروج حزب الله من دائرة المواجهة المباشرة مع إسرائيل سيفقد حماس الجزء الأكبر من عنصر الضغط العسكري.
وبين أن أخطر ما تواجهه حماس هو العملية العسكرية الإسرائيلية شمال القطاع، خاصة بعد إخلاء بلدة بيت حانون من سكانها واستمرار مساعي إخلاء باقي المناطق.
ولفت إلى أن"المصلحة الرئيسة لحماس الآن هي عدم فقدان قبضتها المدنية على غزة وشمالها".
وبحسب التقرير، فإن "استمرار إسرائيل في العمل على إجلاء السكان من شمال غزة ونجاحها في ذلك، إلى جانب مواصلة العمل العسكري ضد الحركة بوسط وجنوب القطاع، سيدفع حماس للموافقة على هدنة تعيد جميع الرهائن".
وقال أستاذ العلوم السياسية، أحمد عوض، إن "الاتفاق بين لبنان وإسرائيل يمثل نجاحًا كبيرًا لتل أبيب بفصل جبهتي غزة ولبنان عن بعضهما، وهو الأمر الذي يعني ضرب مشروع إيران وحلفائها في المنطقة في مقتل".
وأوضح عوض، لـ"إرم نيوز"، أن "الاتفاق جعل من خيارات حماس للضغط على إسرائيل ضيقة للغاية، خاصة أن المعركة مع حزب الله والهجمات المتفرقة لحلفاء إيران كانت تحول دون استفراد الجيش الإسرائيلي بجبهة غزة".
وأضاف: "حماس في موقف ضعيف للغاية، خاصة أنها فقدت جزءًا كبيرًا من قوتها العسكرية، واغتالت إسرائيل كبار قادتها العسكريين والسياسيين، وهي مهددة بالطرد من عدة دول في الخارج، علاوة على خسارتها حزب لله، ما سيدفعها للتنازل كثيرًا لوقف الحرب".
وتابع بالقول: "لا أستبعد أن تقبل الحركة باتفاق لوقف الحرب، مقابل تسليم الرهائن وخروج عدد قليل للغاية من الأسرى مقارنة بما كانت تطلبه في السابق، كما أنها ستكون مستعدة للتنازل عن شرط وقف الحرب، والتوجه نحو الهدوء التدريجي".
وبين أن "أي اتفاق مرتقب لن يكون في إطار التهدئة الشاملة، وستقبل حماس ببقاء الجيش الإسرائيلي لمدة زمنية، كما ستقبل بالشروط التي ستفرضها إسرائيل لعودة النازحين إلى غزة وشمالها"، مبينًا أن نتنياهو وائتلافه سيواصلان المماطلة وعرقلة التوصل لاتفاق مع الحركة.
ويرى المحلل السياسي، محمد هواش، أن "حماس ستقدم لإسرائيل تنازلات كبيرة وغير مسبوقة للتهدئة في غزة"، مشيرًا إلى أن خسارة الحركة لحزب الله في المعركة والتهدئة في لبنان يمكن عدُّها كارثة سياسية وعسكرية لحماس.
وقال هواش، لـ"إرم نيوز"، إن "قبول حزب الله بالتهدئة دون جبهة غزة يمثل مؤشرًا على تخلي إيران الحليفة الإستراتيجية لحماس عن الحركة، وقبولها بالتضحية بالفصائل الموالية لها بالقطاع على حساب ضمان بقاء الحزب الذي يمثل الذراع الأقوى لطهران".
وزاد: "بالرغم من المكابرة العلنية، يشعر قادة حماس بالخذلان من مواقف إيران وحلفائها، وسيكونون مضطرين لإعادة حساباتهم، ورسم خريطة جديدة لتحالفاتهم الإقليمية، والابتعاد خطوات عن محور إيران".
واستكمل بالقول: "الحركة في الوقت الراهن جاهزة لتقديم التنازلات كافة التي تضمن بقاءها بالحكم في غزة ولو جزئيًّا، كما أن حديث قادتها المتكرر عن التوافق مع حركة فتح على تشكيل لجنة لإدارة القطاع، يمثل خطوة لتوريط فتح والسلطة الفلسطينية بملفات الإغاثة وإعادة الإعمار".
وأكد أن "قرار التهدئة في غزة في الوقت الحالي خرج من يد حماس، والأمر مرهون بقرار نتنياهو وحلفائه اليمينيين".
ورأى أن "حماس مستعدة للقبول بأي اتفاق مع إسرائيل، وقد يتضمن بنودًا سرية بشأن المرحلة المقبلة".