دخل ملف إعادة إعمار غزة متاهة الحلول السياسية المنتظرة بعد تعثر الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة بين حركة حماس وإسرائيل، رغم حاجة الغزيين الماسة لإنهاء عامين من النزوح في خيام تفتقر لأدنى مقومات الحياة الآدمية.
ويرى محللون أن إعمار غزة تحوّل إلى ورقة ضغط سياسي تستخدمها إسرائيل وبعض الأطراف الدولية في إطار ابتزاز الفلسطينيين ودفعهم نحو خيارات قسرية، أبرزها الهجرة أو القبول بواقع سياسي مرفوض.
وقال المحلل السياسي عمر رحال، إن "عملية إعادة الإعمار في قطاع غزة ستكون طويلة وشاقة، ولن تسير كما يُخطط لها، بل ستُستخدم كورقة تفاوض وابتزاز سياسي من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو".
وأضاف لـ"إرم نيوز"، أن "غياب التوافق بين الأطراف، وعدم وجود إرادة سياسية حقيقية لدى الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية، إلى جانب موقف إسرائيل الرافض للإعمار، يجعل من هذا الملف معقدًا وشائكًا".
وأشار رحال إلى أنه لم يتم الاتفاق بعد على عقد مؤتمر دولي للإعمار أو تحديد الجهة التي ستقوده، سواء كانت الولايات المتحدة أو هيئة دوليةp ما يُعزز تعقيد المشهد، مضيفًا، أن "إسرائيل لا تريد إعمارًا حقيقيًّا، بل تسعى لتفتيت الأمل لدى الفلسطينيين ودفعهم نحو الهجرة".
وأوضح رحال أن "الأفق السياسي غائب تمامًا، خاصة في ظل الخطة الأمريكية التي لم تتضمن أي مسار سياسي حقيقي للفلسطينيين"، متوقعًا أن تستغرق عملية الإعمار سنوات طويلة، في ظل استمرار استخدامها كوسيلة ضغط لدفع الفلسطينيين نحو مغادرة القطاع.
وقال، إن "سيناريو الإعمار في ظل غياب الأفق السياسي قد يتجه نحو ما سمّاه الإعمار المؤقت عبر حلول جزئية، مثل: إقامة كارافانات متنقلة، وإزالة الأنقاض بشكل بطيء ومحدود".
وأوضح أن "هذا النوع من الإعمار قد يجري فقط في بعض المناطق، ووفقًا لمساهمات مشروطة من جمعيات أو مؤسسات دولية، لكن دون وجود خطة رسمية شاملة أو وتيرة إعمار ترقى إلى تطلعات الفلسطينيين".
وأضاف: "الأمور ستبقى تراوح مكانها، حيث سيُعلن عن بدء مشاريع، وستدخل بعض المعدات، لكن عمليًّا لن يكون هناك إعمار حقيقي، واستمرار معاناة غزة، في ظل واقع السجن المفتوح والعيش المؤقت، بانتظار قرار سياسي خارجي قد لا يأتي قريبًا".
من جانبه، قال المحلل السياسي إياد جودة إن "إسرائيل تريد إضافة معاييرها الخاصة على عملية إعادة الإعمار، بما يضع أولوياتها ومخاوفها الأمنية في قطاع غزة في صدارة التخطيط للعملية".
وأضاف لـ"إرم نيوز"، أن "إسرائيل تحاول ترسيخ الأمر الواقع الذي فرضته بعد اتفاق وقف إطلاق النار بناء على خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؛ ما يعني أن عملية الإعمار ستكون انتقائية ووفق شروط ومعايير إسرائيلية".
وتابع: "المقترحات الإسرائيلية بالبناء في مناطق شرق الخط الأصفر، وغيرها من المقترحات التي تعلنها الإدارة الأمريكية بين الفينة والأخرى، هي مؤشرات على أن ما سيجري ليس إعادة إعمار، وإنما إعادة هندسة قطاع غزة بشكل كامل".
وقال جودة: "لا يمكن الحديث عن إعادة إعمار قطاع غزة دون وجود أفق سياسي واضح وحلول سياسية تسبق أي تحرك في هذا الاتجاه"، مشددًا على أن غياب الأفق السياسي يعني بقاء الوضع على ما هو عليه، أو المبادرة بحلول فريدة لا تلبي الحاجة الإنسانية الملحة لإعادة إعمار القطاع.
وبحسب جودة، فإن ملف الإعمار سيحتاج لتوافق فلسطيني داخلي، وآخر مع الدول المانحة، لضمان تغطية تكاليف الإعمار التي تتجاوز 70 مليار دولار وفق تقديرات دولية.
وأوضح أن "إسرائيل تحاول تطبيق نماذج للإعمار تستثني المنشآت الاقتصادية والسياحية في قطاع غزة، التي كانت عصب العمود الفقري للأنشطة التجارية في القطاع".