كشف مسؤولون إسرائيليون ومصادر ميدانية عن مشاركة أمريكية مباشرة في المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، تشمل تعيين جنرال أمريكي لقيادة قوة الاستقرار المزمع نشرها في غزة، يكون دورها الرئيس الإشراف على عناصر الأمن في غزة، والفصل بين القوات على حدود القطاع.
ويضع هذا التوجه الولايات المتحدة في موقع قيادي سياسي وعسكري مباشر لإدارة المرحلة الثانية، وفق خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ويعكس سعي واشنطن إلى فرض بنود الاتفاق على كل من حماس وإسرائيل.
وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ"إرم نيوز" إن القوة الدولية ستعمل على تنفيذ عملية دمج وإحلال لموظفين جدد وآخرين من الموظفين التابعين للسلطة الفلسطينية بدلاً من أجهزة أمن حركة حماس في قطاع غزة.
وبحسب المصادر، فإن الولايات المتحدة ستشرف، بشكل مباشر، وعبر القوة الدولية، على تدريب 10 آلاف عنصر أمن فلسطيني في مصر والأردن، من بينهم موظفون تابعون للسلطة الفلسطينية في غزة.
ووفق المصادر، فإن موظفين تابعين للسلطة الفلسطينية في قطاع غزة وكانوا يعملون ضمن أجهزة الأمن التابعة لها قبل أن تسيطر حماس على القطاع العام 2007، تلقوا اتصالات مع مديريهم لإخبارهم بالاستعداد للالتحاق بدورات تأهيل عسكري.
وأشارت المصادر إلى أن القوة الدولية التي يتوقع أن يقودها جنرال أمريكي، ستشرف على هذه الأجهزة بشكل مباشر، وستكون مهمتها العمل تنفيذ مهام جهاز الشرطة، وإنهاء حالة الفوضى والفلتان في غزة.
ووفقاً للمصادر، ستتولّى القوات الدولية مهام الفصل بين القوات على حدود غزة، والاستفادة من موارد استخبارية لمركز القيادة في كريات غات، لتنفيذ مهام أمنية محددة ذات طابع أقل احتكاك مع الفلسطينيين.
وقال المحلل السياسي ثابت العمور إن "تعيين جنرال أمريكي لقيادة القوة الدولية في غزة "يكشف عن انخراط أمريكي غير مسبوق، إذ لم تكتفِ واشنطن هذه المرة بلعب دور الوسيط أو راعي اتفاقات السلام، بل أصبحت منخرطة ميدانياً من خلال وجود جنرال على الأرض، ومركز تنسيق، وربما قواعد عمل ميدانية محدودة".
وأضاف لـ"إرم نيوز": "هذا التحول يعني أن الشأن الفلسطيني بات يدار، بشكل مباشر، من قِبل الإدارة الأمريكية، سواء فيما يتعلق بتفاصيل إعادة الإعمار، أو إدارة الوضع اليومي في غزة، أو حتى رسم مستقبل القطاع، وتثبيت قواعد وقف إطلاق النار".
وأشار المحلل السياسي ثابت العمور إلى أن "تعيين الجنرال الأمريكي هو تلميحات أمريكية واضحة بأن المرحلة الثانية من الاتفاق باتت قريبة جداً، وأن ما يفصل عنها هو خطوة واحدة فقط، تتمثل في تسليم ما تبقى من جثث الإسرائيليين".
وأضاف: "تعيين الجنرال الأمريكي يمثل دخولاً رسمياً ومباشراً للولايات المتحدة على الأرض، حيث سيكون الجنرال بمثابة مندوب ترامب الميداني، ويمثل حضوره امتداداً للسيطرة الأمريكية على تفاصيل إدارة المرحلة المقبلة في غزة، في ظل غياب ترامب شخصياً عن المشهد التنفيذي".
ويرى العمور أن "إعلان تعيين جنرال أمريكي لإدارة المرحلة اللوجستية يشير إلى أنه سيكون عرّاباً لكافة العمليات الميدانية في قطاع غزة"، مشيراً إلى أن ذلك يعني أنه سيكون للولايات المتحدة دور عسكري ميداني واضح، يقابل دورها السياسي والدبلوماسي في إدارة الملف الفلسطيني.
من جهته، يرى المحلل السياسي أشرف عكة أن الولايات المتحدة باتت لاعباً مباشراً في ترتيبات الأوضاع الأمنية والسياسية في قطاع غزة، مشيراً إلى أن "لديها رؤية واضحة لإعادة بناء القطاع إدارياً ومدنياً ومجتمعياً، بما يعكس روح خطة الرئيس دونالد ترامب ضمن إطار القرار 2803".
وقال لـ"إرم نيوز": "التصريحات الأخيرة، التي سبقت الإعلان الرسمي عن مجلس السلام والإشادة به، وتأكيد أن عشرات الزعماء والدول سيشاركون فيه أو يسعون ليكونوا جزءاً منه، هي بمثابة إعلان سياسي صريح بأن واشنطن بصدد فرض رؤيتها على ترتيبات المرحلة الثانية في غزة".
وتابع: "هذه الرؤية تشمل تشكيل قوة سلام أو قوة دولية، وتحديد مهامها وطبيعتها، إلى جانب العلاقة المباشرة بين المكتب التنفيذي لمجلس السلام والإدارة المدنية الفلسطينية الانتقالية، التي ستشرف على إدارة القطاع في المرحلة المقبلة".
وأشار المحلل السياسي إلى أن "تعيين جنرال أمريكي لقيادة القوة الدولية في غزة يعني عملياً أن الولايات المتحدة تتخذ موقعاً قيادياً مباشراً في إدارة المرحلة المقبلة داخل القطاع".
وأوضح أن "طبيعة عمل مركز التنسيق العسكري-المدني المزمع إنشاؤه في غزة تعكس هذا الحضور الأمريكي، الذي لن يقتصر فقط على الدعم السياسي، بل سيتحول إلى قيادة ميدانية تشرف على تفاصيل دقيقة في الأمن والإدارة".
وبيّن أن "تشكيل القوة الدولية لن يكون بأعداد كبيرة، بل ستكون قوة محدودة المهام، يقتصر دورها على المراقبة، والفصل بين الأطراف، والدعم اللوجستي، إلى جانب الإشراف على إعادة بناء المؤسسات الأمنية الفلسطينية، وفق رؤية أمريكية واضحة".
ولفت إلى أن "الجنرال الأمريكي لن يكون خاضعاً لتأثير مباشر من طرفي الصراع فيما يتعلق بمهام ومسؤليات القوة الدولية، حماس أو إسرائيل، بل سيكون ملتزماً بخطة الرئيس ترامب وتوجهاته السياسية".
وأوضح أن "الدور الذي سيلعبه الجنرال المرشح يندرج ضمن مشروع أمريكي أوسع يهدف إلى تحويل غزة إلى نموذج للاستقرار، وتطبيقه في الضفة الغربية".